مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٠٧
تنبيه: لو اضطرت امرأة إلى طعام وامتنع المالك من بذله إلا بوطئها زنا قال المحب الطبري: لم أر فيه نقلا، والذي ظهر أنه لا يجوز لها تمكينه بخلاف إباحة الميتة، فإن المضطر فيها إلى نفس المحرم وتندفع به الضرورة، وهذا الاضطرار ليس إلى المحرم، وإنما جعل المحرم وسيلة إليه، وقد لا تنتفع به الضرورة، إذ قد يصر على المنع بعد وطئها.
(وقيل) لا يلزم المضطر أكل المحرم بل (يجوز) تركه وأكله كما يجوز له الاستسلام للصائل، وأجاب الأول بأن الاستسلام للصائل يؤثر مهجة غيره على مهجته طلبا للشهادة وهنا بخلافه، ويستثنى من ذلك علم العاصي بسفره، فلا يباح له الاكل حتى يتوب. قال الأذرعي: ويشبه أن يكون العاصي بإقامته كالمسافر إذا كان الاكل عونا له على الإقامة.
وقولهم تباح الميتة للمقيم العاصي بإقامته محمول على غير هذه الصورة. قال البلقيني: وكالعاصي بسفره مراق الدم كالمرتد والحربي فلا يأكلان من ذلك حتى يسلما. قال: وكذا مراق الدم من المسلمين وهو متمكن من إسقاط القتل بالتوبة كتارك الصلاة، ومن قتل في قطع الطريق، قال: ولم أر من تعرض له، وهو متعين.
تنبيه: أفهم إطلاق المصنف المحرم أنه يتخير بين أنواعه كميتة شاة وحمار، لكن لو كانت الميتة من حيوان نجس في حياته كخنزير وميتة حيوان طاهر في حياته كحمار وجب تقديم ميتة الطاهر كما صححه في المجموع. قال في المهمات:
وهذا التفصيل الذي صححه ليس وجها ثابتا فضلا عن تصحيحه اه‍. واعترض بأنه وجه ثابت، وجزم به في الحاوي.
(فإن توقع) مضطر (حلالا قريبا) أي على قرب (لم يجز) قطعا (غير سد الرمق) لاندفاع الضرورة به وقد يجد بعده الحلال، ولقوله تعالى * (غير متجانف لاثم) * قيل أراد به الشبع. قال الأسنوي ومن تبعه: والرمق بقية الروح كما قاله جماعة، وقال بعضهم إنه القوة، وبذلك ظهر لك أن الشد المذكور بالشين المعجمة لا بالمهملة. قال الأذرعي وغيره: الذي نحفظه أنه بالمهملة وهو كذلك في الكتب أي والمعنى عليه صحيح لأن المراد سد الخلل الحاصل في ذلك سبب الجوع (وإلا) بأن لم يتوقع حلالا قريبا (ففي قول يشبع) أي يجوز له ذلك لاطلاق الآية ولان له تناول قليله فجاز له الشبع لمذكى، وليس المراد بالشبع أن يملا جوفه حتى لا يجد للطعام مساغا، فإن هذا حرام قطعا ، صرح به القاضي أبو الطيب والبندنيجي وغيرهما، بل المراد كما قاله الإمام أن يأكل حتى يكسر سورة الجوع بحيث لا يطلق عليه اسم جائع (والأظهر) لا يشبع، بل يجب (سد الرمق) فقط في الأصح لأنه بعده غير مضطر، فلا يباح لانتفاء الشرط (إلا أن يخاف تلفا) أو حدوث مرض أو زيادته (إن اقتصر) على سد الرمق فتباح له الزيادة بل تلزمه لئلا يهلك نفسه.
تنبيه: يجوز له التزود من المحرمات ولو رجا الوصول إلى الحلال ويبدأ وجوبا بلقمة حلال ظفر بها، فلا يجوز له أن يأكل مما ذكر حتى يأكلها لتتحقق الضرورة، وإذا وجد الحلال بعد تناوله الميتة ونحوها لزمه القئ أي إذا لم يضره كما هو قضية نص الام، فإنه قال: وإن أكره رجل حتى شرب خمرا أو أكل محرما فعليه أن يتقايأ إذا قدر عليه، ولو عم الحرام جاز استعمال ما يحتاج إليه ولا يقتصر على الضرورة. قال الإمام: بل على الحاجة. قال ابن عبد السلام:
هذا إن توقع معرفة المستحق إذ المال عند اليأس منها للمصالح العامة. (وله) أي للمضطر (أكل آدمي ميت) إذا لم يجد ميتة غيره كما قيداه في الشرح والروضة لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيا فإنه لا يجوز الاكل منه جزما كما قاله إبراهيم المروزي وأقره، وما إذا كان الميت مسلما والمضطر كافرا، فإنه لا يجوز له الاكل منه لشرف الاسلام بل لنا وجه أنه لا يجوز أكل الميت المسلم، ولو كان المضطر مسلما.
تنبيه: حيث جوزنا أكل ميتة الآدمي المحترم لا يجوز طبخها ولا شيها لما فيه من هتك حرمته، ويتخير في غيره بين أكله نيئا ومطبوخا ومشويا. (و) له (قتل مرتد) وأكله (و) قتل (حربي) بالغ وأكله لأنهما
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548