وثانيتهما أن يوكل المستحق في الاستيفاء فيستوفي زائدا. قال ابن شهبة: وفي الصورة الثانية نظر. (ولو أوضحه جمع) بتحاملهم على آلة واحدة جروها معا (أوضح من كل واحد) منهم موضحة (مثلها) إذ ما من جزء إلا وكل واحد جان عليه فأشبه ما إذا اشتركوا في قطع عضو (وقيل قسطه) منها لامكان التجزئة فتوزع عليهم، ويوضح من كل واحد بقدر حصته كإتلاف المال، بخلاف الطرف، وهذا الخلاف إنما هو احتمال للإمام.
تنبيه: قد يقتضي كلام المصنف ترجيح وجوب دية موضحة كاملة على كل واحد إذا آل الامر إلى الدية وهو الأقرب عند الإمام، وقطع البغوي بإيجاب القسط وصوبه البلقيني كقطع الطرف، والأوجه الأول كما جرى عليه في الأنوار لأن الموضحة تعدد بتعدد الفاعل، ولا كذلك الطرف. ووقع في الروضة عزو الأول إلى البغوي والثاني إلى الإمام ونسب للسهو، وقد ذكره الرافعي على الصواب. (ولا تقطع) يد أو رجل (صحيحة بشلاء) بالمد إن لم يسر القطع إلى النفس، والشلل بطلان العمل وإن لم يزل الحس والحركة كما رجحه ابن الرفعة (وإن رضي) به (الجاني) أو شلت يده أو رجله بعد الجناية وإن لم تفهمه عبارة المصنف لانتفاء المماثلة وقتها (فلو) خالف صاحب الشلاء و (فعل) القطع بغير إذن الجاني (لم يقع قصاصا) لأنه غير مستحق (بل عليه ديتها) وله حكومة يده الشلاء (فلو سرى) القطع (فعليه قصاص النفس) لتوفيتها بغير حق، وإن فعله بإذنه، فإن قال له اقطعها ولم يقل قصاصا فقطعها كان مستوفيا لحقه ولا شئ عليه، وإن مات الجاني بالسراية لاذنه له في القطع وإن قال اقطعها قصاصا فوجهان: أحدهما وهو الأوجه كما قطع به البغوي أن ذلك لا يقع قصاصا بل على المجني عليه نص الدية لأنه لم يستحق ما قطعه، وعلى الجاني الحكومة لأنه لم يبدل عضوه مجانا. والثاني يقع وكأن الجاني أدى الجيد عن الردئ وقبضه المستحق. أما إذا سرى القطع إلى النفس فإن الصحيحة تقطع بالشلاء كما ذكره الرافعي في الطرف الثالث، وكذا لو كانت النفس مستحقة الازهاق للمجني عليه فإن الصحيحة تؤخذ بالشلاء وعكسه وإن لم تنحسم العروق ويطرد ذلك فيما يعتبر فيه رعاية المماثلة في الأطراف فتؤخذ كاملة الأصابع بناقصتها أو فاقدتها كما في الرافعي في كيفية المماثلة (وتقطع الشلاء) من يد أو رجل بشلاء كما اقتضاه قوله: ولا تقطع صحيحة بشلاء، ولكن محله إذا استويا في الشلل، أو كان شلل الجاني أكثر ولم يخف نزف الدم، وإلا فلا تقطع، وتقطع أيضا (بالصحيحة) كما علم بالأولى، لأنها دون حقه (إلا أن يقول أهل الخبرة) أي عدلان منهم، وإن اقتضت عبارته أنه لا بد من جمع (لا ينقطع الدم) بل تنفتح أفواه العروق ولا تنسد بحسم النار ولا غيره فلا تقطع بها وإن رضي الجاني كما نص عليه في الام حذرا من استيفاء النفس بالطرف، فإن قالوا ينقطع الدم (و) الحال أنه (يقنع بها مستوفيها) بأن لا يطلب أرشا للشلل فيقطع حينئذ بالصحيحة لاستوائهما في الجرم وإن اختلفا في الصفة، لأن الصفة المجردة لا تقابل بمال، ولذا لو قتل الذمي بالمسلم أو العبد بالحر لم يجب لفضيلة الاسلام والحرية شئ، ويخالف ما لو نقصت يده أصبعا حيث تؤخذ ديتها، لأن الإصبع تفرد بالقصاص.
تنبيه: لو قدم قوله: ويقنع بها مستوفيها على قوله: إلا أن يقول إلخ لاستغنى عما قدرته، ولو قطع الأشل مثله ثم صح القاطع لم يقطع لوجود الزيادة عند الاستيفاء. فإن قيل: إنما تعتبر المماثلة عند الجناية، لا عند الاستيفاء بدليل أنه لو جنى ذمي على ذمي ثم أسلم الجاني فإنه يقتص منه. أجيب بأن المنافع إذا عادت يتبين أنها لم تزل، ففي الحقيقة ما اعتبرنا إلا حالة الجناية، ولو قطع سليم يد أو رجل أشل أو ناقصة أصبع ثم شلت بفتح الشين يده في الأولى ونقصت الإصبع في الثانية لم تقطع في الأولى كما مرت الإشارة إليه لانتفاء المماثلة عند الجناية، وتقطع في الثانية خلافا لابن المقري لأن القصاص قد تعلق بها بما عد الإصبع المذكورة عند الجناية. وقد قالوا: لو قطع كامل أصبع الوسطى من فاقد عليا تلك الإصبع ثم سقطت