مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٧
أن المرتد من التهود إلى التنصر أو عكسه يقتل بالذمي قطعا، وهو كذلك كما قاله الزركشي. (و) الأظهر أيضا قتل مرتد (بمرتد) لتساويهما كما لو قتل الذمي ذميا، والثاني: لا، لأن المقتول مباح الدم.
تنبيه: ما اقتضاه كلامه من أن الخلاف قولان كما قدرته في كلامه هو الصواب، فقد نص عليهما في الام وإن نقلاه في الشرحين والروضة وجهين. (لا ذمي) بالجر بخطه: أي أو نحوه فلا يقتل. (بمرتد) في الأظهر لما مر والثاني يقتل به لما مر أيضا، وحكى الجمهور الخلاف في هذه وجهين، ويقتل المرتد بالزاني المسلم المحصن كما يقتل بالذمي، ولا يقتل زان محصن به لاختصاصه بفضيلة الاسلام، ولخبر لا يقتل مسلم بكافر.
تنبيه: يقدم قتل المرتد بالقصاص الواجب عليه على قتله بالردة لأنه حق آدمي، فإن عفا على مال أخذ من تركته وقتل بالردة، ولا دية لمرتد وإن قتله مثله كما جزم به ابن المقري لأنه لا قيمة لدمه، وقيل تجب وهل هي دية مسلم لبقاء علقة الاسلام وأخس الديات؟ وجهان أصحهما الثاني (ولا يقتل حر بمن فيه رق) وإن قل لقوله تعالى: * (الحر بالحر والعبد بالعبد) * فاقتضى الحصر أن لا يقتل حر بعبد، ولخبر البيهقي لا يقاد حر بعبد وللاتفاق أنه لا يقطع طرف حر بطرف عبد، فأولى أن لا يقتل به لأن حرمة النفس أعظم من حرمة الأطراف، وسواء في ذلك المكاتب والمدبر وأم الولد وعبده وعبد غيره. وأما خبر من قتل عبده قتلناه، ومن جدع أنفه جدعناه، ومن خصاه خصيناه الذي استدل به النخعي وأبو حنيفة وداود لقتل السيد بعبده فمنقطع، وقال البيهقي إنه منسوخ، وابن المنذر ليس بثابت، وإن صح فمحمول على ما إذا أعتقه ثم قتله، فيفيد أن تقدم الملك لا يمنع ذلك.
فائدة: حكى الروياني: أن بعض فقهاء خراسان سئل في مجلس أميرها عن قتل الحر بالعبد، فقال: أقدم حكاية ثم قال: كنت في أيام تفقهي ببغداد نائما ذات ليلة على شاطئ دجلة فسمعت ملاحا يترنم ويقول:
خذوا بدمي هذا الغزال فإنه رماني بسهمي مقلتيه على بعد ولا تقتلوه إنني أنا عبده ولم أر حرا قط يقتل العبد فقال الأمير: حسبك فقد أغنيت عن الدليل. قال الثعالبي: وكان أبو الحسن الماسرخسي ينشد في تدريسه هذين البيتين.
تنبيه: لو قتل الحر المسلم شخصا لا يعلم أنه مسلم أو كافر ولا أنه حر أو عبد فلا قصاص للشبهة كذا نقلاه عن صاحب البحر وأقراه، فإن قيل هذه المسألة مثل مسألة اللقيط سواء، وقد صححا فيها وجوب القصاص بقتله قبل البلوغ وعللوه بأن الدار دار حرية وإسلام ولا يظهر بين المسألتين فرق. أجيب بأن محل ما هنا في قتله بدار الحرب وما هناك في قتله بدارنا بقرينة تعليلهم وجوب القصاص فيه بأن الدار دار حرية وإسلام. وأجاب بعضهم بأن ما هنا محله إذا لم يكن له ولي يدعي الكفاءة، وإلا فهي مسألة اللقيط، وبعضهم بأن صورة اللقيط علم فيها التقاطه فجرى عليه حكم الدار، وصورة البحر لم يعلم التقاطه حتى يجري عليه حكم الدار، وإنما نص المصنف على البعض ليعلم منه حكم كامل الرق من باب أولى. (ويقتل قن ومدبر ومكاتب وأم ولد بعضهم ببعض) ولو كان المقتول لكافر والقاتل لمسلم للتساوي في الملك ولا نظر إلى ما انعقد لهؤلاء من سبب الحرية، وإنما المؤثر الحرية الناجزة.
تنبيه: استثنى المكاتب إذا قتل عبده لا يقتل به كما لا يقتل الحر بعبده، ولو كان المقتول أباه على الأصح في الروضة خلافا لما في الشرح الصغير لأنه مملوكه والسيد لا يقتل بمملوكه (ولو قتل عبد عبدا ثم عتق القاتل، أو) جرح عبد عبدا ثم (عتق) الجارح (بين الجرح والموت فكحدوث الاسلام) لذمي قتل أو جرح. وحكمه كما سبق وهو عدم سقوط القصاص في القتل جزما، وكذا في الجرح على الأصح. ولو أسلم الذمي أو عتق الرقيق عقب إرسال المسلم في الأول والحر في الثاني سهما، وقبل الإصابة لا قصاص لأنه لم يساوه من أول الفعل.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548