حاكم الحكام، وفي منهاج الحليمي: جاء عن رسول الله (ص) أنه قال: لا تقولوا الطبيب وقولوا الرفيق فإنما الطبيب الله وإنما سمي الرفيق، لأنه يرفق بالعليل، وأما الطبيب فهو العالم بحقيقة الداء والدواء والقادر على الصحة والشفاء، وليس بهذه الصفة إلا الله تعالى. ولا تكره التسمية بأسماء الملائكة والأنبياء ويس وطه خلافا لمالك رحمه الله تعالى ففي تفسير القرطبي عند قوله تعالى * (السلام المؤمن المهيمن) * عن ابن عباس أنه قال إذا كان يوم القيامة أخرج الله تعالى أهل التوحيد من النار، وأول من يخرج من وافق اسمه اسم نبي حتى إذا لم يبق فيها من وافق اسمه اسم نبي قال الله تعالى أنتم المسلمون وأنا السلام وأنتم المؤمنون وأنا المؤمن، فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين وفي كتاب الخصائص لابن سبع عن ابن عباس أنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ليقم من اسمه محمد فليدخل الجنة كرامة لنبيه محمد (ص). وفي مسند الحارث بن أبي سلمة أن النبي (ص) قال: من كان له ثلاثة من الولد ولم يسم أحدهم بمحمد فقد جهل وقال مالك: سمعت أهل المدينة يقولون:
ما من أهل بيت فيهم اسم محمد إلا رزقوا رزق خير، قال ابن رشيد: يحتمل أن يكونوا عرفوا ذلك بالتجربة أو عندهم في ذلك أثر، والتسمية بعبد النبي قد تجوز إذا قصد به التسمية لا النبي (ص)، ومال الأكثرون إلى المنع منه خشية التشريك لحقيقة العبودية، واعتقاد حقيقة العبودية: كما أنه لا يجوز التسمي بعبد الكعبة وعبد العزى، قيل: شهد رجل عند الحارث. فقال له الحارث: ما اسمك؟ قال جبريل. فقال له الحارث: قد ضاقت عليك أسماء بني آدم حتى تسميت باسم الملائكة. فقال له الرجل: قد ضاقت عليك الأسماء حتى تسميت باسم الشيطان، فإن اسمه الحارث، ويحرم تلقيب الشخص بما يكره، وإن كان فيه كالأعور والأعمش، ويجوز ذكره بنية التعريف لمن لم يعرف إلا به، فالألقاب الحسنة لا ينهى عنها، فقد لقب الصديق بعتيق، وعمر بالفاروق، وحمزة بأسد الله، وخالد بسيف الله، وما زالت الألقاب الحسنة في الجاهلية والاسلام. قال الزمخشري: إلا ما أحدثه الناس في زماننا هذا من التوسع حتى لقبوا السفلة بالألقاب العلية وهب العذر مبسوط فما أقول في تلقيب من ليس من الدين في قبيل ولا دبير بفلان الدين هي لعمر الله الغصة التي لا تساغ، ومعنى اللقب اسم ما يدعى الاسم به يشعر بضعة المسمى أو رفعته والمقصود به الشهرة، فما كان مكروها نهى عنه، ويسن أن يكون أهل الفضل الرجال والنساء، وإن لم يكن لهم ولد، وأما التكني بأبي القاسم فهو حرام، وقد قدمت الكلام عليه في خطبة هذا الكتاب. ولا يكنى كافر قال في الروضة: ولا فاسق ولا مبتدع لأن الكنية للتكرمة وليسوا من أهلها. بل أمرنا بالاغلاظ عليهم إلا لخوف فتنة من ذكره باسمه أو تعريف كما قيل به في قوله تعالى * (تبت يدا أبي لهب) * واسمه عبد العزى ولا بأس بكنية الصغير. ويسن أن يكنى من له أولاد بأكبر أولاده، ويسن لولد الشخص وتلميذه وغلامه أن لا يسميه باسمه. والأدب أن لا يكني الشخص نفسه في كتاب أو غيره إلا أن لا يعرف بغيرها أو كانت أشهر من الاسم. (و) يسن في سابع ولادة المولود أن (يحلق رأسه) كلها لما مر، ويكون ذلك (بعد ذبحها) أي العقيقة كما في الحاج. ولا فرق في ذلك بين كون المولود ذكرا أم أنثى خلافا لبعضهم في كراهته فيها.
تنبيه: لم يصرح المصنف بكون الحلق يوم السابع. وجزم في أصل الروضة بكونه فيه ولذا قدرته في كلامه، كان ينبغي له أن يقول فيه كما فعل في التسمية، ولا يكفي حلق بعض الرأس ولا تقصير الشعر، ولو لم يكن برأسه شعر، ففي استحباب إمرار الموسى عليه احتمالان. (و) أن (يتصدق بزنته) أي الشعر (ذهبا أو فضة) وفي المجموع، فإن لم يفعل ففضة، وفي الروضة: فإن لم يتيسر ففضة، فهي بيان لدرجة الأفضلية، والأصل في ذلك أنه (ص) أمر فاطمة فقال: زني شعر الحسين وتصدق بوزنه فضة وأعطى القابلة رجل العقيقة. رواه الحاكم وصححه وقيس بالفضة الذهب، وبالذكر الأنثى، ولا ريب أن الذهب أفضل من الفضة وإن ثبت بالقياس عليها، والخبر محمول على أنها كانت هي المتيسرة إذ ذاك، فتعبيرهم بما ذكر بيان لدرجة الأفضلية.