مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٤
(ويذكر) حتما (في حلفه صدق الشاهد) له واستحقاقه لما ادعاه، فيقول: والله شاهدي صادق فيما شهد به، وأنا مستحق لكذا.
تنبيه: علم من تعبير المصنف بالواو أنه لا ترتيب بين الحلف على إثبات الحق وصدق الشاهد، وحكى الإمام فيه الاتفاق، وإنما اعتبر تعرضه في يمينه لصدق شاهده لأن اليمين والشهادة حجتان مختلفتا الجنس، فاعتبر ارتباط إحداهما بالأخرى ليصيرا كالنوع الواحد. (فإن ترك) المدعي (الحلف) بعد شهادة شاهده (وطلب يمين خصمه فله ذلك) لأنه قد يتورع عن اليمين، فإن حلف سقطت الدعوى، وليس له أن يحلف بعد ذلك مع شاهده كما نقله الرافعي عن ابن الصباغ، بخلاف ما لو أقام بينة بعد يمين المدعى عليه حيث تسمع، لأن البينة قد يتعذر عليه إقامتها فعذر، واليمين إليه بعد شهادة الشاهد الواحد، فلا عذر له في الامتناع. (فإن نكل) المدعى عليه عن اليمين، (فله) أي المدعي (أن يحلف يمين الرد في الأظهر) كما لو لم يكن له شاهد ونكل المدعى عليه لأنها غير التي امتنع عنها، لأن تلك لقوة جهته بالشاهد وهذه لقوة جهته بنكول المدعى عليه، ولان تلك لا يقضى بها إلا في المال وهذه يقضى بها في جميع الحقوق.
والثاني: المنع، لأنه ترك الحلف فلا يعود إليه، وعورض بما مر. وعلى الأول لو لم يحلف سقط حقه من اليمين، وليس له مطالبة الخصم كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الدعاوى. (ولو كان بيده) أي شخص (أمة وولدها) يسترقهما، (فقال) له (رجل: هذه مستولدتي علقت) مني (بهذا) الولد (في ملكي وحلف مع شاهد) بذلك، (ثبت الاستيلاد) لأن حكم المستولدة حكم المال فتنزع ممن هي في يده وتسلم إليه كغيرها من الأموال، وإذا مات حكم بعتقها بإقراره لا بالشاهد واليمين كما توهمه عبارة الكتاب والروضة، لأن الاستيلاد لا يثبت بالحجة الناقصة. فإن قيل: لا بد أن يقول في الدعوى: وهي باقية على ملكي على حكم الاستيلاد إلى الآن لاحتمال أن يكون ملكه زال عنها ببيع بعد استيلادها بأن استولدها وهي مرهونة رهنا لازما ولم يأذن له المرتهن في الوطئ وكان معسرا فإنه لا ينفذ الاستيلاد في حق المرتهن، وكذا الجانية. أجيب بأن هذا احتمال بعيد لا يعول عليه في الدعوى. (لا نسب الولد وحريته) فلا يثبتان بالشاهد واليمين (في الأظهر) لأنهما حجة ناقصة. والثاني: يثبتان تبعا فينزع ممن هو في يده ويكون حرا نسبيا بإقرار المدعي. وعلى الأول يبقى الولد في يد صاحب اليد. وفي ثبوت نسبه من المدعي بالاقرار ما مر في بابه، فقال الرافعي: مقتضاه أنه إن كان صغيرا لم يثبت محافظة على حق الولاء للسيد، أو بالغا وصدقه ثبت في الأصح. (ولو كان بيده غلام) يسترقه (فقال) له (رجل: كان لي) هذا الغلام (وأعتقته) وأنت تسترقه ظلما، (وحلف مع شاهد) بذلك أو شهد له رجل وامرأتان بذلك، (فالمذهب انتزاعه) من يده (ومصيره حرا) لا بالشهادة كما هو ظاهر كلامه بل بإقراره كما نص عليه، وإن تضمن استلحاقه الولاء لأنه تابع. ومنهم من خرج قولا من مسألة الاستيلاد بنفي ذلك فجعل في المسألة قولين، ومنهم من قطع بالأول وهو الراجح في أصل الروضة. والفرق أن المدعي هنا يدعي ملكا وحجته تصلح لاثباته، والعتق يترتب عليه بإقراره. (ولو ادعت ورثة) الميت كلهم أو بعضهم (مالا) عينا أو دينا أو منفعة (لمورثهم وأقاموا) عليه (شاهدا) بالمال بعد أن أثبتوا موته ووراثتهم منه، (وحلف معه بعضهم أخذ) الحالف (نصيبه) فقط، (ولا يشارك فيه) أي لا يشاركه أحد ممن لم يحلف لا من الغائبين ولا من الحاضرين الناكلين، لأن الحجة تمت في حقه وحده. كذا نص عليه هنا، ونص في الصلح أنهما لو ادعيا دارا أو إرثا وصدق المدعى عليه أحدهما
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548