(تنبيه) الواو في كلامه بمعنى أو كما صرح به في المحرر: أي يعزره بواحد مما ذكر، وتعيينه لرأى الإمام كما مر في المخيفين (وقيل يتعين التغريب إلى حيث) أي مكان (يراه) الإمام. لأن عقوبته في الآية النفي، وعلى هذا هل يعزره في البلد المنفى إليه ضرب أو حبس أو نحو ذلك؟ وجهان: أصحهما أن ذلك إلي رأى الإمام وما تقتضيه المصلحة. ثم شرع في بيان الخلاف في المعنى المغلب في قتل القاطع بقوله (وقتل القاطع يغلب فيه معنى القصاص) لأنه حق آدمي. والأصل فيما اجتمع فيه حق آدمي وحق الله تعالى يغلب فيه حق الآدمي لبنائه على الضيق، ولأنه لو قتل بلا محاربة ثبت لوليه القصاص فكيف يحبط حقه بقتله فيها؟ (وفى قول) معنى (الحد) وهو حق الله تعالى لأنه لا يصح العفو عنه، ويستوفيه الإمام بدون طلب الولي، وفرع على القولين مسائل خمسة ذكرها في قوله (فعلى الأول لا يقتل) والد (بولده) الذي قتله في قطع الطريق (و) لا (ذمي) إذا كان هو مسلما، ولا نحو ذلك ممن لا يكافئه كعبد والقاطع حر لعدم المكافأة وتجب الدية أو القيمة، وعلى الثاني يقتل إلا أن يكون المقتول غير معصوم كمرتد وزان محصن فإنه لم يقتل (ولو مات) القاطع من غير قتله قصاصا) فدية) على الأول تؤخذ من تركته في قتل حر وقيمة في قتل عبد، وعلى الثاني لا شئ كما قالاه وإن صحيح البلقيني وجوب الدية (ولو قتل جمعا) معا (قتل بواحد) منهم بالقرعة (واللباقين ديات) على الأول كالقصاص، وعلى الثاني يقتل بهم. أما إذا قتلهم مرتبا فإنه يقتل حتما بأولهم وإن أوهم كلام المتن خلافه، حتى لو عفا وليه لم يسقط لتحمنه (ولو عفا) عن القصاص (وليه) أي المقتول (بمال) أي عليه صح العفو على الأول، و (وجب) المال (وسقط القصاص) عنه (ويقتل) بعد ذلك (حدا) كما لو وجب القصاص على مرتد فعفا عنه الولي، وعلى الثاني فالعفو لغو كما قالاه وإن قال البلقيني إنه لغو على القولين، لأن القاطع لم يستفد بالعفو شيئا لتحتم قتله بالمحاربة (ولو قتل) القاطع شخصا (بمثل أو بقطع عضو) أو بغير ذلك (فعل بن مثله) على الأول تغليبا للقصاص، وعلى الثاني يقتل بالسيف كالمرتد كما قالاه وإن قال البلقيني إنه يقتل بالسيف على القولين، ولا نظر إلى المماثلة.
(تنبيه) من ثمرة الخلاف أيضا ما لو تاب قبل أن يقدر عليه لم يسقط القصاص على الأول ويسقط على الثاني (ولو جرح) قاطع الطريق شخصا جرحا يوجب قصاصا كقطع يد (فاندمل) الجرح (لم يتحتم) على القاطع (قصاص) في ذلك الطرف المجروح (في الأظهر) بل يتخير المجروح بين القصاص والعفو، لأن التحتم تغليظ الحق الله تعالى فاختص بالنفس كالكفارة، ولان الله تعالى لم يذكر الجرح في الآية فكان باقيا على أصله في غير الحرابة:
والثاني يتحتم كالنفس، والثلاث يتحتم في اليدين والرجلين لأنهما مما يستحقان في المحاربة دون الانف والاذن ونحوهما.
(تنبيه) قوله فاندمل من زيادته على المحرر، واحترز به عما إذا سرى إلى النفس فهو كالقتل، لكنه يوهم أن الاندمال قيد لمحل الخلاف وليس مرادا، فلو قطع يده ثم قتله قبل الاندمال جرى القولان أيضا في التحتم في قصاص اليد كما نقلاه عن ابن الصباغ، وأشعر قوله لم يتحتم بتصوير المسألة فيما فيه قود من الأعضاء. أما غيره كجائفة فواجبه المال (وتسقط عقوبات تخص القاطع) من تحتم القتل والصلب وقطع الرجل، وكذا اليد في الأصح. فإن قيل:
كلام المصنف يوهم خلافه، فإن الرجل هي المختصة بقطع الطريق، فلو قال تسقط حد الله تعالى لاستقام.
أجيب بأن قطع اليد ليس عقوبة كاملة وإنما هو جزء عقوبة، فإن المجموع من قطع اليد والرجل عقوبة واحدة مختصة بقاطع الطريق، فإذا سقط بعضها سقط كلها (بتوبة قبل القدرة عليه) لقوله تعالى " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا