تنبيه: قضية توجيه الثاني أنه لو قصد قتل نفسه ليستريح من الألم مثلا كان شريك قاتل نفسه قطعا وهو كذلك، واحترز بقوله وعلم حاله عما إذا لم يعلم فلا قصاص جزما، لأنه شريك مخطئ، ولو خاط المجروح جرحه في لحم حي ولو تداويا خياطة تقتل غالبا، ففي القصاص الطريقان، بخلاف ما لو خاطه في لحم ميت فإنه لا أثر له ولا للجلد كما فهم بالأولى لعدم الايلاء المهلك فعلى الجارح القصاص أو كمال الدية، ولو خاطه غيره بلا أمر منه اقتص منه ومن الجارح وإن كان الغير إماما لتعديه مع الجارح، فإن خاطه الإمام لصبي أو مجنون لمصلحة فلا قصا ص عليه، بل تجب دية مغلظة على عاقلته نصفها ونصفها الآخر في مال الجارح ولا قصاص عليه، ولو قصد المجروح أو غيره الخياطة في لحم ميت فوقع في لحم حي فالجارح شريك مخطئ، وكذا لو قصد الخياطة في الجلد فوقع في اللحم، والكي فيما ذكر كالخياطة فيه، ولا أثر لدواء لا يضر، ولا اعتبار بما على المجروح من قروح، ولا بما به من مرض وضنى. قال الرافعي: لأن ذلك لا يضاف إلى أحد، ولا يدخل تحت الاختيار. (ولو) ضربوه بسياط مثلا (فقتلوه وضرب كل واحد) منهم لو انفرد (غير قاتل ففي القصاص عليهم أوجه) أحدها يجب على الجميع القصاص كيلا يصير ذريعة إلى القتل. والثاني لا يجب على واحد منهم لأن فعل كل واحد شبه عمد والثالث وهو (أصحها يجب) عليهم (إن تواطؤوا) أي اتفقوا على ضربه تلك الضربات وكان ضرب كل واحد يؤثر في الزهوق بخلاف ما إذا وقع اتفاقا، بل تجب عليهم الدية باعتبار عدد الضربات لأنها تلاقي ظاهر البدن فلا يعظم فيها التفاوت بخلاف الجراحات ويخالف الجراحات حيث لا يعتبر فيها التواطؤ، لأن نفس الجرح يقصد به الاهلاك، بخلاف الضرب بالسوط، واحترز بقوله: وضرب كل واحد غير قاتل عما لو كان قاتلا فإن عليهم القصاص مطلقا، ولو ضربه واحد ضربا يقتل كأن ضربه خمسين سوطا ثم ضربه الآخر سوطين أو ثلاثة حال الألم من ضرب الأول عالما بضربه اقتص منهما لظهور قصد الاهلاك منهما، أو جاهلا به فلا قصاص على واحد منهما لأنه لم يظهر قصد الاهلاك من الثاني والأول شريك، فعلى الأول حصة ضربه من دية العمد، وعلى الثاني حصة ضربه من دية شبهه وإن ضرباه بالعكس فلا قصاص على واحد منهما، لأن ضرب الأول شبه عمد والثاني شريكه، بل يجب على الأول حصة ضربه من دية شبه العمد، والثاني حصة ضربه من دية العمد (ومن قتل جمعا) أو قطع أطرافهم مثلا (مرتبا قتل) أو قطع (بأولهم) إن لم يعف لسبق حقه.
تنبيه: شمل كلامه ما إذا كان القاتل حرا أو عبدا وهو كذلك. وقيل: إن كان عبدا قتل بجميعهم، فإن عفا الأول قتل بالثاني وهكذا، والاعتبار في التقديم والتأخير بوقت الموت لا بوقت الجناية. (أو معا) أي دفعة كأن جرحهم أو هدم عليهم جدارا فماتوا في وقت واحد أو أشكل أمر المعية والترتيب أو علم سبق ولم يعلم عين السابق فبالقرعة وجوبا.
وقيل: ندبا قطعا للنزاع فمن خرجت قرعته قتل أو قطع به، وليس لولي الثاني أن يجبر ولي الأول على المبادرة إلى القصاص أو العفو بل حقه على التراخي (وللباقين) من المستحقين (الديات) لتعذر القصاص عليهم كما لو مات الجاني، فإن اتسعت التركة لجميعهم فذاك وإلا قسمت بين الجميع بحسب استحقاقهم.
تنبيه: قضية كلامه تعين القرعة، وليس مرادا بل لو تراضوا بتقديم واحد بلا قرعة جاز إذ الحق لا يعدوهم، فإن بدا لهم ردوا إليها قاله الإمام وأقراه، ولو طلبوا الاشتراك في القصاص والديات لم يجابوا لذلك، ولو كان ولي القاتل الأول أو بعض أولياء القتلى صبيا أو مجنونا أو غائبا حبس القاتل إلى بلوغه وإفاقته وقدومه. (قلت) كما قال الرافعي في الشرح (فلو قتله غير الأول) من المستحقين في الأولى أو غيره من خرجت قرعته منهم في الثانية (عصى) لأنه قتل نفسا منع من قتلها وعزر لابطال حق غيره (ووقع) قتله (قصاصا) لأن حقه يتعلق به بدليل ما لو عفا الأول فإنه ينتقل إلى من بعده (وللأول) أو من خرجت قرعته (دية) يعني وللباقين الديات (والله أعلم) لتعذر