في نصيبه وكذب الآخر شارك المكذب المصدق، فخرج بعضهم منه قولا هنا أن ما يأخذه الحالف يشارك فيه من لم يحلف لأن الإرث يثبت على الشيوع، وقطع الجمهور بالمنصوص هنا، وفرقوا بأن الثبوت هنا بشاهد ويمين، فلو أثبتنا الشركة لملكنا الشخص بيمين غيره وهناك الثبوت بإقرار المدعى عليه، ثم ترتب عليه إقرار المصدق بأنه إرث، وبأن الممتنع هنا قادر على الوصول إلى حقه بيمينه، فحيث لم يفعل صار كالتارك لحقه.
تنبيه: كلام المصنف يشعر بأن بعض الورثة يحلف على حصته من المال، وليس مرادا، بل يحلف على الجميع كما في أصل الروضة عن أبي الفرج، ثم قال: وفي كلام غيره إشعار بخلافه. (ويبطل حق من لم يحلف بنكوله) عن اليمين مع الشاهد، (إن حضر) في البلد بحيث يمكن تحليفه (وهو كامل) ببلوغ وعقل، حتى لو مات بعد نكوله لم يكن لوارثه أن يحلف مع ذلك الشاهد ولا مع شاهد آخر يقيمه. وهل له ضم شاهده إلى الأول ليحكم له بالبينة؟ فيه احتمالان للإمام جاريان فيما لو أقام مدع شاهدا معه في خصومة ثم مات وأقام وارثه شاهدا آخر يجوز أن يقال له البناء، ويجوز أن يقال عليه تجديد الدعوى وإقامة البينة الأولى؟ وقضية كلام الإمام الجزم بالأول. أما إذا مات قبل نكوله فلوارثه الحلف، قال الماوردي والإمام: إن لم يصدر من مورثه ما يبطل حقه ولا يجب إعادة الشهادة. (فإن كان) من لم يحلف (غائبا أو صبيا أو مجنونا فالمذهب أنه لا يقبض نصيبه) لأن الشافعي رضي الله تعالى عنه نص في المجنون على أنه يوقف نصيبه، وفي معناه الصبي والغائب. واختلف الأصحاب في معنى النص، فقال جمهورهم: أراد التوقف عن الحكم له إلى إفاقته فيحلف ويأخذ أو يمتنع فلا يعطى شيئا، وعلى هذا فلا ينزع من يد المدعى عليه. وقيل: أراد أنه يأخذ نصيبه من المدعى عليه ويوقف الدفع إليه على حلفه. (فإذا زال عذره) بأن حضر الغائب وبلغ الصبي وأفاق المجنون، (حلف وأخذ) حصته (بغير إعادة شهادة) واستئناف دعوى، لأن الدعوى والشاهد للميت قد وجدا بإقامة الكامل من الورثة خلافة عن الميت. وهذا بخلاف ما لو كانت الدعوى لا عن جهة الإرث، كما لو ادعى أنه أوصى له ولأخيه الغائب أو الصبي أو المجنون أو اشتريت أنا وأخي الغائب منك كذا وأقام شاهدا وحلف معه فإنه لا بد هناك من تجديد الدعوى والشهادة إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو قدم الغائب، ولا يؤخذ نصيب الصبي أو المجنون أو الغائب قطعا، لأن الدعوى في الميراث عن الميت وهو واحد، والوارث خليفته وفي غيره الحق لاشخاص، فلا يدعي ويقيم البينة لهم من غير إذن ولا ولاية. قالا: وينبغي أن يكون الحاضر الكامل الذي لم يشرع في الخصومة أو لم يشعر بالحال كالصبي ونحوه في بقاء حقه، بخلاف ما مر في الكامل.
تنبيه: محل ما ذكره المصنف من عدم الإعادة إذا لم يتغير حال الشاهد بما يقتضي رد شهادته، فإن تغير فوجهان، أوجههما كما رجحه الأذرعي المنع، لأن الحكم قد اتصل بشهادته دون الحالف. ومحل موضع عدم الحاجة إلى إعادة الشهادة في حالتي تغير الشاهد وعدمه كما قاله الزركشي: فيما إذا كان الأول قد ادعى بجميع الحق، أما لو كان قد ادعى بحصته فقط فلا بد من الإعادة. ثم شرع في بيان مستند علم الشاهد من البناء على اليقين والعلم، فقال: (ولا تجوز شهادة على فعل كزنا) وشرب خمر (وغصب وإتلاف وولادة) ورضاع واصطياد وإحياء وكون اليد على مال، (إلا بالابصار) له مع فاعله، لأنه يصل به إلى العلم واليقين فلا يكفي فيه السماع من الغير، قال تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) *، وقال (ص): على مثلها فاشهد. إلا أن من الحقوق ما اكتفى فيه بالظن المؤكد لتعذر اليقين فيه وتدعو الحاجة إلى إثباته، كالملك فإنه لا سبيل إلى معرفته يقينا، وكذلك العدالة والاعسار.
تنبيه: أورد البلقيني صورا يقبل فيها شهادة الأعمى على الفعل، الأولى: الزنا، إذا وضع يده على ذكر داخل في فرج امرأة أو دبر صبي مثلا فأمسكهما ولزمهما حتى شهد عند الحاكم بما عرفه بمقتضى وضع اليد فهذا أبلغ من