مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٠٦
وزنه، وقيل لا يكره، ورجحه الأسنوي، وقد علم مما قررت به كلام المصنف أن ما في كلامه مصدرية لا موصولة، إذ لو كانت موصولة لكان المعنى أن المكسوب بذلك مكروه، ونفس المكسوب لا يوصف بكراهة ولا غيرها، إنما تتعلق الكراهة بالكسب.
فروع: أفضل ما أكلت منه كسبك من زراعة لأنها أقرب إلى التوكل، ولخبر لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شئ إلا كانت له صدقة ثم من صناعة، لأن الكسب فيها يحصل بكد اليمين، ثم من تجارة، لأن الصحابة كانوا يكتسبون بها، ويحرم تناول ما يضر البدن أو العقل كالحجر والتراب والزجاج والسم - بتثليث السين، والفتح أفصح - كالأفيون، وهو لبن الخشخاش، لأن ذلك مضر، وربما يقتل، وقد قال تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * لكن قليله يحل تناوله للتداوي به إن غلبت السلامة واحتيج إليه كما في أصل الروضة، ويحل أكل كل طاهر لا ضرر فيه لآية: * (قل من حرم زينة الله) * إلا جلد ميتة دبغ، فلا يحل أكله لعموم قوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة) * أما جلد المذكاة فيحل أكله وإن دبغ وإلا ما استقذر كالمخاط والمني لاستقذاره، وإلا الحيوان الحي غير السمك والجراد كما علم مما مر في باب الصيد، وفي حل أكل بيض ما لا يؤكل خلاف. قال في المجموع: وإذا قلنا بطهارته أي وهو الراجح حل أكله بلا خلاف لأنه طاهر غير مستقذر بخلاف المني، ومال البلقيني إلى المنع ويحرم النبات المسكر وإن لم يطرب لاضراره بالعقل، ولا حد فيه إن لم يطرب بخلاف ما إذا أطرب كما صرح به الماوردي ويجوز التداوي به عند فقد غيره مما يقوم مقامه وإن أسكر للضرورة، وما لا يسكر إلا مع غيره يحل أكله وحده. (ويحل جنين وجد ميتا) أو عيشه عيش مذبوح سواء أشعر أم لا (في بطن مذكاة) بالمعجمة سواء كانت ذكاتها بذبحها، أو إرسال سهم أو كلب عليها لحديث ذكاة الجنين ذكاة أمه رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان وصححه، أي ذكاتها التي أحلتها أحلته تبعا لها ولأنه جزء من أجزائها، وذكاتها ذكاة لجميع أجزائها، ولأنه لو لم يحل بذكاة أمه لحرم ذكاتها مع ظهور الحمل كما لا تقتل الحامل قودا. أما إذا خرج وبه حياة مستقرة فلا يحل بذكاة أمه، ولا بد أن يسكن عقب ذبح أمه، ولو اضطرب في البطن بعد ذبح أمه زمانا طويلا ثم سكن لم يحل كما قاله الشيخ أبو محمد في الفروق وأقراه، وإن خالف في ذلك البغوي والمروزي وقالا بالحل مطلقا. قال الأذرعي: والظاهر أن مراد الأصحاب إذا مات بذكاة أمه، فلو مات قبل ذكاتها كان ميتة لا محالة لأن ذكاة الام لم تؤثر فيه والحديث يشير إليه اه‍. وعلى هذا لو خرج رأسه ميتا ثم ذبحت أمه قبل انفصاله لم يحل وإن خالف في ذلك البغوي. وقال البلقيني: محل الحل ما إذا لم يوجد سبب يحال عليه موته، فلو ضرب حاملا على بطنها وكان الجنين متحركا فسكن حتى ذبحت أمه فوجد ميتا لم يحل، ولو خرج رأسه وفيه حياة مستقرة لم يجب ذبحه حتى يخرج، لأن خروج بعضه كعدم خروجه في العدة وغيرها فيحل إذا مات عقب خروجه بذكاة أمه وإن صار بخروج رأسه مقدورا عليه، وشرط حله أن يخرج مضغة مخلقة، فإن كان علقة لم يؤكل لأنه دم ولو لم تتخطط المضغة لم تحل بناء على عدم وجوب الغرة فيها وعدم ثبوت الاستيلاد، يعني لو كانت من آدمي، ولو كان للمذكاة عضو أشل حل كسائر أجزائها (ومن خاف) من عدم الاكل (على نفسه موتا أو مرضا مخوفا) أو زيادته أو طول مدته، أو انقطاعه عن رفقته، أو خوف ضعف عن مشي أو ركوب ولم يجد حلالا يأكله، ويسمى هذا الخائف مضطرا (ووجد محرما) كميتة ولحم خنزير وطعام الغير (لزمه أكله) لأن تاركه ساع في هلاك نفسه، وكما يجب دفع الهلاك بأكل الحلال. وقد قال تعالى * (ولا تقتلوا أنفسكم) * قال الزركشي: وينبغي أن يكون خوف حصول الشين الفاحش في عضو ظاهر كخوف طول المرض كما في التيمم ولا يشترط مما يخاف منه تحقق وقوعه لو لم يأكل، بل يكفي في ذلك الظن كما في الاكراه على أكل ذلك فلا يشترط فيه التيقن ولا الاشراف على الموت بل لو انتهى إلى هذه الحالة لم يحل له أكله فإنه غير مفيد كما صرح به في أصل الروضة.
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548