كأربعة (فالأداء فرض كفاية) عليهم لحصول الغرض بالبعض كالجهاد، فإذا قام بها اثنان منهم سقط الجرح عن الباقين، وإن امتنع الكل عصوا سواء طلبهم المدعي مجتمعين أم متفرقين، والمدعو أولا أعظمهم إثما لأنه متبوع في الامتناع كما لو أجاب أولا فإنه يكون أعظمهم أجرا. (فلو طلب) المدعي الأداء (من اثنين) منهم بأعيانهما، (لزمهما) ذلك (في الأصح) لئلا يفضي إلى التواكل. والثاني: لا، كالمتحمل. وفرق الأول بأنه هناك طلبهما لتحمل أمانة وهنا لأدائها. والخلاف جار فيما لو طلبه من واحد أيضا كما نقله في المطلب.
تنبيه: محل الخلاف كما قاله الإمام وأقراه ما إذا لم يعلم إباء الباقين وإلا فلا خلاف في اللزوم. وقضية كلام الروضة فيما إذا علمت رغبة غيرهما أنه لا خلاف في جواز الامتناع، نبه عليه الزركشي. (وإن لم يكن) في القضية (إلا واحد لزمه) الأداء (إن كان فيما) أي في حق يثبت بشاهد ويمين، هذا إذا كان القاضي المطلوب إليه يرى بذلك كما قيده الماوردي. وقد يقال إن هذا معلوم من قول المصنف: يثبت بشاهد ويمين. (وإلا) بأن لم يثبت الحق بذلك أو كان القاضي لا يرى ذلك، (فلا) يلزمه الأداء إذ لا فائدة فيه. ولو كان مع الشاهد امرأتان فالحكم فيهما كالحكم فيما ذكر، قاله الماوردي. ولما كان مقابل الأصح السابق مفصلا بينه بقوله: (وقيل لا يلزم الأداء إلا من) أي شاهد (تحمل قصدا لا اتفاقا) لأنه لم يوجد منه التزام. والأصح عدم الفرق لأنها أمانة حصلت عنده فلزمه أداؤها وإن لم يلتزمها كثوب طيرته الريح إلى داره.
تنبيه: محل الخلاف كما قاله الأذرعي فيما لا يقبل فيه شهادة الحسبة كالحقوق المالية دون ما فيه خطر، كما لو سمع من طلق امرأته ثم استفرشها، أو عفا عن قصاص ثم طلبه، فيلزمه الأداء جزما وإن لم يتحمله قصدا. (ولوجوب الأداء شروط) أحدها: (أن يدعى) الشاهد إليه (من مسافة العدوي) فأقل، وهي التي يتمكن المبكر إليها من الرجوع إلى أهله في يومه كما مر في الحاجة إلى الاثبات وتعذره، فلو دعي مما فوقها لم يجب للضرر وإمكان الاثبات بالشهادة على الشهادة، قال الأذرعي: هذا إذا دعاه المستحق أو الحاكم وليس في عمله، فإن دعاه الحاكم وهو في عمله أو الإمام الأعظم فيشبه أن يجب حضوره، وقد استحضر عمر رضي الله عنه الشهود من الكوفة إلى المدينة، وروي من الشام أيضا. قال شيخنا: وما قاله ظاهر في الإمام الأعظم دون غيره اه. ولعله أخذ ذلك من قصة عمر رضي الله تعالى عنه، ولا دليل فيه، إذ ليس فيها أن عمر أجبرهم على الحضور، فالمعتمد إطلاق الأصحاب. ومتى كان القاضي في البلد فالمسافة قريبة كما قطع به الشيخان وغيرهما.
تنبيه: قول المصنف: يدعى يقتضي أنه لا يجب عليه من غير دعاء ومحله في غير شهادة الحسبة. أما هي فالظاهر كما قال الأذرعي وغيره الوجوب مسارعة للنهي عن المنكر، إذ هو على الفور. (وقيل دون مسافة القصر) وهذا مزيد على الأول بما بين المسافتين، فإن دعي من مسافة القصر لم يجب عليه الحضور للأداء لبعدها. (و) الشرط الثاني: (أن يكون) المدعو (عدلا، فإن دعي ذو فسق مجمع عليه) كشارب خمر، ولا فرق فيه بين الظاهر للناس والخفي كما هو قضية كلام المصنف في عدم الوجوب. قال الأذرعي: وفي تحريم الأداء مع الفسق الخفي نظر لأنها شهادة بحق وإعانة عليه في نفس الامر. ولا إثم على القاضي إذا لم يقصر بل يتجه وجوب الأداء إذا كان فيه إنقاذ نفس أو عضو أو بعض، قال: وبه صرح الماوردي. (قيل: أو دعي ذو فسق (مختلف فيه) كشرب نبيذ، (لم يجب) عليه الأداء لما فيه من تعرض نفسه من إسقاط عدالته بما لا يراه مسقطا في اعتقاده. والأصح الوجوب وإن عهد من