والقط عرضا كقط القلم، وليس مرادا هنا. (فالقصاص على القاتل) في الأولى لحديث: إذا أمسك الرجل الرجل حتى جاء آخر فقتله قتل القاتل وحبس الممسك رواه الدارقطني، وصحح ابن القطان رفعه، وقاسه الشافعي على ممسك المرأة للزنا يحد الزاني دونه، وكما لا قصاص لا دية بل يعزر لأنه آثم، ولهذا قال في الحديث: يحبس. نعم لو كان المقتول رقيقا كان للمالك مطالبة الممسك باليد والقرار على القاتل، بخلاف ما لو أمسك المحرم صيدا فقتله حلال وهو في يد المحرم فالضمان على المحرم. وفرقوا بأنه ثم ضمان يد وهنا ضمان إتلاف، وجعلوا سلب القتيل للقاتل الممسك لاندفاع شر الكافر بهما.
تنبيه: شرط المسألة المذكورة في المتن أن يكون القاتل مكلفا، فلو أمسكه وعرضه لمجنون أو سبع ضار فقتله، فالقصاص على الممسك قطعا كما قاله ابن الرفعة لأنه يعد قاتلا عرفا. ويرد على المصنف ما لو وضع صغيرا على هدف بعد الرمي لا قبله فأصابه سهم الرامي فإن القصاص على المقدم لأنه المباشر فهو كالمردي دون الرامي لأنه كالحافر، بخلاف ما لو وضعه قبل الرمي، فإن القصاص على الرامي لأنه المباشر. (و) على (المردي) في الثانية تقديما للمباشرة، لأن الحفر شرط ولا أثر له مع المباشرة تنبيه: كلامه قد يفهم تعلق القصاص بالحافر لو انفرد، وليس مرادا لأن الحفر شرط، والشرط لا يتعلق به قصاص كما مر، ومعلوم أنه لا بد لوجود القصاص من كون التردية يحصل منها القتل غالبا كما قدرته في كلامه. (و) على (القاد) في الثالثة الملتزم للأحكام لأن فعله قطع أثر السبب، ولا شئ على الملقي وإن عرف الحال أو كان القاد ممن لا يضمن كحربي. نعم لو كان القاد مجنونا ضاربا فالقصاص على الملقي كما قاله الإمام. وقوله: (فقط) أي دون الممسك والحافر والملقي على ما تقرر. (ولو ألقاه في ماء مغرق) لا يمكنه الخلاص منه كلجة البحر، (فالتقمه حوت) ولو قبل الوصول إلى الماء، (وجب القصاص في الأظهر) لأنه هلك بسببه، ولا نظر إلى جهة الهلاك كما لو ألقاه في بئر مهلكة في أسفلها سكين لم يعلم بها الملقي فهلك بها. والثاني. وهو من تخريج الربيع في صورة الالقاء من شاهق: تجب الدية، لأن الهلاك من غير الوجه الذي قصد فانتهض شبهة في نفي القصاص، والأصحاب بين راد له ومضعف.
تنبيه: محل الخلاف ما لم يرفع الحوت رأسه ويلقمه، وإلا وجب القصاص قطعا. ومحله أيضا إذا لم يعلم بالحوت الذي في اللجة، فإن علم به وجب القود قطعا كما لو ألقاه على أسد في زريبته كما قال صاحب المعين أنه الذي أفهمه كلام الأصحاب. (أو غير مغرق) فالتقمه حوت ولم يعلم به الملقي، (فلا) قصاص قطعا لأنه لم يقصد إهلاكه ولم يشعر بسبب الاهلاك، كما لو دفعه دفعا خفيفا فوقع على سكين فمات ولم يعلم بها الدافع، ويجب في الصورتين دية شبه عمد .
تنبيه: قضية التعليل أنه إذا علم أن هناك حوتا يجب القود، وهو ما صرح به في الوسيط، كما لو علم السكين. ثم شرع في الضرب الثالث، وهو السبب الحسي، فقال: (ولو أكرهه على قتل) لشخص بغير حق فقتله، (فعليه) أي المكره بكسر الراء (القصاص) لأنه أهلكه بما يقصد به الاهلاك غالبا، فأشبه ما لو رماه بسهم فقتله. (وكذا) يجب القصاص على (المكره) أيضا بفتحها، (في الأظهر) لأنه قتله عمدا عدوانا لاستبقاء نفسه، فأشبه ما لو قتله المضطر ليأكله، بل أولى لأن المضطر على يقين من التلف إن لم يأكل بخلاف المكره. والثاني: لا قصاص عليه، لحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه آلة للمكره فصار كما لو ضربه به. وقيل: لا قصاص على المكره - بكسر الراء - لأنه متسبب، بل على المكره - بفتحها - فقط لأنه مباشر، والمباشرة مقدمة.
تنبيهات: الأول: إطلاقه يقتضي أنه لا فرق في جريان الخلاف بين كون المكره الإمام أو غيره، وهو الصحيح.
ولكن محله فيما إذا كان المكره عليه غير نبي، أما إذا كان نبيا فيجب على المكره - بفتح الراء - القصاص قطعا كما دل عليه كلامهم في المضطر. والثاني: لم يبين المصنف ما يحصل به الاكراه اكتفاء بما ذكره في الطلاق، ولكن نقل الرافعي