مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٣
وثانيتهما أن يوكل المستحق في الاستيفاء فيستوفي زائدا. قال ابن شهبة: وفي الصورة الثانية نظر. (ولو أوضحه جمع) بتحاملهم على آلة واحدة جروها معا (أوضح من كل واحد) منهم موضحة (مثلها) إذ ما من جزء إلا وكل واحد جان عليه فأشبه ما إذا اشتركوا في قطع عضو (وقيل قسطه) منها لامكان التجزئة فتوزع عليهم، ويوضح من كل واحد بقدر حصته كإتلاف المال، بخلاف الطرف، وهذا الخلاف إنما هو احتمال للإمام.
تنبيه: قد يقتضي كلام المصنف ترجيح وجوب دية موضحة كاملة على كل واحد إذا آل الامر إلى الدية وهو الأقرب عند الإمام، وقطع البغوي بإيجاب القسط وصوبه البلقيني كقطع الطرف، والأوجه الأول كما جرى عليه في الأنوار لأن الموضحة تعدد بتعدد الفاعل، ولا كذلك الطرف. ووقع في الروضة عزو الأول إلى البغوي والثاني إلى الإمام ونسب للسهو، وقد ذكره الرافعي على الصواب. (ولا تقطع) يد أو رجل (صحيحة بشلاء) بالمد إن لم يسر القطع إلى النفس، والشلل بطلان العمل وإن لم يزل الحس والحركة كما رجحه ابن الرفعة (وإن رضي) به (الجاني) أو شلت يده أو رجله بعد الجناية وإن لم تفهمه عبارة المصنف لانتفاء المماثلة وقتها (فلو) خالف صاحب الشلاء و (فعل) القطع بغير إذن الجاني (لم يقع قصاصا) لأنه غير مستحق (بل عليه ديتها) وله حكومة يده الشلاء (فلو سرى) القطع (فعليه قصاص النفس) لتوفيتها بغير حق، وإن فعله بإذنه، فإن قال له اقطعها ولم يقل قصاصا فقطعها كان مستوفيا لحقه ولا شئ عليه، وإن مات الجاني بالسراية لاذنه له في القطع وإن قال اقطعها قصاصا فوجهان: أحدهما وهو الأوجه كما قطع به البغوي أن ذلك لا يقع قصاصا بل على المجني عليه نص الدية لأنه لم يستحق ما قطعه، وعلى الجاني الحكومة لأنه لم يبدل عضوه مجانا. والثاني يقع وكأن الجاني أدى الجيد عن الردئ وقبضه المستحق. أما إذا سرى القطع إلى النفس فإن الصحيحة تقطع بالشلاء كما ذكره الرافعي في الطرف الثالث، وكذا لو كانت النفس مستحقة الازهاق للمجني عليه فإن الصحيحة تؤخذ بالشلاء وعكسه وإن لم تنحسم العروق ويطرد ذلك فيما يعتبر فيه رعاية المماثلة في الأطراف فتؤخذ كاملة الأصابع بناقصتها أو فاقدتها كما في الرافعي في كيفية المماثلة (وتقطع الشلاء) من يد أو رجل بشلاء كما اقتضاه قوله: ولا تقطع صحيحة بشلاء، ولكن محله إذا استويا في الشلل، أو كان شلل الجاني أكثر ولم يخف نزف الدم، وإلا فلا تقطع، وتقطع أيضا (بالصحيحة) كما علم بالأولى، لأنها دون حقه (إلا أن يقول أهل الخبرة) أي عدلان منهم، وإن اقتضت عبارته أنه لا بد من جمع (لا ينقطع الدم) بل تنفتح أفواه العروق ولا تنسد بحسم النار ولا غيره فلا تقطع بها وإن رضي الجاني كما نص عليه في الام حذرا من استيفاء النفس بالطرف، فإن قالوا ينقطع الدم (و) الحال أنه (يقنع بها مستوفيها) بأن لا يطلب أرشا للشلل فيقطع حينئذ بالصحيحة لاستوائهما في الجرم وإن اختلفا في الصفة، لأن الصفة المجردة لا تقابل بمال، ولذا لو قتل الذمي بالمسلم أو العبد بالحر لم يجب لفضيلة الاسلام والحرية شئ، ويخالف ما لو نقصت يده أصبعا حيث تؤخذ ديتها، لأن الإصبع تفرد بالقصاص.
تنبيه: لو قدم قوله: ويقنع بها مستوفيها على قوله: إلا أن يقول إلخ لاستغنى عما قدرته، ولو قطع الأشل مثله ثم صح القاطع لم يقطع لوجود الزيادة عند الاستيفاء. فإن قيل: إنما تعتبر المماثلة عند الجناية، لا عند الاستيفاء بدليل أنه لو جنى ذمي على ذمي ثم أسلم الجاني فإنه يقتص منه. أجيب بأن المنافع إذا عادت يتبين أنها لم تزل، ففي الحقيقة ما اعتبرنا إلا حالة الجناية، ولو قطع سليم يد أو رجل أشل أو ناقصة أصبع ثم شلت بفتح الشين يده في الأولى ونقصت الإصبع في الثانية لم تقطع في الأولى كما مرت الإشارة إليه لانتفاء المماثلة عند الجناية، وتقطع في الثانية خلافا لابن المقري لأن القصاص قد تعلق بها بما عد الإصبع المذكورة عند الجناية. وقد قالوا: لو قطع كامل أصبع الوسطى من فاقد عليا تلك الإصبع ثم سقطت
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548