والثاني يقول بتعارضهما كمتحدي التاريخ، لأن الأصل براءة المشتري فلا يلزمه إلا بيقين. (ولو مات) رجل (عن ابنين مسلم ونصراني فقال كل منهما مات على ديني) فأرثه، ولا بينة، (فإن عرف أنه كان نصرانيا صدق النصراني) بيمينه، لأن الأصل بقاء كفره والمسلم يدعي انتقاله عنه والأصل عدمه. (فإن أقاما بينتين مطلقتين) بما قالاه فلا تعارض، و (قدم المسلم) أي بينته على بينة النصراني، لأن مع بينته زيادة علم وهو انتقاله إلى الاسلام، والأخرى استصحبت الأصل، والناقلة أولى من المستصحبة. وهذا أصل يستعمل في ترجيح البينات، كما تقدم بينة الجرح على التعديل. (وإن قيدت) بينة المسلم (أن آخر كلامه إسلام وعكسته الأخرى) وهي بينة النصراني بأن قيدت بأن آخر كلامه النصرانية، (تعارضتا) لتناقضهما، إذ يستحيل موته عليهما فتسقطان وكأن لا بينة فيصدق النصراني بيمينه، لأن الأصل بقاء كفر الأب، وكذا لو قيدت بينة النصراني فقط. ويشترط في بينة النصراني بيان ما يحصل به التنصر كثالث ثلاثة، وفي اشتراط بيان بينة المسلم كلمة الاسلام وجهان، ونقل الأذرعي عن إيراد البندنيجي المنع ثم قال: ويظهر أن يكون الأصح الاشتراط سيما إذا لم يكن الشاهد من أهل العلم أو كان مخالفا للقاضي فيما يسلم به الكافر. (وإن) لم يعرف دينه أي الميت، (وأقام كل) منهما (بينة أنه مات على دينه تعارضتا) فكأنه لا بينة، وسواء أطلقتا أم قيدتا بمثل ما ذكر أم قيدة بينة النصراني فقط، وحينئذ فينظر إن كان المال في يد غيرهما فالقول قوله، وإن كان في يدهما فيحلف كل منهما لصاحبه ويجعل بينهما، وكذا إن كان في يد أحدهما على الأصح، إذ لا أثر لليد بعد اعتراف صاحب اليد بأنه كان للميت وأنه يأخذه إرثا.
تنبيه: هذا التعارض بالنسبة إلى الإرث خاصة، وأما بالنسبة للدفن وغيره فإنه يدفن في مقابر المسلمين ويصلى عليه ويقول المصلي: أصلي عليه إن كان مسلما، كما لو اختلط موتى المسلمين بموتى الكفار. (ولو مات نصراني عن ابنين مسلم ونصراني، فقال المسلم) أنا (أسلمت بعد موته فالميراث) مشترك (بيننا، فقال النصراني: بل) أسلمت (قبله) فلا ميراث لك بل هو لي، (صدق المسلم بيمينه) لأن الأصل استمراره على دينه، سواء اتفقا على وقت موت الأب أم أطلقا. (وإن أقاماهما) أي أقام كل منهما بينة بما قالاه، (قدم النصراني) أي النصراني بينته لأنها ناقلة وبينة المسلم مستصحبة لدينه فمع الأول زيادة علم.
تنبيه: محل تقديم بينة النصراني ما إذا لم تشهد بينة المسلم بأنها كانت تسمع تنصره إلى ما بعد الموت، وإلا فيتعارضان، وحينئذ يصدق المسلم بيمينه. قال البلقيني: ومحله أيضا إذا لم تشهد بينة المسلم بأنها علمت منه دين النصرانية حين موت أبيه وبعده وأنها لم تستصحب، فإن قالت ذلك قدمت بينة المسلم، لأنا لو قدمنا بينة النصراني للزم أن يكون مرتدا حالة موت أبيه والأصل عدم الردة. (فلو اتفقا على إسلام الابن في رمضان، وقال المسلم: مات الأب في شعبان) فالميراث بيننا، (وقال النصراني) بل مات (في شوال) فالميراث لي، ولا بينة (صدق النصراني) بيمينه، لأن الأصل بقاء الحياة. (وتقدم بينة المسلم) التي أقامها (على بينته) أي النصراني التي أقامها، لأن بينة المسلم ناقلة من الحياة إلى الموت في شعبان، والأخرى مستصحبة للحياة إلى شوال. نعم إن شهدت بينة النصراني بأنها عاينته حيا