تنبيه: الاعتبار بعدم القدرة عليه حالة الإصابة، فلو رمى غير مقدور عليه فصار قبل الإصابة مقدورا عليه ثم أصاب غير المذبح حرم أو بالعكس حل كما قاله الرافعي، واحترز بقوله متوحشا عن الصيد المستأنس، فهو كالمقدور عليه في اعتبار ذبحه. (ولو تردى) أي سقط (بعير ونحوه في بئر) أو نحوها (ولم يمكن قطع حلقومه) ومريئه (فكناد) - بتشديد الدال - أي شارد في حله الرمي، وكذا بإرسال الكلب في وجه اختاره البصريون فتصير أجزاؤه كلها مذبحا، أما إذا أمكنه ذلك بأن كان موضع الذبح ظاهرا فلا تصح ذكاته إلا في حلق أولية. ولما كان مقتضى تشبيه المحرر المتردي بالناد أنه يحل إرسال الكلب عليه، وفي معناه السهم استدركه المصنف بقوله: (قلت الأصح لا يحل) المتردي (بإرسال الكلب) عليه (وصححه الروياني) وهو بغير همزة نسبة لرويان من بلاد طبرستان عبد الواحد أبو المحاسن شافعي زمانه صاحب البحر وغيره القائل: لو احترقت كتب الشافعي أمليتها من حفظي (والشاشي) فخر الاسلام محمد أبو بكر بن أحمد بن الحسين صاحب الحلية وغيرها، فإنه نقل عدم حل المتردي بما ذكر عن الروياني (والله أعلم) والفرق أن الحديد يستباح به الذبح مع القدرة بخلاف فعل الجارحة، ولو تردى بعير فوق بعير فغرز رمحا في الأول حتى نفذ منه إلى الثاني حلا وإن لم يعلم بالثاني، قاله القاضي، فإن مات الأسفل بثقل الاعلى لم يحل، ولو دخلت الطعنة إليه وشك هل مات بها أو بالثقل لم يحل كما هو قضية ما في فتاوى البغوي (ومتى تيسر لحوقه) أي الناد (بعدو أو استعانة) - بمهملة ونون بخطه - من العون، وتجوز قراءته بمعجمة ومثلثة من الغوث (بمن يستقبله) مثلا (فمقدور) أي حكمه كحيوان مقدور (عليه) لا يحل إلا بالتزكية في حلق أو لبة.
تنبيه: قوله كلامهم يفهم أنه متى أمكن وتيسر ذلك كان غير مقدور عليه، وليس مرادا، بل لا بد من تحقق العجز عنه في الحال. (ويكفي في) الحيوان (الناد والمتردي) السابقين، وفي الوحشي أيضا كما صرح به الإمام والغزالي (جرح يفضي) غالبا (إلى الزهوق) أي الموت سواء أذفف الجرح أم لا، وهذا ما نسبه الرافعي للمعظم والمصنف للأكثرين (وقيل يشترط) في الرمي بسهم جرح (مذفف) وهو المسرع للقتل، وحكى هذا الإمام عن القفال والمحققين. أما إرسال الكلب فلا يشترط فيه تذفيف جزما (وإذا أرسل) الصائد آلة صيد (سهما أو كلبا) معلما (أو طائرا) معلما (على صيد فأصابه ومات) نظرت (فإن لم يدرك فيه) أي الصائد في الصيد (حياة مستقرة أو أدركها) أي الحياة المستقرة فيه (وتعذر ذبحه بلا تقصير) من الصائد (بأن) أي كأن (سل السكين) على الصيد، أو ضاق الزمان، أو مشى له على هينته ولم يأته عدوا، أو اشتغل بتوجيهه للقبلة، أو بتحريفه وهو منكب أو بطلب المذبح، أو بتناول السكين، أو منع منه سبع (فمات قبل إمكان) منه لذبحه (أو امتنع) منه (بقوته ومات قبل القدرة) عليه (حل) في الجميع كما لو مات ولم يدرك حياته. نعم يسن ذبحه إذا وجد فيه حياة غير مستقرة.
تنبيه: قوله: فأصابه ومات لا يستقيم جعله موردا للتقسيم، فإن منها إدراكه بالحياة المستقرة، والميت لا حياة فيه، وعبارة المحرر والشرح والروضة، فأصاب ثم أدرك الصيد حيا، وللحياة المستقرة قرائن وأمارات تغلب على الظن بقاء الحياة فيدرك ذلك بالمشاهدة، ومن أماراتها الحركة الشديدة وانفجار الدم بعد قطع الحلقوم والمرئ، والأصح أن الحركة الشديدة تكفي وحدها، فإن شككنا في حصولها ولم يترجح ظن فالأصح التحريم. (وإن مات لتقصيره)