تنبيه: سكت المصنف عن نذر المكروه كصوم الدهر غير العيد والتشريق لمن خاف به ضررا أو فوت حق هل ينعقد أو لا. قال في المجموع: ينعقد ويلزم الوفاء به بلا خلاف. قال الزركشي: وليس كما قال بل كلام المتولي يفهم عدم الانعقاد، وأشار إليه الرافعي تفقها لأن النذر تقرب، والمكروه لا يتقرب به، وهذا هو المختار اه. وهذا ظاهر لأن المباح لا ينعقد، فالمكروه بطريق الأولى، أما إذا لم يخف به فوت حق ولا ضرر عليه فينعقد، فإذا نذر صوما بعده لم ينعقد لأن الزمن مستحق لغيره، ويستثنى من صحة نذر صوم الدهر رمضان أداء وقضاء والعيدان وأيام التشريق والحيض والنفاس وكفارة تقدمت نذره، فإن تأخرت عنه صام عنها وفدى عن النذر، ويقضي فائت رمضان، ثم إن كان فواته بلا عذر فدى عن صوم النذر قضاء ما يفطره من الدهر، فإن أفطر فيه، فإن كان لعذر كسفر ومرض فلا فدية عليه، وإن كان سفر نزهة وإلا وجبت الفدية عليه لتقصيره، ولو أراد وليه الصوم عنه حيا لم يصح، سواء أكان برا أم لا عجز أم لا على المعتمد، ولو منع المرأة زوجها من صوم الدهر المنذور بحق سقط الصوم عنها ولا فدية أو بغير حق فلا يسقط الصوم عنها وعليها الفدية إن لم تصم، وإن أذن لها فيه فلم تصم تعديا فدت.
فروع: لا ينعقد نذر صوم يوم الشك ولا الصلاة في الأوقات المكروهة في غير حرم مكة، وإن صح فعل المنذور فيهما، ولا نذر التيمم لأنه إنما يؤتى به عند الضرورة، ويؤخذ من ذلك أنه إذا كان لغير ضرورة كالتيمم عن الغسل المندوب أنه يصح، ولا يصح نذر الغسل لكل صلاة بناء على الأصح من أنه لا يسن تجديده وإن نذر الوضوء صح وحمل على التجديد المشروع، وهو أن يكون صلى بالأول صلاة ما، وإن نذر لكل صلاة لزمه، ويكفيه في خروجه عن عهد نذره وضوء الحدث كما مرت الإشارة إليه، ولو نذر صوم رمضان في السفر انعقد إن لم يتضرر به وإلا فلا، أو نذر القيام في الفرض في المرض إن تضرر بذلك لم ينعقد وإلا انعقد أو نذر القيام في النفل عند عدم الضرر انعقد. ولو نذر الصوم، وشرط أن لا يفطر في المرض لم يلزمه الوفاء به في المر ض، لأن الواجب بالنذر لا يزيد على الواجب بالشرع، وإن نذر أن لا يفر من جماعة من الكفار وقدر على مقاومتهم انعقد نذره وإلا فلا، ويشترط في انعقاد نذر القربة المالية كالصدقة والأضحية الالتزام لها في الذمة أو الإضافة إلى معين يملكه كلله علي أن أتصدق بدينار أو بهذا الدينار، بخلاف ما لو أضاف إلى معين يملكه غيره كلله علي أن أعتق عبد فلان لخبر مسلم السابق أول الباب، وإن قال: إن ملكت عبدا، أو إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق عبدا، أو إن ملكته، أو لله علي أن أشتري عبدا وأعتقه، أو فعبدي حر إن دخل الدار انعقد نذره، لأنه في غير الأخيرة التزم قربه في مقابلة نعمة، وفي الأخيرة مالك للعبد. وقد علقه بصفتين الشفاء والدخول، وهي مستثناة مما يعتبر فيه علي. ولو قال: إن ملكت عبدا أو إن شفى الله مريضي وملكت عبدا فهو حر لم ينعقد نذره. لأنه لم يلتزم التقرب بقربة، بل علق الحرية بشرط وليس هو مالكا. قال البلقيني: فلغا. ولو قال: إن ملكت أو شفى الله مريضي وملكت هذا العبد فلله علي أن أعتقه أو فهو حر انعقد نذره في الأولى دون الثانية بشقيها، ولو نذر الإمام أن يستسقي للناس لزمه الخروج بهم في زمن الجدب، وأن يؤمهم في صلاة الاستسقاء، ويخطب بهم، لأن ذلك هو المفهوم منه، وإن نذر أن يستسقي غير الإمام لزمه صلاة الاستسقاء، ولو منفردا، فإن نذر الاستسقاء بالناس لم ينعقد نذره لأنهم لا يطيعونه، كذا في الروضة عن البغوي، وعبارة الجرجاني عن النص لو نذر غير الإمام أن يستسقي مع الناس كان عليه أن يخرج بنفسه ولم يكن عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم وهذا لا يخالف ما مر، فقولهم: لم ينعقد نذره، أي بالنسبة لاستسقائه بالناس، وإن نذر أن يخطب وهو من أهل الخطبة انعقد نذره ولزمه القيام فيها كما في الصلاة المنذورة كما نقله في الروضة عن البغوي وأقره وإن نازع في ذلك الأذرعي. (ولو نذر) كسوة يتيم لم يجز كسوة يتيم ذمي، لأن مطلق اليتيم في الشرع للمسلم، أو نذر (صوم أيام) معدودة معينة (ندب تعجيلها) مسارعة إلى براءة الذمة.
تنبيه: محل ندب ذلك، ما إذا لم يكن عليه صوم كفارة سبقت النذر، وهي على التراخي، فإنه كما قال