مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٩
تنبيه: كلامه قد يفهم أنه لو رجع القاتل عن الاستلحاق أنه لا يقتص الآخر منه، وليس مرادا بل يقتص منه ولو رجعا عن تنازعهما لم يقبل رجوعهما لأنه صار ابنا لأحدهما، وفي قبول الرجوع إبطال حقه من النسب هذا إن لم يكن لحوق الولد بأحدهما بالفراش بل بالدعوى كما هو الفرض. أما إذا كان بالفراش كأن وطئت امرأة بنكاح أو شبهة في عدة من نكاح وأتت بولد وأمكن كونه من كل منهما فلا يكفي رجوع أحدهما في لحوق الولد بالآخر، وإنما يلحق به بالقائف ثم بانتسابه إليه إذا بلغ. (ولو قتل أحد أخوين) شقيقين حائزين للميراث (الأب، و) قتل (الآخر الام) وكان زهوق روحهما (معا) سواء أكان بينهما زوجية أم لا (فلكل) منهما (قصاص) على أخيه الآخر لأنه قتل مورثه، هذا يقتص بأبيه، وهذا بأمه، ولا يرث كل قاتل من قتيله شيئا، والمعية والترتيب الآتي بزهوق الروح لا بالجناية، وتعبير المصنف بالقتل يشير إليه، فلو عفا أحدهما عن الآخر كان للمعفو عنه قتل العافي (و) إن لم يعف واحد منهما أو تنازعا في التقديم للقصاص فإنه (يقدم) له (بقرعة) إذ لا مزية لأحدهما على الآخر، ويصح التوكيل في القصاص لمن خرجت قرعته لأنه يقتص له في حياته دون من لم تخرج قرعته، لأن الوكالة تبطل بقتله، فلو وكل كل منهما وكيلا قبل القرعة ليقتص له صح ثم يقرع بين الوكيلين، وحين يقتص من أحدهما ينعزل وكيله، لأن الوكيل ينعزل بموت موكله. قال البلقيني: فلو اقتص الوكيلان معا فهل يقع الموقع؟ لم أقف فيه على نقل، والظاهر أن قتلهما وقع وهما معزولان من الوكالة، لأن شرط دوام استحقاق الموكل قتل من وكل في قتله أن يبقى عند قتله حيا وهو مفقود في ذلك. أي فلا يقع الموقع فيجب على كل منهما دية ولا قصاص عليها كالوكيل إذا اقتص جاهلا بعد عفو الموكل، فإن لم يتنازعا بل طلب أحدهما القصاص دون الآخر أجيب الطالب.
تنبيه: استثنى البلقيني من اشتراط القرعة صورتين. إحداهما إذا قطع كل منهما من مقتوله عضوا وماتا بالسراية معا، فلكل منهما طلب قطع عضو الآخر حالة قطع عضوه. ثانيتهما لو قتلاهما معا في قطع الطريق، فللإمام إن يقتلهما معا لأنه حد وإن غلب فيه معنى القصاص، لكنه لا يتوقف على الطلب (فإن اقتص بها) أي القرعة (أو) اقتص (مبادرا) بلا قرعة (فلوارث المقتص منه قتل المقتص) بالقرعة أو المبادرة (إن لم نورث قاتلا بحق) وهو الأصح كما سبق في كتاب الفرائض، أو ورثناه على المرجوح وكان هناك من يحجبه كأن يكون لذلك الأخ ابن، فإن ورثناه ولم يكن هناك من يحجبه سقط القصاص عنه، لأنه ورث القصاص المستحق على نفسه أو بعضه (وكذا إن قتلا) أي الاخوان (مرتبا) بأن تأخر زهوق روح أحدهما (ولا زوجية) حينئذ بين الأبوين، فلكل منهما حق القصاص على الآخر.
تنبيه: قضية كلامه أنه يقدم بالقرعة، وهو ما اعتمده البلقيني. ولكن الراجح كما نقله الإمام عن الأصحاب أنه يبدأ بالقاتل الأول لتقدم سببه مع تعلق الحق بالعين، ولا يصح توكيل القاتل الأول في قتل أخيه لأنه إنما يقتل بعد قتله وبقتله تبطل الوكالة، هذا ما نقله الروياني عن الأصحاب وهو المعتمد. ثم قال: وعندي أن توكيله صحيح، ولهذا لو بادر وكيله فقتل لم يلزمه شئ. لكن إذا قتل موكله بطلت الوكالة.
فرع: لو علم سبق دون عين السابق، فمقتضى كلامه التوقف إلى البيان، ويحتمل أن يقرع، والأول أظهر.
(وإلا) بأن كانت الزوجية باقية بين الأبوين (فعلى) أي فالقصاص على القاتل (الثاني فقط) أي دون الأول لأنه إذا سبق قتل لم يرث منه قاتله ويرثه أخوه والام، وإذا قتل الآخر الام ورثها الأول فتنتقل إليه حصتها من القصاص ويسقط باقيه ويستحق القصاص على أخيه، ولو سبق قتل الام سقط القصاص عن قاتلها واستحق قتل أخيه.
(فروع: الأول) إخوة أربعة قتل الثاني أكبرهم ثم الثالث أصغرهم ولم يخلف القتيلان غير القاتلين، فللثاني أن
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548