مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦١
على مدة السياحة، وقد قال تعالى * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * وهو عام إلا ما خص لدليل وهو أربعة أشهر.
والثاني يجوز لنقصها عن مدة الجزية، والأول نظر إلى مفهوم الآية.
تنبيه: محل ذلك كما قال الماوردي في النفوس، أما أموالهم فيجوز العقد عليها مؤبدا، وهل يجوز ذلك في الدية؟ فيه وجهان: أوجههما الجواز. واستثنى البلقيني المهادنة مع النساء فإنها تجوز من غير تقييد بمدة. (ولضعف تجوز عشر سنين) فما دونها بحسب الحاجة (فقط) فيمتنع أكثر منها، لأن هذا غاية مدة الهدنة، ولا يجوز الوصول إليها إلا عند الاحتياج لها لأنه صلى الله عليه وسلم هادن قريشا في الحديبية هذه المدة رواه أبو داود. وكان ذلك قبل أن يقوى الاسلام.
تنبيه: محل المنع إذا جرى ذلك في عقد واحد، فإن جرى في عقود متفرقة جاز بشرط أن لا يزيد كل عقد على عشر كما جزم به الفوراني وغيره، قال ابن الرفعة. قال الأذرعي: وعبارة الروضة ولا تجوز الزيادة على العشر، لكن إن انقضت المدة والحاجة باقية استؤنف العقد، وهذا صحيح. وأما استئناف عقد إثر عقد كما قاله الفوراني فغريب لا أحسب الأصحاب يوافقون عليه أصلا. انتهى. وهذا ظاهر، وإذا عقد لهم هذه المدة ثم استقوينا قبل فراغها تمت لهم عملا بالعقد. (ومتى زاد) الإمام أو نائبه في عقدها (على) القدر (الجائز) فيها بحسب الحاجة بأن زاد في حال قوتنا على أربعة أشهر، أو حال ضعفنا على عشر سنين (فقولا تفريق الصفقة) في عقدها لأنه جمع في العقد الواحد بين ما يجوز العقد عليه وما لا يجوز أظهرهما يبطل في الزائف فقط (وإطلاق العهد) عن ذكر لمدة فيه (يفسده) أي عقد الهدنة لاقتضائه التأبيد وهو ممتنع لمنافاة مقصوده المصلحة. ثم شرع في الشرط الرابع بقوله: (وكذا شرط) أي يشترط خلو عقد الهدنة من كل شرط فاسد (على الصحيح) المنصوص (بأن شرط منع فك أسرانا) منهم (أو ترك مالنا) الذي استولوا عليه. قال الزركشي بحثا: أو مال ذمي (لهم أو لتعقد لهم) أي لكل واحد منهم (ذمة بدون دينار، أو) لتعقد لهم ذمة (بدفع مال إليهم) ولم تدع ضرورة إليه فهو معطوف على بدون، وأشعر كلامه انحصار الشرط الفاسد فيما ذكره، وليس مرادا، فمنه ما إذا شرط أن يقيموا بالحجاز، أو يدخلوا الحرم أو يظهروا الخمور في دارنا، أو نحو ذلك من الشروط الفاسدة، فلو أتى المصنف بكاف التشبيه كما في المحرر كان أولى. والأصل في منع ما ذكر قوله تعالى * (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون) * وفي اشتراط ذلك إهانة ينبو الاسلام عنها. أما إذا دعت الضرورة إلى دفعه بأن كانوا يعذبون الاسرى ففديناهم، أو أحاطوا بنا وخفنا الاصطلام فيجوز الدفع، بل يجب عن الأصح في زوائد الروضة. قال الأسنوي: وتصحيحه وجوب البذل هنا مخالف لقوله آخر السير: أن فك الاسرى مستحب. انتهى. وحمل البلقيني استحباب فك الاسرى على ما إذا لم يعاقبوا، فإن عوقبوا وجب، وحمل الغزي الاستحباب على الآحاد، والوجوب على الإمام، وهذا أولى.
تنبيه: إذا عقدنا لهم على دفع مال إليهم عند الضرورة هل العقد صحيح أو لا؟ وقال الأذرعي: عبارة كثير تفهم صحته وهو بعيد، والظاهر بطلانه، وهو قضية كلام الجمهور انتهى. ولا يملكون ما أعطى لهم لأخذهم له بغير حق (وتصح الهدنة على أن ينقضها الإمام متى شاء) لخبر البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم وادع يهود خيبر وقال:
أقركم ما أقركم الله وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: ولو قال الإمام الآن هذه اللفظة لم يجز، لأنه صلى الله عليه وسلم يعلم ما عند الله بالوحي بخلاف غيره.
تنبيه: لا يختص ذلك بمشيئة الإمام، بل لو قال متى شاء فلان وهو مسلم عدل ذو رأي صح أيضا بخلاف ما لو قال ما شاء فلان منكم فإنه لا يجوز. ثم شرع في أحكام الهدنة فقال: (ومتى صحت وجب) على عاقدها وعلى من بعده من الأئمة
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548