مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٢
تنبيه: قضية توجيه الثاني أنه لو قصد قتل نفسه ليستريح من الألم مثلا كان شريك قاتل نفسه قطعا وهو كذلك، واحترز بقوله وعلم حاله عما إذا لم يعلم فلا قصاص جزما، لأنه شريك مخطئ، ولو خاط المجروح جرحه في لحم حي ولو تداويا خياطة تقتل غالبا، ففي القصاص الطريقان، بخلاف ما لو خاطه في لحم ميت فإنه لا أثر له ولا للجلد كما فهم بالأولى لعدم الايلاء المهلك فعلى الجارح القصاص أو كمال الدية، ولو خاطه غيره بلا أمر منه اقتص منه ومن الجارح وإن كان الغير إماما لتعديه مع الجارح، فإن خاطه الإمام لصبي أو مجنون لمصلحة فلا قصا ص عليه، بل تجب دية مغلظة على عاقلته نصفها ونصفها الآخر في مال الجارح ولا قصاص عليه، ولو قصد المجروح أو غيره الخياطة في لحم ميت فوقع في لحم حي فالجارح شريك مخطئ، وكذا لو قصد الخياطة في الجلد فوقع في اللحم، والكي فيما ذكر كالخياطة فيه، ولا أثر لدواء لا يضر، ولا اعتبار بما على المجروح من قروح، ولا بما به من مرض وضنى. قال الرافعي: لأن ذلك لا يضاف إلى أحد، ولا يدخل تحت الاختيار. (ولو) ضربوه بسياط مثلا (فقتلوه وضرب كل واحد) منهم لو انفرد (غير قاتل ففي القصاص عليهم أوجه) أحدها يجب على الجميع القصاص كيلا يصير ذريعة إلى القتل. والثاني لا يجب على واحد منهم لأن فعل كل واحد شبه عمد والثالث وهو (أصحها يجب) عليهم (إن تواطؤوا) أي اتفقوا على ضربه تلك الضربات وكان ضرب كل واحد يؤثر في الزهوق بخلاف ما إذا وقع اتفاقا، بل تجب عليهم الدية باعتبار عدد الضربات لأنها تلاقي ظاهر البدن فلا يعظم فيها التفاوت بخلاف الجراحات ويخالف الجراحات حيث لا يعتبر فيها التواطؤ، لأن نفس الجرح يقصد به الاهلاك، بخلاف الضرب بالسوط، واحترز بقوله: وضرب كل واحد غير قاتل عما لو كان قاتلا فإن عليهم القصاص مطلقا، ولو ضربه واحد ضربا يقتل كأن ضربه خمسين سوطا ثم ضربه الآخر سوطين أو ثلاثة حال الألم من ضرب الأول عالما بضربه اقتص منهما لظهور قصد الاهلاك منهما، أو جاهلا به فلا قصاص على واحد منهما لأنه لم يظهر قصد الاهلاك من الثاني والأول شريك، فعلى الأول حصة ضربه من دية العمد، وعلى الثاني حصة ضربه من دية شبهه وإن ضرباه بالعكس فلا قصاص على واحد منهما، لأن ضرب الأول شبه عمد والثاني شريكه، بل يجب على الأول حصة ضربه من دية شبه العمد، والثاني حصة ضربه من دية العمد (ومن قتل جمعا) أو قطع أطرافهم مثلا (مرتبا قتل) أو قطع (بأولهم) إن لم يعف لسبق حقه.
تنبيه: شمل كلامه ما إذا كان القاتل حرا أو عبدا وهو كذلك. وقيل: إن كان عبدا قتل بجميعهم، فإن عفا الأول قتل بالثاني وهكذا، والاعتبار في التقديم والتأخير بوقت الموت لا بوقت الجناية. (أو معا) أي دفعة كأن جرحهم أو هدم عليهم جدارا فماتوا في وقت واحد أو أشكل أمر المعية والترتيب أو علم سبق ولم يعلم عين السابق فبالقرعة وجوبا.
وقيل: ندبا قطعا للنزاع فمن خرجت قرعته قتل أو قطع به، وليس لولي الثاني أن يجبر ولي الأول على المبادرة إلى القصاص أو العفو بل حقه على التراخي (وللباقين) من المستحقين (الديات) لتعذر القصاص عليهم كما لو مات الجاني، فإن اتسعت التركة لجميعهم فذاك وإلا قسمت بين الجميع بحسب استحقاقهم.
تنبيه: قضية كلامه تعين القرعة، وليس مرادا بل لو تراضوا بتقديم واحد بلا قرعة جاز إذ الحق لا يعدوهم، فإن بدا لهم ردوا إليها قاله الإمام وأقراه، ولو طلبوا الاشتراك في القصاص والديات لم يجابوا لذلك، ولو كان ولي القاتل الأول أو بعض أولياء القتلى صبيا أو مجنونا أو غائبا حبس القاتل إلى بلوغه وإفاقته وقدومه. (قلت) كما قال الرافعي في الشرح (فلو قتله غير الأول) من المستحقين في الأولى أو غيره من خرجت قرعته منهم في الثانية (عصى) لأنه قتل نفسا منع من قتلها وعزر لابطال حق غيره (ووقع) قتله (قصاصا) لأن حقه يتعلق به بدليل ما لو عفا الأول فإنه ينتقل إلى من بعده (وللأول) أو من خرجت قرعته (دية) يعني وللباقين الديات (والله أعلم) لتعذر
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548