مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٤
فكان مسلما لا قصاص، وفي الدية قولان، قالا: ويشبه أن يكون هما القولين فيمن ظنه كافرا. ولو أمن القاتل أهل دار الحرب وقتل في دارهم مسلما تزيا بزيهم، قال الزركشي: فالمتجه وجوب القصاص قياسا على من عهده عبدا وكان قد عتق ولم يعلم القاتل أنه عتق اه‍. وهو ظاهر إذا قلنا إن التزيي بزيهم ليس بردة، وهو الصحيح عند المصنف في باب الردة. أما إذا قلنا إنه ردة كما نقل عن النص فإنه لا قصاص عليه. (أو) قتل من (بدار الاسلام وجبا) أي القصاص والدية، لا على الاجتماع كما هو معلوم وإن أوهمته العبارة، بل على البدل، لأن الظاهر من حال من هو في دار الاسلام العصمة. ويستثنى ما إذا كان في صف أهل الحرب بدارنا فإنه لا قصاص قطعا ولا دية في الأظهر. (وفي القصاص) في قتل من ذكر بدار الاسلام (قول) في الام بعدم وجوبه إذا عهده حربيا لأنه الذي أبطل حرمة نفسه بخروجه على هيئة الكفار، أما إذا ظنه ولم يعهده حربيا فإنه القصاص قطعا بخلاف ما إذا كان بدار الحرب فإنه يكفي ظن كونه حربيا. وإذا لم نوجب القصاص فهل تجب الدية مغلظة أو مخففة على العاقلة؟ قولان بلا ترجيح في الروضة وأصلها أظهرهما عند الإمام الأول. (أو) قتل (من عهده مرتدا أو ذميا أو عبدا، أو) قتل من (ظنه قاتل أبيه فبان خلافه) أي إسلامه أو حريته أو عدم قتله لأبيه، (فالمذهب وجوب القصاص) عليه نظرا إلى ما في نفس الامر، لأنه قتله عمدا عدوانا، والظن لا يبيح القتل. أما في الذمي ونحوه والعبد فظاهر، وأما في المرتد فقال الرافعي: لأن قتله إلى الإمام وقضيته أنه لا يجب القصاص على الإمام، والمعتمد إطلاق المتن إذ كان من حقه التثبت، وأما في الأخيرة فلان من حقه التثبت وليس معه ما يستصحبه. وفيما عدا الأولى قول بعدم الوجوب طرد في الأولى، وفيما عدا الأخيرة طريق قاطع بالوجوب بحث الرافعي مجيئه في الأخيرة.
تنبيه: قوله: عهده يقتضي أنه إذا ظنه مرتدا أو ذميا أو عبدا من غير أن يعهد كذلك وجوب القصاص قطعا ، وهو كذلك، وإن حكى الإمام فيما إذا ظنه ذميا أو عبدا من غير عهد قولين. ومحل الخلاف فيما إذا كان القاتل حرا مسلما، أما إذا كان عبدا أو ذميا فإنه يجب القصاص قطعا. (ولو ضرب مريضا جهل مرضه ضربا يقتل) مثله (المريض) لا الصحيح فمات منه، (وجب القصاص) على الضارب في الأصح، لأن جهله لا يبيح له الضرب.
تنبيه: يؤخذ من التعليل أن كل صورة أبحنا له فيها الضرب كالزوج والمعلم إذا ضرب تأديبا ضربا لا يقتل الصحيح وهو جاهل بالمرض لا يجب القصاص، وهو كذلك كما في الوسيط وغيره خلافا لما أطلقه المصنف كالمحرر. (وقيل لا) يجب قصاص، لأن ما أتى به ليس بمهلك عنده. واحترز بقوله: جهل عما لو علم فيجب القصاص جزما، وبقوله : يقتل المريض عما لو كان يقتل الصحيح فيجب قطعا. ثم شرع في القسم الأول وهو الأركان، وقد مر شرط القتل، وأما القتيل فيشترط كونه معصوما، وأما القاتل فيشترط كونه مكلفا، وقد بدأ بالأول وهو الركن الثاني، فقال: (ويشترط لوجوب القصاص) أو الدية (في) نفس (القتيل) أو طرفه العصمة بأن يوجد منه (إسلام) لخبر مسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها. (أو أمان) بعقد ذمة أو عهد، أو أمان مجرد لقوله تعالى: * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) * إلى قوله: * (حتى يعطوا الجزية) *، ولقوله تعالى: * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره) * الآية.
تنبيه: كان الأولى أن يعبر المصنف بوجوب الضمان ليشمل الدية كما قدرتها في كلامه. ويشترط مع الاسلام والأمان كما قال البلقيني أن لا يكون صائلا ولا قاطع طريق لا يندفع شره إلا بالقتل، وإلا فهو غير معصوم في تلك الحالة مع أنه مسلم. وأورد في المهمات على الحصر في الاسلام والأمان ضرب الرق على الأسير فإنه يصير معصوما بذلك ، ورده البلقيني بأنه صار بالرق مالا للمسلمين، وما لهم في أمان فهو داخل في قول المصنف: أو أمان. وإذا شرطنا الاسلام
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548