مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٥٨
تنبيه: سكت المصنف عن نذر المكروه كصوم الدهر غير العيد والتشريق لمن خاف به ضررا أو فوت حق هل ينعقد أو لا. قال في المجموع: ينعقد ويلزم الوفاء به بلا خلاف. قال الزركشي: وليس كما قال بل كلام المتولي يفهم عدم الانعقاد، وأشار إليه الرافعي تفقها لأن النذر تقرب، والمكروه لا يتقرب به، وهذا هو المختار اه‍. وهذا ظاهر لأن المباح لا ينعقد، فالمكروه بطريق الأولى، أما إذا لم يخف به فوت حق ولا ضرر عليه فينعقد، فإذا نذر صوما بعده لم ينعقد لأن الزمن مستحق لغيره، ويستثنى من صحة نذر صوم الدهر رمضان أداء وقضاء والعيدان وأيام التشريق والحيض والنفاس وكفارة تقدمت نذره، فإن تأخرت عنه صام عنها وفدى عن النذر، ويقضي فائت رمضان، ثم إن كان فواته بلا عذر فدى عن صوم النذر قضاء ما يفطره من الدهر، فإن أفطر فيه، فإن كان لعذر كسفر ومرض فلا فدية عليه، وإن كان سفر نزهة وإلا وجبت الفدية عليه لتقصيره، ولو أراد وليه الصوم عنه حيا لم يصح، سواء أكان برا أم لا عجز أم لا على المعتمد، ولو منع المرأة زوجها من صوم الدهر المنذور بحق سقط الصوم عنها ولا فدية أو بغير حق فلا يسقط الصوم عنها وعليها الفدية إن لم تصم، وإن أذن لها فيه فلم تصم تعديا فدت.
فروع: لا ينعقد نذر صوم يوم الشك ولا الصلاة في الأوقات المكروهة في غير حرم مكة، وإن صح فعل المنذور فيهما، ولا نذر التيمم لأنه إنما يؤتى به عند الضرورة، ويؤخذ من ذلك أنه إذا كان لغير ضرورة كالتيمم عن الغسل المندوب أنه يصح، ولا يصح نذر الغسل لكل صلاة بناء على الأصح من أنه لا يسن تجديده وإن نذر الوضوء صح وحمل على التجديد المشروع، وهو أن يكون صلى بالأول صلاة ما، وإن نذر لكل صلاة لزمه، ويكفيه في خروجه عن عهد نذره وضوء الحدث كما مرت الإشارة إليه، ولو نذر صوم رمضان في السفر انعقد إن لم يتضرر به وإلا فلا، أو نذر القيام في الفرض في المرض إن تضرر بذلك لم ينعقد وإلا انعقد أو نذر القيام في النفل عند عدم الضرر انعقد. ولو نذر الصوم، وشرط أن لا يفطر في المرض لم يلزمه الوفاء به في المر ض، لأن الواجب بالنذر لا يزيد على الواجب بالشرع، وإن نذر أن لا يفر من جماعة من الكفار وقدر على مقاومتهم انعقد نذره وإلا فلا، ويشترط في انعقاد نذر القربة المالية كالصدقة والأضحية الالتزام لها في الذمة أو الإضافة إلى معين يملكه كلله علي أن أتصدق بدينار أو بهذا الدينار، بخلاف ما لو أضاف إلى معين يملكه غيره كلله علي أن أعتق عبد فلان لخبر مسلم السابق أول الباب، وإن قال: إن ملكت عبدا، أو إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق عبدا، أو إن ملكته، أو لله علي أن أشتري عبدا وأعتقه، أو فعبدي حر إن دخل الدار انعقد نذره، لأنه في غير الأخيرة التزم قربه في مقابلة نعمة، وفي الأخيرة مالك للعبد. وقد علقه بصفتين الشفاء والدخول، وهي مستثناة مما يعتبر فيه علي. ولو قال: إن ملكت عبدا أو إن شفى الله مريضي وملكت عبدا فهو حر لم ينعقد نذره. لأنه لم يلتزم التقرب بقربة، بل علق الحرية بشرط وليس هو مالكا. قال البلقيني: فلغا. ولو قال: إن ملكت أو شفى الله مريضي وملكت هذا العبد فلله علي أن أعتقه أو فهو حر انعقد نذره في الأولى دون الثانية بشقيها، ولو نذر الإمام أن يستسقي للناس لزمه الخروج بهم في زمن الجدب، وأن يؤمهم في صلاة الاستسقاء، ويخطب بهم، لأن ذلك هو المفهوم منه، وإن نذر أن يستسقي غير الإمام لزمه صلاة الاستسقاء، ولو منفردا، فإن نذر الاستسقاء بالناس لم ينعقد نذره لأنهم لا يطيعونه، كذا في الروضة عن البغوي، وعبارة الجرجاني عن النص لو نذر غير الإمام أن يستسقي مع الناس كان عليه أن يخرج بنفسه ولم يكن عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم وهذا لا يخالف ما مر، فقولهم: لم ينعقد نذره، أي بالنسبة لاستسقائه بالناس، وإن نذر أن يخطب وهو من أهل الخطبة انعقد نذره ولزمه القيام فيها كما في الصلاة المنذورة كما نقله في الروضة عن البغوي وأقره وإن نازع في ذلك الأذرعي. (ولو نذر) كسوة يتيم لم يجز كسوة يتيم ذمي، لأن مطلق اليتيم في الشرع للمسلم، أو نذر (صوم أيام) معدودة معينة (ندب تعجيلها) مسارعة إلى براءة الذمة.
تنبيه: محل ندب ذلك، ما إذا لم يكن عليه صوم كفارة سبقت النذر، وهي على التراخي، فإنه كما قال
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548