مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٨٦
والثاني يقول بتعارضهما كمتحدي التاريخ، لأن الأصل براءة المشتري فلا يلزمه إلا بيقين. (ولو مات) رجل (عن ابنين مسلم ونصراني فقال كل منهما مات على ديني) فأرثه، ولا بينة، (فإن عرف أنه كان نصرانيا صدق النصراني) بيمينه، لأن الأصل بقاء كفره والمسلم يدعي انتقاله عنه والأصل عدمه. (فإن أقاما بينتين مطلقتين) بما قالاه فلا تعارض، و (قدم المسلم) أي بينته على بينة النصراني، لأن مع بينته زيادة علم وهو انتقاله إلى الاسلام، والأخرى استصحبت الأصل، والناقلة أولى من المستصحبة. وهذا أصل يستعمل في ترجيح البينات، كما تقدم بينة الجرح على التعديل. (وإن قيدت) بينة المسلم (أن آخر كلامه إسلام وعكسته الأخرى) وهي بينة النصراني بأن قيدت بأن آخر كلامه النصرانية، (تعارضتا) لتناقضهما، إذ يستحيل موته عليهما فتسقطان وكأن لا بينة فيصدق النصراني بيمينه، لأن الأصل بقاء كفر الأب، وكذا لو قيدت بينة النصراني فقط. ويشترط في بينة النصراني بيان ما يحصل به التنصر كثالث ثلاثة، وفي اشتراط بيان بينة المسلم كلمة الاسلام وجهان، ونقل الأذرعي عن إيراد البندنيجي المنع ثم قال: ويظهر أن يكون الأصح الاشتراط سيما إذا لم يكن الشاهد من أهل العلم أو كان مخالفا للقاضي فيما يسلم به الكافر. (وإن) لم يعرف دينه أي الميت، (وأقام كل) منهما (بينة أنه مات على دينه تعارضتا) فكأنه لا بينة، وسواء أطلقتا أم قيدتا بمثل ما ذكر أم قيدة بينة النصراني فقط، وحينئذ فينظر إن كان المال في يد غيرهما فالقول قوله، وإن كان في يدهما فيحلف كل منهما لصاحبه ويجعل بينهما، وكذا إن كان في يد أحدهما على الأصح، إذ لا أثر لليد بعد اعتراف صاحب اليد بأنه كان للميت وأنه يأخذه إرثا.
تنبيه: هذا التعارض بالنسبة إلى الإرث خاصة، وأما بالنسبة للدفن وغيره فإنه يدفن في مقابر المسلمين ويصلى عليه ويقول المصلي: أصلي عليه إن كان مسلما، كما لو اختلط موتى المسلمين بموتى الكفار. (ولو مات نصراني عن ابنين مسلم ونصراني، فقال المسلم) أنا (أسلمت بعد موته فالميراث) مشترك (بيننا، فقال النصراني: بل) أسلمت (قبله) فلا ميراث لك بل هو لي، (صدق المسلم بيمينه) لأن الأصل استمراره على دينه، سواء اتفقا على وقت موت الأب أم أطلقا. (وإن أقاماهما) أي أقام كل منهما بينة بما قالاه، (قدم النصراني) أي النصراني بينته لأنها ناقلة وبينة المسلم مستصحبة لدينه فمع الأول زيادة علم.
تنبيه: محل تقديم بينة النصراني ما إذا لم تشهد بينة المسلم بأنها كانت تسمع تنصره إلى ما بعد الموت، وإلا فيتعارضان، وحينئذ يصدق المسلم بيمينه. قال البلقيني: ومحله أيضا إذا لم تشهد بينة المسلم بأنها علمت منه دين النصرانية حين موت أبيه وبعده وأنها لم تستصحب، فإن قالت ذلك قدمت بينة المسلم، لأنا لو قدمنا بينة النصراني للزم أن يكون مرتدا حالة موت أبيه والأصل عدم الردة. (فلو اتفقا على إسلام الابن في رمضان، وقال المسلم: مات الأب في شعبان) فالميراث بيننا، (وقال النصراني) بل مات (في شوال) فالميراث لي، ولا بينة (صدق النصراني) بيمينه، لأن الأصل بقاء الحياة. (وتقدم بينة المسلم) التي أقامها (على بينته) أي النصراني التي أقامها، لأن بينة المسلم ناقلة من الحياة إلى الموت في شعبان، والأخرى مستصحبة للحياة إلى شوال. نعم إن شهدت بينة النصراني بأنها عاينته حيا
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548