مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٨
تنبيه: لو قتل شخص عبدا من ثلاثة عتق أحدهم مبهما، ثم خرجت قرعة العتق على المقتول بان أنه قتل حرا وكانت ديته لورثته وهل يجب على قاتله قصاص؟. قال القاضي: ظاهر المذهب لا، بخلاف ما لو قال لعبده: أنت حر قبل جرح فلان إياك بيوم مثلا، فإذا جرحه وسرى إلى النفس ومات فالصحيح وجوب القصاص، وحكى الرافعي ذلك في باب العتق عن بعض الأصحاب وجزم به في التتمة. (ومن بعضه حر لو قتل مثله) أي مبعضا سواء ازدادت حرية القاتل على حرية المقتول أم لا حرية بجزء رق وهو ممتنع (وقيل إن لم تزد حرية القاتل وجب) القصاص سواء أتساويا أم كانت حرية المقتول أكثر لتساويهما في الحرية والرق في الصورة الأولى، ولأنه في الثانية مفضول والمفضول يقتل بالفاضل، وأصل الخلاف قولا الحصر والإشاعة. أما إذا كانت حرية القاتل أكثر فلا قصاص قطعا لانتفاء المساواة ولم يرجح في الروضة وأصلها شيئا من الوجهين، بل قالا إن الأول أصح عند المتأخرين، والثاني أشهر عند المتقدمين، وإذا لا يحسن التعبير بقيل، بل التعبير بالأصح لقوة الخلاف، والفضيلة في شخص لا تجبر النقص فيه (و) لهذا قال المصنف (لا قصاص) واقع (بين عبد مسلم وحر ذمي) لأن المسلم لا يقتل بالذمي والحر لا يقتل بالعبد، ولا تجبر فضيلة كل منهما نقيصته، ولو قتل ذمي عبدا ثم نقض العهد واسترق لا يجوز قتله وإن صار كفؤا له، لأن الاعتبار بوقت الجناية ولم يكن مكافئا له (ولا) قصاص (بقتل ولد) للقاتل (وإن سفل) لخبر الحاكم والبيهقي وصححاه لا يقاد للابن من أبيه ولرعاية حرمته، ولأنه كان سببا في وجوده فلا يكون سببا في عدمه.
تنبيه: لو حكم حاكم بقتل الحر بالعبد، أو الأصل بالفرع نقض حكمه في الثاني دون الأول إلا إن أضجع الأصل فرعه وذبحه فلا ينقض حكمه لقول مالك بوجوب القصاص، وشمل كلام المصنف الأب والام والأجداد والجدات وإن علوا من قبل الام والأب جميعا، لأن الحكم يتعلق بالولادة فاستوى فيه من ذكر كالنفقة، وذكره الولد في مسائل الكفاءة يوهم أن الولد لا يكافئ أباه، وصرح به بعضهم. لكن قال في البسيط إنه فاسد، واستدل بأن الولد يكافئ العم وعمه يكافئ أباه ومكافئ المكافئ مكافئ. قال ابن الرفعة: وقوله (ص) المسلمون تتكافأ دماؤهم يدل عليه وهل يقتل بولده المنفي باللعان؟ وجهان، ويجريان في القطع بسرقة ماله وقبول شهادته له. قال الأذرعي:
والأشبه أنه يقتل به ما دام مصرا على النفي اه‍. والأوجه أنه لا يقتل به مطلقا للشبهة كما قاله غيره. (ولا) قصاص (له) أي الولد على الوالد كأن قتل زوجة نفسه وله منها ولد، أو قتل زوجة ابنه، أو لزمه قود فورث بعضه ولده كأن قتل أبا زوجته ثم ماتت الزوجة وله منها ولد لأنه إذا لم يقتل بجنايته على ولده فلان لا يقتل بجنايته على من له في قتله حق أولى (ويقتل) الولد (بوالديه) بكسر الدال بخطه على لفظ الجمع وإن علوا: أي بكل واحد منهم كغيرهم بل أولى وتقتل المحارم بعضهم ببعض. وقد صرح به في المحرر وأسقطه المصنف لأنه مفهوم مما ذكر.
تنبيه: يستثنى من إطلاق المصنف ما إذا قتل المكاتب أباه وهو يملكه كما مر، وما إذا ورث القاتل القصاص كما سيأتي ويقتل العبد بعبد لوالده ولا يقتل الولد المسلم بالوالد الكافر. (ولو تداعيا) قتيلا (مجهولا) نسبه (فقتله أحدهما) قبل تبين حاله فلا قصاص في الحال لأن أحدهما أبوه، وقد اشتبه الامر فهو كما لو اشتبه طاهر بنجس لا يستعمل أحدهما بغير اجتهاد بل يعرض على القائف (فإن ألحقه القائف بالآخر اختص) الآخر لثبوت أبوته وانقطاع نسبه عن القاتل، فلو اشتركا في قتله وألحقه القائف بأحدهما اقتص من الآخر لأنه شريك الأب (وإلا) بأن لم يلحقه القائف بالآخر (فلا) يقتص لعدم ثبوت الأبوة. وأورد على مفهومه ما لو ألحقه بغيرهما فإنه يجب القصاص مع أنه يصدق أنه لم يلحقه بالآخر. وهو ظاهر إن قرئ أقتص بضم الهمزة، فإن قرئ بكسرها فلا يرد.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548