أن المرتد من التهود إلى التنصر أو عكسه يقتل بالذمي قطعا، وهو كذلك كما قاله الزركشي. (و) الأظهر أيضا قتل مرتد (بمرتد) لتساويهما كما لو قتل الذمي ذميا، والثاني: لا، لأن المقتول مباح الدم.
تنبيه: ما اقتضاه كلامه من أن الخلاف قولان كما قدرته في كلامه هو الصواب، فقد نص عليهما في الام وإن نقلاه في الشرحين والروضة وجهين. (لا ذمي) بالجر بخطه: أي أو نحوه فلا يقتل. (بمرتد) في الأظهر لما مر والثاني يقتل به لما مر أيضا، وحكى الجمهور الخلاف في هذه وجهين، ويقتل المرتد بالزاني المسلم المحصن كما يقتل بالذمي، ولا يقتل زان محصن به لاختصاصه بفضيلة الاسلام، ولخبر لا يقتل مسلم بكافر.
تنبيه: يقدم قتل المرتد بالقصاص الواجب عليه على قتله بالردة لأنه حق آدمي، فإن عفا على مال أخذ من تركته وقتل بالردة، ولا دية لمرتد وإن قتله مثله كما جزم به ابن المقري لأنه لا قيمة لدمه، وقيل تجب وهل هي دية مسلم لبقاء علقة الاسلام وأخس الديات؟ وجهان أصحهما الثاني (ولا يقتل حر بمن فيه رق) وإن قل لقوله تعالى: * (الحر بالحر والعبد بالعبد) * فاقتضى الحصر أن لا يقتل حر بعبد، ولخبر البيهقي لا يقاد حر بعبد وللاتفاق أنه لا يقطع طرف حر بطرف عبد، فأولى أن لا يقتل به لأن حرمة النفس أعظم من حرمة الأطراف، وسواء في ذلك المكاتب والمدبر وأم الولد وعبده وعبد غيره. وأما خبر من قتل عبده قتلناه، ومن جدع أنفه جدعناه، ومن خصاه خصيناه الذي استدل به النخعي وأبو حنيفة وداود لقتل السيد بعبده فمنقطع، وقال البيهقي إنه منسوخ، وابن المنذر ليس بثابت، وإن صح فمحمول على ما إذا أعتقه ثم قتله، فيفيد أن تقدم الملك لا يمنع ذلك.
فائدة: حكى الروياني: أن بعض فقهاء خراسان سئل في مجلس أميرها عن قتل الحر بالعبد، فقال: أقدم حكاية ثم قال: كنت في أيام تفقهي ببغداد نائما ذات ليلة على شاطئ دجلة فسمعت ملاحا يترنم ويقول:
خذوا بدمي هذا الغزال فإنه رماني بسهمي مقلتيه على بعد ولا تقتلوه إنني أنا عبده ولم أر حرا قط يقتل العبد فقال الأمير: حسبك فقد أغنيت عن الدليل. قال الثعالبي: وكان أبو الحسن الماسرخسي ينشد في تدريسه هذين البيتين.
تنبيه: لو قتل الحر المسلم شخصا لا يعلم أنه مسلم أو كافر ولا أنه حر أو عبد فلا قصاص للشبهة كذا نقلاه عن صاحب البحر وأقراه، فإن قيل هذه المسألة مثل مسألة اللقيط سواء، وقد صححا فيها وجوب القصاص بقتله قبل البلوغ وعللوه بأن الدار دار حرية وإسلام ولا يظهر بين المسألتين فرق. أجيب بأن محل ما هنا في قتله بدار الحرب وما هناك في قتله بدارنا بقرينة تعليلهم وجوب القصاص فيه بأن الدار دار حرية وإسلام. وأجاب بعضهم بأن ما هنا محله إذا لم يكن له ولي يدعي الكفاءة، وإلا فهي مسألة اللقيط، وبعضهم بأن صورة اللقيط علم فيها التقاطه فجرى عليه حكم الدار، وصورة البحر لم يعلم التقاطه حتى يجري عليه حكم الدار، وإنما نص المصنف على البعض ليعلم منه حكم كامل الرق من باب أولى. (ويقتل قن ومدبر ومكاتب وأم ولد بعضهم ببعض) ولو كان المقتول لكافر والقاتل لمسلم للتساوي في الملك ولا نظر إلى ما انعقد لهؤلاء من سبب الحرية، وإنما المؤثر الحرية الناجزة.
تنبيه: استثنى المكاتب إذا قتل عبده لا يقتل به كما لا يقتل الحر بعبده، ولو كان المقتول أباه على الأصح في الروضة خلافا لما في الشرح الصغير لأنه مملوكه والسيد لا يقتل بمملوكه (ولو قتل عبد عبدا ثم عتق القاتل، أو) جرح عبد عبدا ثم (عتق) الجارح (بين الجرح والموت فكحدوث الاسلام) لذمي قتل أو جرح. وحكمه كما سبق وهو عدم سقوط القصاص في القتل جزما، وكذا في الجرح على الأصح. ولو أسلم الذمي أو عتق الرقيق عقب إرسال المسلم في الأول والحر في الثاني سهما، وقبل الإصابة لا قصاص لأنه لم يساوه من أول الفعل.