بسببه (وكان حلف وحنث بإذن سيده) في كل منهما (صام بلا إذن) وليس له منعه، وإن كانت الكفارة على التراخي لصدور السبب الموجب عن إذن السيد (أو وجدا) أي الحلف والحنث (بلا إذن) منه (لم يصم إلا بإذن) منه قطعا سواء أكان الحلف واجبا أم جائزا أم ممنوعا، لأنه لم يأذن في السبب وحقه على الفور والكفارة على التراخي، فإن صام بلا إذن أجزأه كما لو صلى الجمعة بلا إذن فإنها تجزئه، أو حج فإنه ينعقد وعدم الاعتداد به عن حجة الاسلام، ولو أذن له سيده فيه إنما هو للحديث المتقدم في الحج (وإن أذن) له (في أحدهما) فقط (فالأصح اعتبار) إذن السيد له في (الحلف) فإذا حلف بإذنه وحنث بغير إذنه صام بغير إذنه، لأن إذنه في الحلف إذن فيما يترتب عليه. والثاني الاعتبار بالحنث لأن اليمين مانعة منه، فليس إذنه فيها إذنا في التزام الكفارة، وهذا هو الأصح كما في الشرحين والروضة في كتاب الكفارة ونقلاه عن الأكثرين، وأحالا المسألة هنا على ما هناك، بل قيل إن ما في المحرر سبق قلم من الحنث إلى الحلف، لكن المحرر يتبع البغوي كثيرا كما استقرئ من كلامه، والبغوي صحح أن الاعتبار بالحلف وخرج بيضره الصوم ما إذا لم يضره فله الصوم بغير إذن سيده، وبالعبد الأمة فللسيد منعها من الصوم وإن لم تتضرر به، لأن حق السيد في الاستمتاع بها ناجز (ومن بعضه حر وله مال يكفر بطعام أو كسوة) ولا يكفر بالصوم ليساره كما أنه إذا وجد ثمن الماء أو الثوب لا يجوز له أن يصلي متيمما أو عاريا (لا عتق) لأنه يستعقب الولاء المتضمن للولاية والإرث وليس هو من أهلهما. واستثنى البلقيني من ذلك ما لو قال له مالك بعضه: إذا أعتقت عن كفارتك فنصيبي منك حر قبيل إعتاقك عن الكفارة أو معه فيصح إعتاقه عن كفارة نفسه في الأولى قطعا، وفي الثانية على الأصح، ولو مات العبد وعليه كفارة فللسيد التكفير عنه بالمال وإن قلنا لا يملك إذ لا رق بعد الموت، فهو والحر سواء في ذلك بخلاف ما قبله ولا يكفر عنه بالعتق لنقصه عن أهلية الولاء.
فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة والدخول وغيرها مما يأتي، وبدأ بالأول فقال: إذا (حلف لا يسكنها) أي دارا معينة (أو لا يقيم فيها) وهو فيها عند الحلف (فليخرج في الحال) ببدنه بنية التحول كما في التنبيه وغيره ليتخلص من الحنث وإن بقي أهله ومتاعه فإنه المخلوف عليه، ولا يكلف في خروجه عدوا، ولا هرولة ولا أن يخرج من بابها القريب، نعم لو كان له باب من السطح فخرج منه مع القدرة على الخروج من غيره حنث، لأنه بالصعود في حكم المقيم كما قاله الماوردي وإنما اشترط نية التحول ليقع الفرق بينه وبين الساكن الذي من شأنه أن يخرج ويعود ويومئ إلى ذلك قول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الام والمختصر: ويخرج ببدنه متحولا. وهذا كما قاله الأذرعي في المتوطن فيها قبل حلفه فلو دخلها لينظر إليها هل يسكنها أو لا. فحلف لا يسكنها وخرج في الحال لم يفتقر إلى نية التحول قطعا والمراد بالسكون الحلول لا ضد الحركة (فإن مكث بلا عذر حنث) وإن قل كما لو وقف ليشرب مثلا وقول الروضة: مكث ساعة لم يرد به الساعة الزمانية بل متى مكث حنث (وإن بعث متاعه) لأن المحلوف عليه سكناه وهو موجود إذ السكنى تطلق على الدوام كالابتداء يقال: سكن شهرا، وتستعمل مع المتاع ودونه. واحترز بقوله بلا عذر ما لو مكث لعذر كأن أغلق عليه الباب أو منع من الخروج أو خاف على نفسه أو ماله لو خرج أو كان به مرض لا يقدر معه على الخروج ولم يجد من يخرجه قال الماوردي: أو ضاق وقت الفريضة بحيث لو خرج قبل أن يصليها فاتت لم يحنث. قال البلقيني: وما ذكره الماوردي جار على المعتمد فيمن حلف ليطأن زوجته في هذه الليلة فوجدها حائضا اه. ولو حدث عجزه على الخروج بعد حلفه فكالمكره (وإن اشتغل) بعد الحلف (بأسباب الخروج