عليها، ويدل له قوله (فأبانوها قطعوا) كلهم أو تعمدوا كما في النفس. فإن قيل لو سرى رجلان نصابا واحدا لم يقطعا فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن القطع حق الله تعالى، والحدود بالمساهلات أحق، بخلاف القصاص الذي هو حق آدمي. واحترز بقوله: وتحاملوا عليه دفعة عما لو تميز فعل بعضهم عن بعض، كأن قطع كل منهم من جانب والتقت الحديدتان. وبقوله: وأبانوها عما لو أبان كل منهم بعض الطرف أو تعاونوا على قطعه بمنشار جره بعضهم في الذهاب وبعضهم في العود فإنه لا قود على أحد في الأولى خلافا لصاحب التقريب، ولا في الثانية عند الجمهور لتعذر المماثلة لاشتمال المحل على أعصاب ملتفة وعروق ضاربة وساكنة مع اختلاف وضعها في الأعضاء، بل على كل منهم حكومة تليق بجنايته بحيث يبلغ مجموع الحكومات دية اليد كما بحثه الرافعي وتبعه المصنف (وشجاج) مجموع (الرأس والوجه) بكسر المعجمة جمع شجة بفتحها وهي جرح فيهما، أما في غيرهما فيسمى جرحا لا شجة (عشر) دليله استقراء كلام العرب. ثم بدأ بأول الشجاج بقوله (حارصة) بمهملات (وهي ما شق الجلد قليلا) كالخدش مأخوذ من قولهم:
حرص القصار الثوب إذا شقه بالدق. وتسمى أيضا: القاشرة بقاف وشين معجمة، والحرصة والحريصة (ودامية) بمثناة تحتية خفيفة، وهي التي (تدميه) بضم أوله: أي الشق من غير سيلان دم، فإن سال فدامعة بعين مهملة. وبهذا الاعتبار تكون الشجاج أحد عشر كما سيأتي (وباضعة) بموحدة ومعجمة مكسورة ثم عين مهملة، وهي التي (تقطع) أي تشق (اللحم) الذي بعد الجلد شقا خفيفا من البضع وهو القطع (ومتلاحمة) بمهملة، وهي التي (تغوص فيه) أي اللحم ولا تبلغ الجلدة التي بين اللحم والعظم. سميت بذلك تفاؤلا بما تؤول إليه من الالتحام وتسمى أيضا الملاحمة (وسمحاق) بسين مكسورة وحاء مهملتين، وهي التي (تبلغ الجلد التي بين اللحم والعظم) سميت بذلك لأن تلك الجلدة يقال لها سمحاق الرأس مأخوذة من سماحيق البطن وهي الشحم الرقيق وقد تسمى هذه الشحمة الملطاء والملطاة واللاطية (وموضحة) وهي التي (توضح) أي تكشف (العظم) بحيث يقرع بالمرود وإن لم يشاهد العظم من أجل الدم الذي يستره حتى لو غرز إبرة في رأسه ووصلت إلى العظم كان إيضاحا (وهاشمة) وهي التي (تهشمه) أي تكسره سواء أوضحته أم لا (ومنقلة) بكسر القاف المشددة أفصح من فتحها وتسمى أيضا المنقولة وهي التي (تنقله) بالتخفيف والتشديد من محل إلى آخر سواء أوضحته وهشمته أو لا (ومأمومة) بالهمز جمعها مآميم كمكاسير وتسمى أيضا آمة وهي التي (تبلغ خريطة الدماغ) المحيطة به وهي أم الرأس (ودامغة) بمعجمة وهي التي (تخرقها) أي خريطة الدماغ وتصل إليه وهي مذففة غالبا.
تنبيه: أفهم كلامه أن جميع هذه الشجاج تتصور في الوجه، وهو ظاهر في الجبهة، ويتصور ما عدا المأمومة والدامغة في خد وقصبة أنف ولحي أسفل وسائر البدن، وهذه العشرة هي المشهورة، وزاد أبو عبيد: الدامعة بالعين المهملة بعد الدال، ولذلك عدها الماوردي أحد عشر. (ويجب القصاص) من هذه العشرة (في الموضحة فقط) لتيسر ضبطها واستيفاء مثلها. وأما غيرها فلا يؤمن الزيادة والنقصان في طول الجراحة وعرضها ولا يوثق باستيفاء المثل، ولذلك لا يجب القصاص في كسر العظام (وقبل) يجب في الموضحة (وفيما قبلها) من الشجاع أيضا (سوى الحارصة) فلا يجب القصاص فيها جزما، وهي الدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق لامكان الوقوف على نسبة المقطوع في الجملة.
تنبيه: استثناء الحارصة مما زاده المصنف على المحرر. قال في الدقائق: ولا بد منه فإن الحارصة لا قصاص فيها قطعا وإنما الخلاف في غيرها اه. وفي الكفاية أن كلام جماعة يفهم خلافا فيها. وقال في المطلب: إن كلام الشافعي في المختصر