صيدا فقد زال امتناعه وملكه، فإذا جرحه مجوسي ومات الجرحين حرم، وعلى المجوسي قيمته مثخنا، لأنه أفسده بجعله ميتة ولو أكره مجوسي مسلما على ذبح ولو أمسك له صيدا فذبحه أو شاركه في قتله بسهم أو كلب وهو في حركة مذبوح أو شاركه في رد الصيد على كلب المسلم بأن رده إليه لم يحرم، إذ المقصود الفعل، وقد حصل ممن يحل ذبحه، فلا يؤثر فيه الاكراه ولا غيره بما ذكر، ويحل ما اصطاد المسلم بكلب المجوسي قطعا، ولو أرسل مجوسي ونحوه سهمه على صيد ثم أسلم ووقع بالصيد لم يحل نظرا إلى أغلظ الحالين، ولو كان مسلما في حالتي الرمي والإصابة وتخللت الردة بينهما لم يحل أيضا.
فائدة: قال المصنف في شرح مسلم: قال بعض العلماء: والحكمة في اشتراط الذبح وإنهار الدم تمييز حلال اللحم والشحم من حرامهما وتنبيه على حرام الميتة لبقاء دمها. (ويحل ذبح) وصيد (صبي) مسلم أو كتابي (مميز) لأن قصده صحيح بدليل صحة العبادة منه إن كان مسلما، فاندرج تحت الأدلة كالبالغ (وكذا) صبي (غير مميز ومجنون وسكران) يحل ذبحهم (في الأظهر) لأن لهم قصدا وإرادة في الجملة، لكن مع الكراهة كما نص عليه في الام، وصرح به في التنبيه خوفا عن عدولهم عن محل الذبح وإن أشعر كلام المصنف بخلافه، فلو قال: ويكره كأعمى كان أولى وأخصر، والثاني لا تحل لفساد قصدهم.
تنبيه: محل الخلاف في المجنون والسكران إذا لم يكن لهما تمييز أصلا، فإن كان لهما أدنى تمييز حل قطعا، قاله البغوي، ومحل حل ذبح غير المميز إذا أطاق الذبح، فإن لم يطق لم يحل، نص عليه في الام والمختصر، قاله البلقيني، بل المميز إذا لم يطق الحكم فيه كذلك، ونقل عن نص الام. (وتكره زكاة أعمى) لما مر (ويحرم صيده برمي أو كلب) وغيره من جوارح السباع (في الأصح) المنصوص لعدم صحة قصده لأنه لا يرى الصيد فصار كاسترسال الكلب وما ذكره معه بنفسه، والثاني يحل كذبحه.
تنبيه: اقتصاره على تحريم صيد الأعمى يقتضي أن صيد من قبله حلال، وهو كما قاله في المجموع إنه المذهب، وقيل لا يصح لعدم القصد، وليس بشئ اه. وقول الروضة وأصلها أن الوجهين في الأعمى يجريان في اصطياد الصبي، والمجنون لا يلزم منه الاتحاد في الترجيح وإن جرى ابن المقري على الاتحاد، وحكى الدارمي في ذبح النائم وجهين، والذي ينبغي القطع به عدم حله، وأما ذبيحة الأخرس فتحل وإن لم تفهم إشارته كالمجنون.
فرع: قال في المجموع: قال أصحابنا: أولى الناس بالزكاة الرجل العاقل المسلم ثم المرأة المسلمة، ثم الصبي المسلم، ثم الكتابي، ثم المجنون والسكران انتهى. قال شيخنا: والصبي غير المميز في معنى الأخيرين. (وتحل ميتة السمك والجراد) بالاجماع وإن كان نظير الأول في البر محرما ككلب لقوله تعالى: * (أحل لكم صيد البحر وطعامه) * ولخبر: أحلت لنا ميتتان ولخبر: هو - أي البحر - الطهور ماؤه، الحل ميتته ولان ذبحهما لا يمكن عادة فسقط اعتباره سواء ماتا بسبب أم لا، وسواء كان طافيا أم راسبا، خلافا لأبي حنيفة في الطافي لأنه (ص) أكل من العنبر، وهو الحوت الذي طفا، وكان أكله منه بالمدينة رواه مسلم. (لو صادهما) أي السمك والجراد (مجوسي) لأن أكثر ما فيه أن يجعل ميتة وميتتهما حلال كما مر، ولا اعتبار بفعله. قال في زيادة الروضة: ولو ذبح مجوسي سمكة حلت أيضا، فلو قال المصنف: ولو قتلهما مجوسي لكان أولى. وأما قتل المحرم الجراد فيحرم عليه، وأما على غيره ففيه قولان:
أصحهما أنه لا يحرم، وجزم به في المجموع، ويسن ذبح كبار السمك الذي يطول بقاؤه إراحة له، ويكره ذبح صغاره لأنه عبث وتعب بلا فائدة.
تنبيه: شمل حل ميتة السمك ما لو وجدت سمكة ميتة في جوف أخرى فتحل، كما لو ماتت حتف أنفها إلا