مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٤٥
قدر إمكانه) أي قضاء الحق (حنث) لتفويته البر باختياره، وكذا لو مضى زمن الشروع ولم يشرع مع الامكان ولا يتوقف على مضي زمن القضاء كما صرح به الماوردي فينبغي أن يعد المال ويترصد ذلك الوقت فيقضيه فيه.
تنبيه: قد ذكر الشيخان فيما لو قال: لأقضين غدا ونوى أنه لا يؤخره عن الغد أنه لا يحنث بقضائه قبله فيجئ مثله هنا، فيستثنى هذا من قول المصنف: فإن قدم. ولو قال الحالف أردت بقولي عند إلى ففي قبوله وجهان: مختار الإمام والغزالي منهما القبول فيجوز له حينئذ تقديم القضاء عليه. (وإن شرع في الكيل) أو الوزن، أو العد (حينئذ) أي عند غروب الشمس، أو في مقدمة القضاء كحمل الكيل أو الميزان، ولو عبر بها كان أولى لفهم الشروع في غيرها بطريق أولى (ولم يفرغ) من توفية الحق الموزون أو المكيل مع تواصل الكيل أو الوزن أو نحوه كما يشير إليه كلام الماوردي وابن الصباغ (لكثرته إلا بعد مدة لم يحنث) لأنه أخذ في القضاء عند ميقاته، فإن حصلت فترات لا يعد الكيل أو نحوه فيها متواصلا حنث حيث لا عذر.
تنبيه: لو حمل الحق إليه حين الغروب ومنزله بعيد لا يصل إليه حتى تمضي الليلة لم يحنث كما قال الماوردي، ولو شك في الهلال فأخر القضاء عن الليلة الأولى وبان كونها من الشهر لم يحنث كالمكره وانحلت اليمين كما قاله ابن المقري ، ولو رأى الهلال بالنهار بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة كما مر في كتاب الصوم فلو أخر القضاء إلى الغروب لم يحنث كما قاله الصيدلاني. (أو) حلف (لا يتكلم فسبح) الله تعالى أو حمده أو هلله أو كبره، وكذا لو دعا. قال القاضي أبو الطيب: بما لا يتعلق بخطاب الآدمي (أو قرأ قرآنا) في الصلاة أو خارجها ولو كان عليه حدث أكبر (فلا حنث) بذلك لانصراف الكلام إلى كلام الآدميين في محاوراتهم، ولو حلف لا يسمع كلاما يحنث بسماعه ذلك من نفسه، ولو قرأ من التوراة الموجودة اليوم أو الإنجيل لم يحنث للشك في أن الذي قرأه مبدل أو لا، ويؤخذ منه أنه يحنث بما يعلمه مبدلا كأن قرأ جميع التوراة والإنجيل ولا يحنث بكلام النفس، ولو تكلم مع نفسه من غير أن يخاطب أحدا أو صلى وسلم في صلاته قال في الكافي: يحتمل وجهين: أصحهما الحنث لأنه كلام حقيقة، ويحنث بكل ما يعدونه مخاطبة للناس، فلو حلف لا يسلم على زيد مثلا (أو لا يكلمه فسلم عليه) وسمع كلامه كما قاله البغوي. قالا: ولو كان سلام الصلاة (حنث) أما عدم السلام عليه فقد مر، وأما عدم كلامه فلان السلام عليه نوع من الكلام، ويؤخذ من ذلك أنه لا بد من قصده بالسلام، فلو قصد التحلل فقط أو أطلق لم يحنث كما بحثه بعض المتأخرين وهو الظاهر، بل قال الأذرعي: الراجح المختار الذي دلت عليه قواعد الباب، والعرف الظاهر أنه لا يحنث به، لأنه لا يقال كلمه أصلا بخلاف السلام مواجهة خارج الصلاة، ولو سبق لسانه بذلك لم يحنث كما قاله ابن الصلاح، وبحث ابن الأستاذ عدم قبول ذلك منه في الحكم وهو ظاهر حيث لا قرينة هناك تصدقه. واعتبر الماوردي والقفال المواجهة أيضا، فلو تكلم بكلام فيه تعريض له ولم يواجهه كيا حائط ألم أقل لك كذا لم يحنث، والمراد بالكلام الذي يحنث به اللفظ المركب ولو بالقوة كما بحثه الزركشي.
تنبيه: لو كلمه وهو مجنون أو مغمى عليه وكان لا يعلم بالكلام لم يحنث وإلا حنث وإن لم يفهمه كما نقله الأذرعي عن الماوردي، ونقل عنه أيضا أنه لو كلمه وهو نائم بكلام يوقظ مثله حنث وإلا فلا لو كلمه وهو بعيد منه، فإن كان بحيث يسمع كلامه حنث وإلا فلا، سمع كلامه أم لا. (وإن كاتبه أو راسله أو أشار إليه بيد أو غيرها) بعين أو رأس (فلا) حنث عليه بذلك (في الجديد) حملا للكلام على الحقيقة بدليل صحة النفي عن ذلك، فيقال ما كلمه ولكن كاتبه أو راسله، وفي التنزيل: * (فلن أكلم اليوم إنسيا) * * (فأشارت إليه) * وفي القديم نعم، حملا للكلام على الحقيقة والمجاز، ويدل له قوله تعالى: * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا) * فاستثنى الوحي
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548