صرح بها لخروجها عن الضابط أو أنها تقتل غالبا في هذا المحل الذي غرزت فيه.
تنبيه: ما جزم به المصنف من قصد تعيين الشخص في العمد موافق للروضة هنا ولما سيأتي في موجبات الدية، فلو قصد إصابة أحد رجلين فأصاب واحدا منهما يجب عليه القصاص. ولا يخالف هذين الموضعين ما رجحه قبل الديات من زوائده من وجوب القصاص فيمن رمى شخصا أو جمعا وقصد إصابة أي واحد منهم فأصاب واحدا، لأن أي للعموم فكأن كل شخص مقصود بخلاف ما إذا قصد واحدا لا بعينه فلا يكون عمدا، فما في الزوائد هو المعتمد وإن خالف في ذلك البلقيني والأسنوي وغيرهما. ويشترط أيضا مع قصد الشخص أن يعرف أنه إنسان كما قاله البلقيني، فلو رمى شخصا اعتقده نخلة فكان إنسانا لم يكن عمدا على الصحيح، وبه قطع الشيخ أبو محمد، وأورد على المصنف ما إذا قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا بجهة حكم، ثم بان الخلل في مستنده ولم يقصر الحاكم، كما إذا قبله بشهادة من بانا بعد القتل رقيقين، إذ الراجح وجوب الدية مخففة. وما إذا رمى حربي أو مرتد فأسلم، ثم أصابه السهم إذ هو خطأ، وعلى النص أنها حالة في مال الجاني. وما إذا كان وكيلا في استيفاء القصاص ثم عفا عن الجاني أو عزل ولم يعلم الوكيل ذلك واستوفى القصاص تجب دية مغلظة حالة على الوكيل. وقد يقال إنما سقط القصاص في هذه الصور لعوارض. (فإن فقد قصد) هما أو فقد قصد (أحدهما) أي الفعل أو الشخص، (بأن وقع عليه فمات) هذا كما قال الرافعي مثال للأولى، فكان ينبغي للمصنف أن يزيدها. وأما مثال الثانية فهو قوله: (أو رمى شجرة) أو نحو ذلك كدابة فأصابه فمات، أو رمى آدميا فأصاب غيره فمات، (فخطأ) لعدم قصد عين الشخص.
تنبيه: يوزع المصنف في تصوير قصد الشخص دون الفعل فإنه متعذر، قيل: ويمكن تصويره بما إذا قصد ضربه بصفح السيف فأخطأ وأصاب بحده فهذا لم يقصد الفعل بالحد مع أنه قصد الشخص، وبما لو توعده إمام ظالم وهدد فمات بذلك فهذا قصد الشخص بالكلام ولم يقصد الفعل الواقع به لعدم صدوره إذ ذاك منه. ونوزع في المثال أيضا بأن من وقع على شخص لا ينسب إليه فعل أصلا فضلا عن كونه خطأ، لأن الخطأ على مقتضى تقسيم المصنف الفعل المزهق لا بد فيه من فعل. وقد يعتذر عنه كما قاله بعض شراح الكتاب بأن المثال المذكور مما يعطى حكم الخطأ وليس بخطأ، أو أن الوقوع فيه منسوب إلى الشخص الواقع فيصدق عليه حينئذ الفعل المقسم. وعبارة المحرر ظاهرة في المراد حيث قال: الفعل المزهق إن وجد والشخص غير قاصد للفعل بأن صاح على صبي فمات أو غير قاصد لمن أصابه كما إذا رمى شجرة فأصاب إنسانا فهذا خطأ، فظهر من كلامه أن المعتبر في الخطأ أحد أمرين: أن لا يقصد أصل الفعل أو يقصده دون الشخص. (وإن قصدهما) أي الفعل والشخص، (بما) أي شئ له مدخل في الاهلاك (لا يقتل غالبا) عدوانا، فمات، (فشبه عمد) سمي بذلك لأنه أشبه العمد في القصد، ويسمى أيضا خطأ عمد وعمد خطأ وخطأ شبه عمد.
(ومنه الضرب بسوط أو عصا) للحديث المار، لكن بشروط أن يكونا خفيفين، وأن يوالي بين الضربات، وأن لا يكون الضرب في مقتل أو المضروب صغيرا أو ضعيفا، وأن لا يكون حر أو برد معين على الهلاك، وأن لا يشتد الألم ويبقى إلى الموت. فإن كان فيه شئ من ذلك فهو عمد لأنه يقتل غالبا كما في الشرح والروضة. ومثل العصا المذكورة الحجر الخفيف وكف مقبوضة الأصابع لمن يحمل الضرب بذلك واحتمل موته به.
تنبيه: يرد على طرده التعزير ونحوه، فإنه قصد الفعل والشخص بما لا يقتل غالبا، وليس بشبه عمد بل خطأ، وعلى عكسه ما لو قال الشاهدان الراجعان: لم نعلم أنه يقتل بقولنا، وكانا ممن يخفى عليهما ذلك، فحكمه حكم شبه العمد مع وجود قصد الشخص والفعل بما يقتل غالبا. (فلو غرز إبرة بمقتل) بفتح المثناة الفوقية: واحد المقاتل وهي المواضع التي إذا أصيبت قتلت، كعين ودماغ وأصل أذن وحلق وثغرة نحر وخاصرة وأخدع بالدال المهملة وهو عرق العنق، وإحليل وأنثيين، ومثانة، بالمثلثة بعد الميم: مستقر البول من الآدمي، وعجان، وهو بكسر العين المهملة: ما بين الخصية والدبر،