مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٩
شهد بها منفردة لم تثبت بها، وإن ذكرها في شهادته بأصل الوقف سمعت لأنه يرجع حاصله إلى بيان كيفية الوقف اه‍.
وما قاله المصنف قال به ابن سرافة وغيره، والأوجه كما قال شيخنا حمله على ما قاله ابن الصلاح وهو شيخه كما قاله ابن قاسم. قال الأسنوي: ولا شك أن المصنف لم يطلع عليه، أي ما قاله ابن الصلاح. وبقي مما يثبت بالاستفاضة صور أخر: منها القضاء والجرح والتعديل والرشد والإرث واستحقاق الزكاة والرضاع، وتقدم بعض ذلك. وحيث ثبت النكاح بالتسامع لا يثبت الصداق به، بل يرجع لمهر المثل، ولا يكفي الشاهد بالاستفاضة أن يقول: سمعت الناس يقولون هكذا، وإن كانت شهادته مبنية عليها، بل يقول: أشهد أنه له أو أنه ابنه مثلا، لأنه قد يعلم أنه خلاف ما سمع من الناس، بل قال ابن أبي الدم: لو صرح بذلك لم تقبل الشهادة على الأصح لأن ذكره يشعر بعدم جزمه بالشهادة. ويؤخذ من هذا التعليل حمل هذا على ما إذا ظهر بذكره تردد في الشهادة، فإن ذكره لتقوية أو حكاية حال قبلت شهادته وهو ظاهر. وليس له أن يقول أشهد أن فلانة ولدت فلانا وأن فلانا أعتق فلانا، لما مر أنه يشترط في الشهادة بالفعل الابصار، وبالقول الابصار والسمع. (وشرط التسامع) الذي تستند الشهادة إليه في المشهود به، (سماعه) أي المشهود به (من جمع) كثير (يؤمن تواطؤهم) أي توافقهم (على الكذب) بحيث يقع العلم أو الظن القوي بخبرهم كما ذكراه في الشرح والروضة، لأن الأصل في الشهادة اعتماد اليقين، وإنما يعدل عنه عند عدم الوصول إليه إلى ظن يقرب منه على حسب الطاقة.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه لا يشترط فيهم عدالة ولا حرية ولا ذكورة، وهو كذلك، كما لا يشترط في التواتر.
(وقيل يكفي) سماعه (من عدلين) فقط إذا سكن القلب إلى خبرهما، لأن الحاكم يعتمد قولهما، فكذا الشاهد، ومال إليه الإمام. وقيل: يكفي واحد إذا سكن إليه القلب. (ولا تجوز الشهادة على ملك بمجرد يد) أو تصرف، لأن اليد لا تستلزم الملك إذ قد يكون عن إجارة أو عارية. (ولا بيد وتصرف في مدة قصيرة) عرفا بلا استفاضة لاحتمال أنه وكيل عن غيره. (وتجوز في) مدة (طويلة) عرفا بلا معارضة منازع (في الأصح) لأن امتداد اليد والتصرف مع طول الزمان من غير منازع يغلب على الظن الملك. والثاني: لا يجوز، لأنهما قد يوجدان من مستأجر ووكيل وغاصب.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم ينضم إلى اليد والتصرف استفاضة وإلا جازت الشهادة قطعا. ويستثنى من إطلاقه الرقيق، فليس لمن رأى صغيرا في يد من يستخدمه ويأمره وينهاه مدة طويلة أن يشهد له بملكه إلا أن يسمعه يقول: هو عبدي أو يسمع الناس يقولون ذلك كما صححه في الروضة في أثناء باب اللقيط، قال ابن شهبة: وكان الفرق الاحتياط في الحرية ووقع الاستخدام في الأحرار كثير. (و) التصرف المنضم إلى اليد (شرطه) في عقار (تصرف ملاك) فيه، جمع مالك. وبين التصرف بقوله: (من سكنى وهدم وبناء) ودخول وخروج (وبيع) وفسخ بعده (ورهن) وإجارة ونحوها، لأنها تدل على الملك مع عدم النكير.
تنبيه: لا يشترط اجتماع هذه الأمور كما يوهمه كلامه بل واحد منها كاف. قالا: ولا يكفي التصرف مرة واحدة فإنه لا يثير الظن لقوله قبل ذلك: في مدة طويلة. (وتبنى شهادة الاعسار على قرائن) خفية من أحوال المعسر، (و) على (مخائل الضر) جمع مخيلة من خال بمعنى ظن، أي ما يظن بها ما ذكر، والضر بالفتح خلاف النفع، وبالضم الهزال وسوء الحال وهو المناسب هنا. (و) على مخائل (الإضافة) مصدر أضاق الرجل ذهب ماله، والضيق بالكسر
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548