مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٧٦
الشرط هو الاسلام وغيره من المذكورات، وكذا ما بعدهما لا الشخص نفسه. أو أن يقول: مسلما مكلفا الخ بنصب الجميع على خبر كان المحذوفة كقوله فيما سبق: يشترط في الإمام كونه مسلما. (وهو) أي المجتهد (أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام) أي طريق الاجتهاد، ولا يشترط حفظ آياتها ولا أحاديثها المتعلقات بها عن ظهر قلب، وآي الأحكام كما ذكره البندنيجي والماوردي وغيرهما خمسمائة آية، وعن الماوردي أن عدد أحاديث الأحكام خمسمائة كعدد الآي. واعترض الأول بأن الأحكام كما تستنبط من الأوامر والنواهي تستنبط من القصص والمواعظ ونحوهما. والثاني: بأن غالب الأحاديث لا تكاد تخلو عن حكم شرعي، وأدب شرعي، وسياسة دينية، وكل ذلك أحكام شرعية. وأجيب عن ذلك بأن المراد التي هي محال النظر والاجتهاد والخفاء ونحو ذلك. واحترز المصنف بقوله:
ما يتعلق بالأحكام عن المواعظ والقصص. (و) يعرف (خاصه وعامه) بتذكير الضمير نظرا لما، والخاص خلاف العام الذي هو لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر. ويعرف العام الذي أريد به الخصوص، والخاص الذي أريد به العموم ومطلقه ومقيده (ومجمله) وهو ما لم تتضح دلالته، (ومبينه) وهو المتضح دلالته ويعرف نصه وظاهره، (وناسخه ومنسوخه) فيعرف ما نسخ لفظه وبقيت تلاوته وعكسه. ويعرف المتشابه والمحكم (ومتواتر السنة وغيره) أي الآحاد، لأن له أن يتمكن من الترجيح عند تعارض الأدلة، فيقدم الخاص على العام والمقيد على المطلق والمبين على المجمل والناسخ على المنسوخ والمتواتر على الآحاد.
تنبيه: أفرد المصنف الضمير حملا على لفظ ما، قال ابن برهان: ويشترط أن يعرف أسباب النزول، (و) يعرف (المتصل) من السنة (والمرسل) منها، وأريد به هنا غير المتصل، (وحال الرواة قوة وضعفا) بنصبهما على التمييز لأنه بذلك يتوصل إلى تقرير الأحكام.
تنبيه: إنما يشترط معرفة الرواة في حديث لم يجمع على قبوله، أما ما أجمع السلف على قبوله أو تواترت عدالة رواته فلا حاجة للبحث عن عدالتهم، وما عدا ذلك يكتفي في عدالة رواته بتعديل إمام مشهور عرف صحة مذهبه. قال في زيادة الروضة: هذا ما أطبق عليه جمهور الأصحاب، وشذ من شرط في التعديل اثنين اه‍. ولا بد مع العدالة من الضبط.
(و) يعرف (لسان العرب لغة ونحوا) بنصبهما أيضا على التمييز. وأراد بالنحو ما يشمل البناء والاعراب والتصريف لورود الشريعة به، ولان به يعرف عموم اللفظ وخصوصه وإطلاقه وتقييده وإجماله وبيانه وصيغ الأمر والنهي والخبر والاستفهام والوعد والوعيد والأسماء والافعال والحروف وما لا بد منه في فهم الكتاب والسنة. (و) يعرف (أقوال العلماء من الصحابة) رضي الله تعالى عنهم، (فمن بعدهم إجماعا واختلافا) لئلا يقع في حكم أجمعوا على خلافه.
تنبيه: قضية كلامه أنه يشترط معرفة جميع ذلك، وليس مرادا، بل يكفي أن يعرف في المسألة التي يفتي أو يحكم فيها أن قوله لا يخالف الاجماع فيها إما بعلمه بموافقة بعض المتقدمين، أو يغلب على ظنه أن تلك المسألة لم يتكلم فيها الأولون بل تولدت في عصره، وعلى هذا قياس معرفة الناسخ والمنسوخ كما نقلاه عن الغزالي وأقراه. (و) يعرف (القياس) صحيحه وفاسده (بأنواعه) الأولى والمساوي والأدون ليعمل بها، فالأول كقياس ضرب الوالدين على التأفيف، والثاني كقياس إحراق مال اليتيم على أكله في التحريم فيهما، والثالث كقياس التفاح على البر في باب الربا بجامع الطعم. ولا يشترط أن يكون متبحرا في كل نوع من هذه العلوم حتى يكون في النحو كسيبويه وفي اللغة كالخليل، بل يكفي معرفة جمل منها، قال ابن الصباغ: إن هذا سهل في هذا الزمان، فإن العلوم قد دونت وجمعت اه‍.
ويشترط أن يكون له من كتب الحديث أصل مصحح يجمع أحاديث غالب الأحكام كصحيح البخاري وسنن أبي داود.
ولا يشترط حفظه جميع القرآن ولا بعضه عن ظهر قلب، بل يكفي أن يعرف مظان أحكامه في أبوابها فيراجعها وقت الحاجة.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548