تنبيه: لو حذف المصنف صغير لكان أخصر، واستغنى عما قدرته (فإن جاء وقت نباتها بأن سقطت البواقي) من الأسنان (وعدن) أي نبتن (دونها) أي المقلوعة (وقال أهل البصر) أي الخبرة (فسد المنبت) بحيث لا يتوقع نباتها (وجب القصاص) فيها حينئذ لليأس من عودها. فإن قالوا: يتوقع نباتها إلى وقت كذا انتظر، فإن مضى الوقت ولم تعد وجب القصاص (ولا يستوفى له) أي للصغير (في صغره) بل ينتظر بلوغه ليستوفي لأن القصاص للتشفي، وإنما ذكر المصنف هذا وإن استغنى عنه بما سيأتي في قوله: وينتظر كمال صبيهم لأن ذاك في الوارث، وهذا في المستحق نفسه، فإن مات قبل بلوغه اقتص وارثه في الحال أو أخذ الأرش، وإن مات قبل حصول اليأس وقبل تبين الحال فلا قصاص لوارثه، وكذا لا دية على الأصح كما ذكره الشيخان في الديات.
تنبيه: سكت المصنف عما إذا نبتت سليمة لوضوحه فإنه لا قصاص فيها ولا دية، وإن نبتت سوداء أو معوجة أو بقي شين أو نبتت أطول مما كانت أو نبتت معها سن ثانية فحكومة، وإن نبتت أقصر مما كانت وجب تقدير أرش النقص من الأرش أو القصاص إن أمكن كما مر عن البلقيني (ولو قلع) مثغور (سن مثغور فنبتت) قبل أخذ مثلها من الجاني أو الأرش عنها (لم يسقط القصاص في الأظهر) لأن عودها نعمة جديدة من الله تعالى، إذ لم تجر العاد به كما لو التحمت الجائفة أو اندملت الموضحة أو نبتت اللسان، إذ لا يسقط بذلك دية ما ذكر، والثاني يسقط كالصغير إذا عاد سنه لأن ما عاد قام الأول فكأنه لم يسقط، وعلى القولين للمجني عليه أن يقتص أو يأخذ الأرش في الحال ولا ينتظر عودها، فإن نبتت بعد أخذ مثلها فليس للجاني قطعها ولا أخذ الأرش أو بعد أخذ الأرش فليس له استرداده.
تنبيه: في قلع سن المثغور النابتة القصاص، فإن قلعها منه الجاني وقد اقتص منه وجب عليه الأرش للقلع الثاني، لأن ما وجب فيه القصاص وهو سن الجاني قد فات، وإن كان قد أخذ أرشها للقلع الأول اقتص منه للقلع الثاني وأخذ منه الأرش، وإن لم يأخذ منه شيئا ولم يقتص لزمه قصاص وأرش أو أرشان بلا قصاص. وسكت المصنف عما لو قلع بالغ غير مثغور سن مثغور، وحكمه أن المجني عليه مخير بين الأرش والقصاص ولا أرش كما في أخذ اليد الشلاء بدل الصحيحة وانقطع طلبه بذلك، فلو عادت السن لم نقلع ثانيا، وخرج بالبالغ الصغير فإنه لا قصاص عليه، وعما لو قلع غير مثغور سن مثله، وحكمه أنه لا قصاص ولا دية في الحال لما مر، فإن نبتت سن المجني عليه فلا قصاص ولا دية وإن لم تنبت وقد دخل وقت نباتها اقتص من القالع أو أخذ منه الأرش، فإن اقتص ولم تعد سن الجاني فذاك وإن عادت كان له قلعها ثانيا ليفسد منبتها كما أفسد منبته. فإن قيل قياس ما مر في قلع غير المثغور سن المثغور أنها لا تقلع هنا ثانيا.
أجيب بأن القصاص ثم إنما توجه لسن مماثلة لسن المجني عليه وهي لم توجد بعد، فلما لم يصبر إلى وجودها وقلع الموجودة غير المماثلة سقط حقه كما في الشلاء، وهنا توجه إلى الموجودة لمماثلها المقلوعة، فإذا قلعها ولم يفسد منبتها قلع المعادة ليفسد منبتها كمنبت المجني عليه، وظاهر هذا التعليل أنها تقلع ثالثا، وهكذا حتى يفسد منبتها، وظاهر ما تقدم أنها إذا طلعت سن المثغور ثانيا أنها نعمة جديدة أنها لا تقلع، وهو الظاهر، ولذلك اقتصروا على القلع ثانيا (ولو نقصت يده) أي شخص (أصبعا) مثلا (فقطع) يدا (كاملة) أصابعها فإن شاء المجني عليه فله أخذ الأرش، وإن شاء (قطع) يد الجاني (وعليه) أي الجاني (أرش أصبع) لأنه قطع منه أصبعا لم يستوف قصاصها فيكون له أرشها، وعكس هذه الصورة (و) هو (لو قطع كامل) أصابع اليد يدا (ناقصة) أصبعا مثلا (فإن شاء المقطوع أخذ دية أصابعه الأربع، وإن شاء لقطها) لأنها داخلة في الجناية، ويمكن استيفاء