تنبيه: لو اضطرت امرأة إلى طعام وامتنع المالك من بذله إلا بوطئها زنا قال المحب الطبري: لم أر فيه نقلا، والذي ظهر أنه لا يجوز لها تمكينه بخلاف إباحة الميتة، فإن المضطر فيها إلى نفس المحرم وتندفع به الضرورة، وهذا الاضطرار ليس إلى المحرم، وإنما جعل المحرم وسيلة إليه، وقد لا تنتفع به الضرورة، إذ قد يصر على المنع بعد وطئها.
(وقيل) لا يلزم المضطر أكل المحرم بل (يجوز) تركه وأكله كما يجوز له الاستسلام للصائل، وأجاب الأول بأن الاستسلام للصائل يؤثر مهجة غيره على مهجته طلبا للشهادة وهنا بخلافه، ويستثنى من ذلك علم العاصي بسفره، فلا يباح له الاكل حتى يتوب. قال الأذرعي: ويشبه أن يكون العاصي بإقامته كالمسافر إذا كان الاكل عونا له على الإقامة.
وقولهم تباح الميتة للمقيم العاصي بإقامته محمول على غير هذه الصورة. قال البلقيني: وكالعاصي بسفره مراق الدم كالمرتد والحربي فلا يأكلان من ذلك حتى يسلما. قال: وكذا مراق الدم من المسلمين وهو متمكن من إسقاط القتل بالتوبة كتارك الصلاة، ومن قتل في قطع الطريق، قال: ولم أر من تعرض له، وهو متعين.
تنبيه: أفهم إطلاق المصنف المحرم أنه يتخير بين أنواعه كميتة شاة وحمار، لكن لو كانت الميتة من حيوان نجس في حياته كخنزير وميتة حيوان طاهر في حياته كحمار وجب تقديم ميتة الطاهر كما صححه في المجموع. قال في المهمات:
وهذا التفصيل الذي صححه ليس وجها ثابتا فضلا عن تصحيحه اه. واعترض بأنه وجه ثابت، وجزم به في الحاوي.
(فإن توقع) مضطر (حلالا قريبا) أي على قرب (لم يجز) قطعا (غير سد الرمق) لاندفاع الضرورة به وقد يجد بعده الحلال، ولقوله تعالى * (غير متجانف لاثم) * قيل أراد به الشبع. قال الأسنوي ومن تبعه: والرمق بقية الروح كما قاله جماعة، وقال بعضهم إنه القوة، وبذلك ظهر لك أن الشد المذكور بالشين المعجمة لا بالمهملة. قال الأذرعي وغيره: الذي نحفظه أنه بالمهملة وهو كذلك في الكتب أي والمعنى عليه صحيح لأن المراد سد الخلل الحاصل في ذلك سبب الجوع (وإلا) بأن لم يتوقع حلالا قريبا (ففي قول يشبع) أي يجوز له ذلك لاطلاق الآية ولان له تناول قليله فجاز له الشبع لمذكى، وليس المراد بالشبع أن يملا جوفه حتى لا يجد للطعام مساغا، فإن هذا حرام قطعا ، صرح به القاضي أبو الطيب والبندنيجي وغيرهما، بل المراد كما قاله الإمام أن يأكل حتى يكسر سورة الجوع بحيث لا يطلق عليه اسم جائع (والأظهر) لا يشبع، بل يجب (سد الرمق) فقط في الأصح لأنه بعده غير مضطر، فلا يباح لانتفاء الشرط (إلا أن يخاف تلفا) أو حدوث مرض أو زيادته (إن اقتصر) على سد الرمق فتباح له الزيادة بل تلزمه لئلا يهلك نفسه.
تنبيه: يجوز له التزود من المحرمات ولو رجا الوصول إلى الحلال ويبدأ وجوبا بلقمة حلال ظفر بها، فلا يجوز له أن يأكل مما ذكر حتى يأكلها لتتحقق الضرورة، وإذا وجد الحلال بعد تناوله الميتة ونحوها لزمه القئ أي إذا لم يضره كما هو قضية نص الام، فإنه قال: وإن أكره رجل حتى شرب خمرا أو أكل محرما فعليه أن يتقايأ إذا قدر عليه، ولو عم الحرام جاز استعمال ما يحتاج إليه ولا يقتصر على الضرورة. قال الإمام: بل على الحاجة. قال ابن عبد السلام:
هذا إن توقع معرفة المستحق إذ المال عند اليأس منها للمصالح العامة. (وله) أي للمضطر (أكل آدمي ميت) إذا لم يجد ميتة غيره كما قيداه في الشرح والروضة لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيا فإنه لا يجوز الاكل منه جزما كما قاله إبراهيم المروزي وأقره، وما إذا كان الميت مسلما والمضطر كافرا، فإنه لا يجوز له الاكل منه لشرف الاسلام بل لنا وجه أنه لا يجوز أكل الميت المسلم، ولو كان المضطر مسلما.
تنبيه: حيث جوزنا أكل ميتة الآدمي المحترم لا يجوز طبخها ولا شيها لما فيه من هتك حرمته، ويتخير في غيره بين أكله نيئا ومطبوخا ومشويا. (و) له (قتل مرتد) وأكله (و) قتل (حربي) بالغ وأكله لأنهما