مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٥
والأمان (فيهدر الحربي والمرتد) أما الأول فلعموم قوله تعالى: * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) *، وأما الثاني فلقوله صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه والمراد إهداره في حق المسلم. أما في حق ذمي أو مرتد فسيأتي. (ومن عليه قصاص) فهو معصوم على غير المستحق (كغيره) فإذا قتله غير المستحق اقتص منه، لقوله تعالى: * (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) * فخص وليه بقتله، فدل على أن وليه لا سلطان له عليه.
تنبيه: محل هذا فيمن لم يتحتم قتله، أما إذا تحتم قتله لقطع طريق فإن الصحيح أنه يقتل قصاصا. ولو قتله غير المستحق لا يقتل به إلا إن كان مثله. (والزاني) المسلم (المحصن إن قتله ذمي قتل به) لأنه لا تسلط له على المسلم، وإذا كان الذمي يقتل به فالمرتد والمعاهد والمؤمن بالأولى. وخرج بقيد المسلم ما لو كان المحصن ذميا، فإن الذمي غير الزاني المحصن لا يقتل به كما قال البلقيني، فإن كان مثله قتل به. (أو) قتله (مسلم) غير زان محصن (فلا) يقتل به (في الأصح) المنصوص في الام لاستيفائه حد الله تعالى. والثاني: يجب القصاص، لأن الاستيفاء للام، فأشبه ما لو قتل من عليه القصاص غير مستحقه. وعلى الأول لا فرق بين أن يقتله قبل أمر الإمام بقتله أم لا، ولا بين أن يثبت زناه بالبينة أم لا، ولا بين أن يكون قبل رجوعه عن الاقرار أم لا. ووقع في تصحيح التنبيه للمصنف أن ذلك فيما إذا ثبت زناه بالبينة، فإن ثبت بالاقرار قتل به. أما المسلم الزاني المحصن إذا قتله فإنه يقتل به، أو تارك الصلاة عمدا بعد أمر الحاكم بها كالزاني ثم شرع في الركن الثالث وهو القاتل، فقال: (و) يشترط (في القاتل) المحصن تكليف، وهو (بلوغ وعقل) فلا قصاص على صبي ومجنون، لخبر: رفع القلم عن ثلاث.
تنبيه: محله في المجنون إذا كان الجنون مطبقا، أما المتقطع فينظر إن كان في زمن إفاقته فهو كالعاقل الذي لا جنون به، وإن كان في زمن جنونه فهو كالمجنون الذي لا إفاقة له. (والمذهب وجوبه) أي القصاص (على السكران) المتعدي بسكره، لأنه مكلف عند غير المصنف، ولئلا يؤدي إلى ترك القصاص، لأن من رام القتل لا يعجز أن يسكر حتى لا يقتص منه. وهذا كالمستثنى من شرط العقل، وهو من قبيل ربط الأحكام بالأسباب. وألحق به من تعدى بشرب دواء مزيل للعقل. أما غير المتعدي فهو كالمعتوه فلا قصاص عليه. (ولو قال: كنت يوم القتل صبيا أو مجنونا) وكذبه ولي المقتول، (صدق) القاتل (بيمينه إن أمكن الصبا) وقت القتل (وعهد الجنون) قبله، لأن الأصل بقاؤهما، بخلاف ما إذا لم يمكن صباه ولم يعهد جنونه. ولو قامت بينة بجنونه وأخرى بعقله ولم يعلم حاله قبل ذلك أو علم حاله وكانت البينتان مقيدتين بحالة الموت تعارضتا، أو لو اتفق ولي المقتول والقاتل على زوال عقله لكن الولي يقول: بسكر تعدى فيه، والقاتل: بجنون، صدق القاتل كما أطلقاه. (ولو قال) القاتل (أنا) الآن (صبي) وأمكن (فلا قصاص) عليه (ولا يحلف) أنه صبي، لأن التحليف لاثبات صباه، ولو ثبت لبطلت يمينه، ففي تحليفه إبطال لتحليفه، وسيأتي هذا في الدعوى والبينات مع زيادة. (ولا قصاص) ولا دية (على حربي) قتل حال حرابته، وإن عصم بعد ذلك بإسلام أو عقد ذمة، لما تواتر من فعله صلى الله عليه وسلم والصحابة بعده من عدم القصاص ممن أسلم، كوحشي قاتل حمزة رضي الله تعالى عنه، ولعدم التزامه الأحكام. (ويجب) القصاص (على المعصوم) بإيمان أو أمان من غير تأويل لالتزامه الأحكام، أما بالتأويل بأن قتل البغاة من أهل العدل في حال الحرب فلا ضمان عليهم كما سيأتي.
تنبيه: عبارة المحرر: ويجب على الذمي، فعدل عنها المصنف إلى المعصوم لعمومها، وزاد عليه قوله: (و) على (المرتد) لأجل تعبيره بالمعصوم لئلا يرد على المفهوم فإنه غير معصوم، وإنما أوجبنا عليه القصاص لبقاء علقة الاسلام فيه.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548