(ويذكر) حتما (في حلفه صدق الشاهد) له واستحقاقه لما ادعاه، فيقول: والله شاهدي صادق فيما شهد به، وأنا مستحق لكذا.
تنبيه: علم من تعبير المصنف بالواو أنه لا ترتيب بين الحلف على إثبات الحق وصدق الشاهد، وحكى الإمام فيه الاتفاق، وإنما اعتبر تعرضه في يمينه لصدق شاهده لأن اليمين والشهادة حجتان مختلفتا الجنس، فاعتبر ارتباط إحداهما بالأخرى ليصيرا كالنوع الواحد. (فإن ترك) المدعي (الحلف) بعد شهادة شاهده (وطلب يمين خصمه فله ذلك) لأنه قد يتورع عن اليمين، فإن حلف سقطت الدعوى، وليس له أن يحلف بعد ذلك مع شاهده كما نقله الرافعي عن ابن الصباغ، بخلاف ما لو أقام بينة بعد يمين المدعى عليه حيث تسمع، لأن البينة قد يتعذر عليه إقامتها فعذر، واليمين إليه بعد شهادة الشاهد الواحد، فلا عذر له في الامتناع. (فإن نكل) المدعى عليه عن اليمين، (فله) أي المدعي (أن يحلف يمين الرد في الأظهر) كما لو لم يكن له شاهد ونكل المدعى عليه لأنها غير التي امتنع عنها، لأن تلك لقوة جهته بالشاهد وهذه لقوة جهته بنكول المدعى عليه، ولان تلك لا يقضى بها إلا في المال وهذه يقضى بها في جميع الحقوق.
والثاني: المنع، لأنه ترك الحلف فلا يعود إليه، وعورض بما مر. وعلى الأول لو لم يحلف سقط حقه من اليمين، وليس له مطالبة الخصم كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الدعاوى. (ولو كان بيده) أي شخص (أمة وولدها) يسترقهما، (فقال) له (رجل: هذه مستولدتي علقت) مني (بهذا) الولد (في ملكي وحلف مع شاهد) بذلك، (ثبت الاستيلاد) لأن حكم المستولدة حكم المال فتنزع ممن هي في يده وتسلم إليه كغيرها من الأموال، وإذا مات حكم بعتقها بإقراره لا بالشاهد واليمين كما توهمه عبارة الكتاب والروضة، لأن الاستيلاد لا يثبت بالحجة الناقصة. فإن قيل: لا بد أن يقول في الدعوى: وهي باقية على ملكي على حكم الاستيلاد إلى الآن لاحتمال أن يكون ملكه زال عنها ببيع بعد استيلادها بأن استولدها وهي مرهونة رهنا لازما ولم يأذن له المرتهن في الوطئ وكان معسرا فإنه لا ينفذ الاستيلاد في حق المرتهن، وكذا الجانية. أجيب بأن هذا احتمال بعيد لا يعول عليه في الدعوى. (لا نسب الولد وحريته) فلا يثبتان بالشاهد واليمين (في الأظهر) لأنهما حجة ناقصة. والثاني: يثبتان تبعا فينزع ممن هو في يده ويكون حرا نسبيا بإقرار المدعي. وعلى الأول يبقى الولد في يد صاحب اليد. وفي ثبوت نسبه من المدعي بالاقرار ما مر في بابه، فقال الرافعي: مقتضاه أنه إن كان صغيرا لم يثبت محافظة على حق الولاء للسيد، أو بالغا وصدقه ثبت في الأصح. (ولو كان بيده غلام) يسترقه (فقال) له (رجل: كان لي) هذا الغلام (وأعتقته) وأنت تسترقه ظلما، (وحلف مع شاهد) بذلك أو شهد له رجل وامرأتان بذلك، (فالمذهب انتزاعه) من يده (ومصيره حرا) لا بالشهادة كما هو ظاهر كلامه بل بإقراره كما نص عليه، وإن تضمن استلحاقه الولاء لأنه تابع. ومنهم من خرج قولا من مسألة الاستيلاد بنفي ذلك فجعل في المسألة قولين، ومنهم من قطع بالأول وهو الراجح في أصل الروضة. والفرق أن المدعي هنا يدعي ملكا وحجته تصلح لاثباته، والعتق يترتب عليه بإقراره. (ولو ادعت ورثة) الميت كلهم أو بعضهم (مالا) عينا أو دينا أو منفعة (لمورثهم وأقاموا) عليه (شاهدا) بالمال بعد أن أثبتوا موته ووراثتهم منه، (وحلف معه بعضهم أخذ) الحالف (نصيبه) فقط، (ولا يشارك فيه) أي لا يشاركه أحد ممن لم يحلف لا من الغائبين ولا من الحاضرين الناكلين، لأن الحجة تمت في حقه وحده. كذا نص عليه هنا، ونص في الصلح أنهما لو ادعيا دارا أو إرثا وصدق المدعى عليه أحدهما