(شرط رد مسلمة تأتينا منهم) وإن أسلمت عندنا، لقوله تعالى * (فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) * ولأنه لا يؤمن أن يصيبها زوجها الكافر أو تزوج بكافر، ولأنها عاجزة عن الهرب منهم وقريبه من الافتتان لنقصان عقلها وقلة معرفتها.
تنبيه: لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة، وبحث بعض المتأخرين أن الخنثى كالمرأة، ولو أسقط المصنف تأتينا لكان أولى، لأن حكم من جاءت إلينا كافرة، ثم أسلمت كذلك كما قدرته في كلامه. (فإن شرط) في عقد الهدنة رد المرأة المذكورة (فسد الشرط) قطعا، سواء أكان لها عشيرة أم لا، لأنه أحل حراما (وكذا العقد في الأصح) المنصوص في الام لفساد الشرط، والثاني لا، لأنها ليست بآكد من النكاح وهو لا يفسد بالشروط الفاسدة.
تنبيه: قال ابن شهبة: هذا هو الخلاف المار في قوله: وكذا شرط فاسد على الصحيح إلا أنه ضعفه هناك فكرر وناقض. وسلمت الروضة من هذا فإنه عبر أولا، بالصحيح، ثم أحال ثانيا عليه اه. وأجاب عن ذلك الشارح فقال: وأشار به - أي بالتعبير بالأصح - إلى قوة الخلاف في هذه الصورة، وعبر في صور تقدمت بالصحيح إشارة إلى ضعف الخلاف فيها، فلا تكرار ولا تحالف اه. وخرج بالمسلمة الكافرة، فيجور شرط ردها. (وإن شرط) الإمام أو نائبه في عقد الهدنة لهم (رد من جاء) منهم (مسلما) إلينا (أو) عقد، وأطلق بأن (لم يذكر ردا) ولا عدمه (فجاءت امرأة) مسلمة (لم يجب دفع مهر) بارتفاع نكاحها بإسلامها قبل الدخول أو بعده (إلى زوجها في الأظهر) لأن البضع ليس بمال حتى يشمله الأمان، والثاني يجب على الإمام، لقوله تعالى * (وآتوهم ما أنفقوا) *: أي من المهور، والامر فيه محتمل للوجوب وللندب الصادق بعدم الوجوب الموافق للأصل، ورجحوه على الوجوب لما قام عندهم في ذلك، وأما غرمه (ص) المهر، فلانه كان قد شرط لهم رد من جاءتنا مسلمة. ثم نسخ ذلك بقوله تعالى * (فلا ترجعوهن إلى الكفار) * (1) فغرم حينئذ لامتناع ردها بعد شرطه.
تنبيه: إنما يستحق المهر إذا أوجبناه بتسع شروط جمعها الماوردي، وهي مفرقة في كلام الرافعي: أحدها أن يكون الطالب زوجها، وقد أشار إليه المصنف بقوله إلى زوجها. الثاني أن يكون ساق إليها مهرها. الثالث أن تكون جاءت مسلمة، أو جاءت ذمية ثم أسلمت. الرابع أن تكون بالغة عاقلة. الخامس أن تكون باقية الحياة، فلو ماتت قبل طلبه فلا. السادس أن تكون باقية في العدة، فلو كان بعد انقضائها لم يدفع إليه شئ قطعا، ذكره الرافعي بحثا، ونقله البلقيني عن نص الام. السابع أن تكون مقيمة على الاسلام، وأن يكون الزوج مقيما على دينه ليكون المانع منها. الثامن أن يكون مقيما على النكاح، فلو خالعنا بعد الطلب لم يسقط حقه على ذلك القول.
التاسع أن تكون جاءت إلى بلد فيه الإمام أو نائبه، وإلا فعلى أهل البلد منعها حسبة، ولا يغرمون المهر ولا الإمام، نص عليه في الام، واحترز المصنف بقوله ولم يذكر ردا عما إذا شرط ترك الرد، فإنه لا غرم قطعا. (ولا يرد) من جاء منهم إلينا وهو (صبي) وصف الاسلام ذكرا كان أو أنثى، طلبه أبواه الكافران أم لا (و) لا يرد من جاء منهم إلينا وهو (مجنون) بالغ ذكرا كان أو أنثى، طرأ جنونه بعد بلوغه، مشركا أم لا لضعفهما كالنساء، ولا يجوز الصلح بشرط ردهما. فإن قيل: قد رجحا في باب اللقيط أن الحيلولة بين الصبي إذا أسلم وبين أهله مستحبة لا واجبة. أجيب بأن الكلام هناك محمول على ما إذا كانوا في دارنا، والكلام هنا في جواز رده إلى الكفر، فإنهم يتمكنون من استمالته ورده إلى الكفر، بخلاف ما إذا كانوا مقيمين عندنا، فإنهم لا يتمكنون من ذلك، فإن بلغ الصبي وأفاق المجنون ثم وصفا الكفر ردا، وكذا إن لم يصفا شيئا كما بحثه بعض المتأخرين، وإن وصفا الاسلام لم يردا كما لو كان الجنون بعد الاسلام، أو وقع الاسلام بعد الإفاقة من الجنون، ولو شككنا في أنه أسلم قبل جنونه أو بعده لم يرد أيضا