مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٥١
كأربعة (فالأداء فرض كفاية) عليهم لحصول الغرض بالبعض كالجهاد، فإذا قام بها اثنان منهم سقط الجرح عن الباقين، وإن امتنع الكل عصوا سواء طلبهم المدعي مجتمعين أم متفرقين، والمدعو أولا أعظمهم إثما لأنه متبوع في الامتناع كما لو أجاب أولا فإنه يكون أعظمهم أجرا. (فلو طلب) المدعي الأداء (من اثنين) منهم بأعيانهما، (لزمهما) ذلك (في الأصح) لئلا يفضي إلى التواكل. والثاني: لا، كالمتحمل. وفرق الأول بأنه هناك طلبهما لتحمل أمانة وهنا لأدائها. والخلاف جار فيما لو طلبه من واحد أيضا كما نقله في المطلب.
تنبيه: محل الخلاف كما قاله الإمام وأقراه ما إذا لم يعلم إباء الباقين وإلا فلا خلاف في اللزوم. وقضية كلام الروضة فيما إذا علمت رغبة غيرهما أنه لا خلاف في جواز الامتناع، نبه عليه الزركشي. (وإن لم يكن) في القضية (إلا واحد لزمه) الأداء (إن كان فيما) أي في حق يثبت بشاهد ويمين، هذا إذا كان القاضي المطلوب إليه يرى بذلك كما قيده الماوردي. وقد يقال إن هذا معلوم من قول المصنف: يثبت بشاهد ويمين. (وإلا) بأن لم يثبت الحق بذلك أو كان القاضي لا يرى ذلك، (فلا) يلزمه الأداء إذ لا فائدة فيه. ولو كان مع الشاهد امرأتان فالحكم فيهما كالحكم فيما ذكر، قاله الماوردي. ولما كان مقابل الأصح السابق مفصلا بينه بقوله: (وقيل لا يلزم الأداء إلا من) أي شاهد (تحمل قصدا لا اتفاقا) لأنه لم يوجد منه التزام. والأصح عدم الفرق لأنها أمانة حصلت عنده فلزمه أداؤها وإن لم يلتزمها كثوب طيرته الريح إلى داره.
تنبيه: محل الخلاف كما قاله الأذرعي فيما لا يقبل فيه شهادة الحسبة كالحقوق المالية دون ما فيه خطر، كما لو سمع من طلق امرأته ثم استفرشها، أو عفا عن قصاص ثم طلبه، فيلزمه الأداء جزما وإن لم يتحمله قصدا. (ولوجوب الأداء شروط) أحدها: (أن يدعى) الشاهد إليه (من مسافة العدوي) فأقل، وهي التي يتمكن المبكر إليها من الرجوع إلى أهله في يومه كما مر في الحاجة إلى الاثبات وتعذره، فلو دعي مما فوقها لم يجب للضرر وإمكان الاثبات بالشهادة على الشهادة، قال الأذرعي: هذا إذا دعاه المستحق أو الحاكم وليس في عمله، فإن دعاه الحاكم وهو في عمله أو الإمام الأعظم فيشبه أن يجب حضوره، وقد استحضر عمر رضي الله عنه الشهود من الكوفة إلى المدينة، وروي من الشام أيضا. قال شيخنا: وما قاله ظاهر في الإمام الأعظم دون غيره اه‍. ولعله أخذ ذلك من قصة عمر رضي الله تعالى عنه، ولا دليل فيه، إذ ليس فيها أن عمر أجبرهم على الحضور، فالمعتمد إطلاق الأصحاب. ومتى كان القاضي في البلد فالمسافة قريبة كما قطع به الشيخان وغيرهما.
تنبيه: قول المصنف: يدعى يقتضي أنه لا يجب عليه من غير دعاء ومحله في غير شهادة الحسبة. أما هي فالظاهر كما قال الأذرعي وغيره الوجوب مسارعة للنهي عن المنكر، إذ هو على الفور. (وقيل دون مسافة القصر) وهذا مزيد على الأول بما بين المسافتين، فإن دعي من مسافة القصر لم يجب عليه الحضور للأداء لبعدها. (و) الشرط الثاني: (أن يكون) المدعو (عدلا، فإن دعي ذو فسق مجمع عليه) كشارب خمر، ولا فرق فيه بين الظاهر للناس والخفي كما هو قضية كلام المصنف في عدم الوجوب. قال الأذرعي: وفي تحريم الأداء مع الفسق الخفي نظر لأنها شهادة بحق وإعانة عليه في نفس الامر. ولا إثم على القاضي إذا لم يقصر بل يتجه وجوب الأداء إذا كان فيه إنقاذ نفس أو عضو أو بعض، قال: وبه صرح الماوردي. (قيل: أو دعي ذو فسق (مختلف فيه) كشرب نبيذ، (لم يجب) عليه الأداء لما فيه من تعرض نفسه من إسقاط عدالته بما لا يراه مسقطا في اعتقاده. والأصح الوجوب وإن عهد من
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548