وزنه، وقيل لا يكره، ورجحه الأسنوي، وقد علم مما قررت به كلام المصنف أن ما في كلامه مصدرية لا موصولة، إذ لو كانت موصولة لكان المعنى أن المكسوب بذلك مكروه، ونفس المكسوب لا يوصف بكراهة ولا غيرها، إنما تتعلق الكراهة بالكسب.
فروع: أفضل ما أكلت منه كسبك من زراعة لأنها أقرب إلى التوكل، ولخبر لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شئ إلا كانت له صدقة ثم من صناعة، لأن الكسب فيها يحصل بكد اليمين، ثم من تجارة، لأن الصحابة كانوا يكتسبون بها، ويحرم تناول ما يضر البدن أو العقل كالحجر والتراب والزجاج والسم - بتثليث السين، والفتح أفصح - كالأفيون، وهو لبن الخشخاش، لأن ذلك مضر، وربما يقتل، وقد قال تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * لكن قليله يحل تناوله للتداوي به إن غلبت السلامة واحتيج إليه كما في أصل الروضة، ويحل أكل كل طاهر لا ضرر فيه لآية: * (قل من حرم زينة الله) * إلا جلد ميتة دبغ، فلا يحل أكله لعموم قوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة) * أما جلد المذكاة فيحل أكله وإن دبغ وإلا ما استقذر كالمخاط والمني لاستقذاره، وإلا الحيوان الحي غير السمك والجراد كما علم مما مر في باب الصيد، وفي حل أكل بيض ما لا يؤكل خلاف. قال في المجموع: وإذا قلنا بطهارته أي وهو الراجح حل أكله بلا خلاف لأنه طاهر غير مستقذر بخلاف المني، ومال البلقيني إلى المنع ويحرم النبات المسكر وإن لم يطرب لاضراره بالعقل، ولا حد فيه إن لم يطرب بخلاف ما إذا أطرب كما صرح به الماوردي ويجوز التداوي به عند فقد غيره مما يقوم مقامه وإن أسكر للضرورة، وما لا يسكر إلا مع غيره يحل أكله وحده. (ويحل جنين وجد ميتا) أو عيشه عيش مذبوح سواء أشعر أم لا (في بطن مذكاة) بالمعجمة سواء كانت ذكاتها بذبحها، أو إرسال سهم أو كلب عليها لحديث ذكاة الجنين ذكاة أمه رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان وصححه، أي ذكاتها التي أحلتها أحلته تبعا لها ولأنه جزء من أجزائها، وذكاتها ذكاة لجميع أجزائها، ولأنه لو لم يحل بذكاة أمه لحرم ذكاتها مع ظهور الحمل كما لا تقتل الحامل قودا. أما إذا خرج وبه حياة مستقرة فلا يحل بذكاة أمه، ولا بد أن يسكن عقب ذبح أمه، ولو اضطرب في البطن بعد ذبح أمه زمانا طويلا ثم سكن لم يحل كما قاله الشيخ أبو محمد في الفروق وأقراه، وإن خالف في ذلك البغوي والمروزي وقالا بالحل مطلقا. قال الأذرعي: والظاهر أن مراد الأصحاب إذا مات بذكاة أمه، فلو مات قبل ذكاتها كان ميتة لا محالة لأن ذكاة الام لم تؤثر فيه والحديث يشير إليه اه. وعلى هذا لو خرج رأسه ميتا ثم ذبحت أمه قبل انفصاله لم يحل وإن خالف في ذلك البغوي. وقال البلقيني: محل الحل ما إذا لم يوجد سبب يحال عليه موته، فلو ضرب حاملا على بطنها وكان الجنين متحركا فسكن حتى ذبحت أمه فوجد ميتا لم يحل، ولو خرج رأسه وفيه حياة مستقرة لم يجب ذبحه حتى يخرج، لأن خروج بعضه كعدم خروجه في العدة وغيرها فيحل إذا مات عقب خروجه بذكاة أمه وإن صار بخروج رأسه مقدورا عليه، وشرط حله أن يخرج مضغة مخلقة، فإن كان علقة لم يؤكل لأنه دم ولو لم تتخطط المضغة لم تحل بناء على عدم وجوب الغرة فيها وعدم ثبوت الاستيلاد، يعني لو كانت من آدمي، ولو كان للمذكاة عضو أشل حل كسائر أجزائها (ومن خاف) من عدم الاكل (على نفسه موتا أو مرضا مخوفا) أو زيادته أو طول مدته، أو انقطاعه عن رفقته، أو خوف ضعف عن مشي أو ركوب ولم يجد حلالا يأكله، ويسمى هذا الخائف مضطرا (ووجد محرما) كميتة ولحم خنزير وطعام الغير (لزمه أكله) لأن تاركه ساع في هلاك نفسه، وكما يجب دفع الهلاك بأكل الحلال. وقد قال تعالى * (ولا تقتلوا أنفسكم) * قال الزركشي: وينبغي أن يكون خوف حصول الشين الفاحش في عضو ظاهر كخوف طول المرض كما في التيمم ولا يشترط مما يخاف منه تحقق وقوعه لو لم يأكل، بل يكفي في ذلك الظن كما في الاكراه على أكل ذلك فلا يشترط فيه التيقن ولا الاشراف على الموت بل لو انتهى إلى هذه الحالة لم يحل له أكله فإنه غير مفيد كما صرح به في أصل الروضة.