كذا في الروضة وأصلها، قال البلقيني: وهو مقيد في الفسق والردة بأن لا يكون في حد لآدمي أو قصاص لم يستوف، فإن وجد بعد الحكم وقبل الاستيفاء لم يستوف كالرجوع، بخلاف حدوث العداوة بعد الحكم أو قبله وبعد الأداء فإنه لا يؤثر. (وجنونه) أي الأصل إذا كان مطبقا وخرسه وعماه (كموته) فتقبل شهادة الفرع (على الصحيح) لأن ذلك لا يوقع ريبة في الماضي. والثاني: يمنع كالفسق.
تنبيه: كالجنون الاغماء إلا أن يكون المغمى عليه حاضرا فلا يشهد الفرع بل ينتظر زوال الاغماء لقرب زواله، قاله الإمام وأقره. قال الرافعي: وقضيته أن يلحق به كل مرض يتوقع قرب زواله. قال المصنف: والصواب الفرق لبقاء أهلية المريض بخلاف المغمى عليه انتهى. واعترضه الأذرعي بأنه إذا انتظرنا إفاقة المغمى عليه مع عدم أهليته فانتظار المريض الأهل أولى بلا شك. (ولو تحمل فرع فاسق) أو كافر (أو عبد أو صبي فأدى وهو كامل) بعدالة في الأول وإسلام في الثاني وحرية في الثالث وبلوغ في الرابع، (قبلت) حينئذ شهادته على الصحيح كالأصل إذا تحمل وهو ناقص ثم أدى بعد كماله.
تنبيه: لا بد من عدد الفرع، ولو كانت الشهادة مما يقبل فيها الواحد كهلال رمضان. (ويكفي شهادة اثنين) فرعين (على الشاهدين) الأصليين كما لو شهدا على مقرين. والمراد أن يشهد كل من الفرعين على كل من الأصلين، ولا يكفي واحد على هذا وواحد على الآخر قطعا وإن أوهم كلامه خلافه، ولا يكفي أيضا أصل شهد مع فرع على الأصل الثاني، لأن من قام بأحد شطري البينة لا يقوم بالآخر ولو مع غيره.
تنبيه: يكفي شاهدان على رجل وامرأتين لأنهما مقام رجل. (وفي قول) صححه جمع: (يشترط لكل رجل أو امرأة) من الأصول (اثنان) لأن شهادتهما على واحد قائمة مقام شهادته فلا تقوم مقام شهادة غيره. (وشرط) شهادة الفرع في (قبولها تعذر أو تعسر الأصيل بموت أو عمى) لا تسمع معه شهادة الأعمى. وهذان مثالان للتعذر، ومثلهما الجنون المطبق والخرس الذي لا يفهم، فلو قال كالموت كان أولى. (أو مرض يشق حضوره) مشقة ظاهرة بأن يجوز لأجله ترك الجمعة وخوف من غريم وسائر أعذار الجمعة كما في أصل الروضة لأنها جوزت للحاجة. قال الزركشي: وما ذكر من ضابط المرض هنا نقله في أصل الروضة عن الإمام والغزالي، وهو بعيد نقلا وعقلا، وبين ذلك، ثم قال: على أن إلحاقه سائر أعذار الجمعة بالمرض لا يمكن القول به على الاطلاق، فإن أكل ماله ريح كريهة عذر في الجمعة، ولا يقول أحد هنا بأن أكل شهود الأصل ذلك سوغ سماع الشهادة على شهادتهم. وسبقه إلى ذلك الأذرعي. وقد يقال: المراد من ذلك ما يشق معه الحضور. (أو غيبة لمسافة عدوة، وقيل) لمسافة (قصر) لأن ما دونها في حكم البلد.
تنبيه: قوله: لمسافة عدوى نسب فيه إلى سبق القلم، وصوابه: فوق مسافة العدوي كما هو في المحرر والروضة وغيرهما، فإن المسوغ لشهادة الفرع غيبة الأصل فوق مسافة العدوي. وقد تقدم في الفصل قبله أن من شروط وجوب الأداء أن يدعى من مسافة العدوي، فكيف يقبل فيها شهادة الفرع مع وجوب الأداء على الأصل؟. وليس ما ذكر هنا تكرارا مع ما مر من أن موت الأصل وغيبته ومرضه لا يمنع شهادة الفرع، لأن ذاك في بيان طريان العذر، وهذا في المسوغ للشهادة. ويستثنى من شروط الغيبة شهود التزكية، فإن أصحاب المسائل تقبل شهادتهم عند القاضي على شهادة المزكي مع حضور المزكين في البلد كما ذكراه في فصل التزكية وتقدم ما فيه. ولو شهد الفرع في غيبة الأصل ثم حضر أو قال لا أعلم أني تحملت أو نسيت أو نحو ذلك لم يحكم بها لحصول القدرة على الأصل في الأولى والريبة فيما عداها أو بعد الحكم بها لم يؤثر، ولو كذب به الأصل بعد القضاء لم ينقبض. قال ابن الرفعة: ويظهر أن يجئ تغريمهم والتوقف في استيفاء العقوبة ما يأتي في رجوع الشهود بعد القضاء. قال الأذرعي وهو ظاهر إلا أن يثبت أنه كذبه قبله فينقض.