شهد بها منفردة لم تثبت بها، وإن ذكرها في شهادته بأصل الوقف سمعت لأنه يرجع حاصله إلى بيان كيفية الوقف اه.
وما قاله المصنف قال به ابن سرافة وغيره، والأوجه كما قال شيخنا حمله على ما قاله ابن الصلاح وهو شيخه كما قاله ابن قاسم. قال الأسنوي: ولا شك أن المصنف لم يطلع عليه، أي ما قاله ابن الصلاح. وبقي مما يثبت بالاستفاضة صور أخر: منها القضاء والجرح والتعديل والرشد والإرث واستحقاق الزكاة والرضاع، وتقدم بعض ذلك. وحيث ثبت النكاح بالتسامع لا يثبت الصداق به، بل يرجع لمهر المثل، ولا يكفي الشاهد بالاستفاضة أن يقول: سمعت الناس يقولون هكذا، وإن كانت شهادته مبنية عليها، بل يقول: أشهد أنه له أو أنه ابنه مثلا، لأنه قد يعلم أنه خلاف ما سمع من الناس، بل قال ابن أبي الدم: لو صرح بذلك لم تقبل الشهادة على الأصح لأن ذكره يشعر بعدم جزمه بالشهادة. ويؤخذ من هذا التعليل حمل هذا على ما إذا ظهر بذكره تردد في الشهادة، فإن ذكره لتقوية أو حكاية حال قبلت شهادته وهو ظاهر. وليس له أن يقول أشهد أن فلانة ولدت فلانا وأن فلانا أعتق فلانا، لما مر أنه يشترط في الشهادة بالفعل الابصار، وبالقول الابصار والسمع. (وشرط التسامع) الذي تستند الشهادة إليه في المشهود به، (سماعه) أي المشهود به (من جمع) كثير (يؤمن تواطؤهم) أي توافقهم (على الكذب) بحيث يقع العلم أو الظن القوي بخبرهم كما ذكراه في الشرح والروضة، لأن الأصل في الشهادة اعتماد اليقين، وإنما يعدل عنه عند عدم الوصول إليه إلى ظن يقرب منه على حسب الطاقة.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه لا يشترط فيهم عدالة ولا حرية ولا ذكورة، وهو كذلك، كما لا يشترط في التواتر.
(وقيل يكفي) سماعه (من عدلين) فقط إذا سكن القلب إلى خبرهما، لأن الحاكم يعتمد قولهما، فكذا الشاهد، ومال إليه الإمام. وقيل: يكفي واحد إذا سكن إليه القلب. (ولا تجوز الشهادة على ملك بمجرد يد) أو تصرف، لأن اليد لا تستلزم الملك إذ قد يكون عن إجارة أو عارية. (ولا بيد وتصرف في مدة قصيرة) عرفا بلا استفاضة لاحتمال أنه وكيل عن غيره. (وتجوز في) مدة (طويلة) عرفا بلا معارضة منازع (في الأصح) لأن امتداد اليد والتصرف مع طول الزمان من غير منازع يغلب على الظن الملك. والثاني: لا يجوز، لأنهما قد يوجدان من مستأجر ووكيل وغاصب.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم ينضم إلى اليد والتصرف استفاضة وإلا جازت الشهادة قطعا. ويستثنى من إطلاقه الرقيق، فليس لمن رأى صغيرا في يد من يستخدمه ويأمره وينهاه مدة طويلة أن يشهد له بملكه إلا أن يسمعه يقول: هو عبدي أو يسمع الناس يقولون ذلك كما صححه في الروضة في أثناء باب اللقيط، قال ابن شهبة: وكان الفرق الاحتياط في الحرية ووقع الاستخدام في الأحرار كثير. (و) التصرف المنضم إلى اليد (شرطه) في عقار (تصرف ملاك) فيه، جمع مالك. وبين التصرف بقوله: (من سكنى وهدم وبناء) ودخول وخروج (وبيع) وفسخ بعده (ورهن) وإجارة ونحوها، لأنها تدل على الملك مع عدم النكير.
تنبيه: لا يشترط اجتماع هذه الأمور كما يوهمه كلامه بل واحد منها كاف. قالا: ولا يكفي التصرف مرة واحدة فإنه لا يثير الظن لقوله قبل ذلك: في مدة طويلة. (وتبنى شهادة الاعسار على قرائن) خفية من أحوال المعسر، (و) على (مخائل الضر) جمع مخيلة من خال بمعنى ظن، أي ما يظن بها ما ذكر، والضر بالفتح خلاف النفع، وبالضم الهزال وسوء الحال وهو المناسب هنا. (و) على مخائل (الإضافة) مصدر أضاق الرجل ذهب ماله، والضيق بالكسر