أن تكون متغيرة وإن لم تتقطع كما قاله الأذرعي، لأنها صارت كالروث والقئ. (وكذا الدود المتولد من طعام كخل) وجبن (وفاكهة إذا أكل معه) ميتا يحل (في الأصح) لعسر تمييزه، وألحق بعض المتأخرين اللحم المدود بالفاكهة، وقضية هذا التعليل أنه إذا سهل تمييزه كالتفاح أنه يحرم أكله معه. قال ابن شهبة: وهو ظاهر، أي إذا كان لا مشقة فيه، وخرج بقوله: معه أكله منفردا فيحرم لنجاسته واستقذاره، وكذا لو نحاه من موضع إلى آخر كما قاله البلقيني، أو تنحى بنفسه ثم عاد بعد إمكان صوته عنه كما بحثه بعض المتأخرين. والثاني يحل مطلقا لأنه كجزء منه.
والثالث يحرم مطلقا لأنه ميتة. تنبيه: حق هذه المسألة أن تذكر في باب الأطعمة، وقضية إطلاقهم أنه لا فرق بين ما كثر من الدود أو لا، وقضية ما ذكروه فيما لا نفس له سائلة أنه إذا كثر وغير يمنع، لأن الأصح أنه ينجس في هذه الحالة، ويفرق بأن وقوع ما لا نفس له سائلة يمكن صون المائع عن كثرته بخلافه هنا. قال ابن شهبة: ويقاس بالدود المتولد من الطعام التمر والباقلاء المسوسان إذا طبخا ومات السوس فيهما، وهذا أولى من قول الزركشي: ولو فرق بين التمر والفول بأن التمر يشق عادة ويزال ما فيه، بخلاف الفول لكان متجها. ولو وقع في العسل نمل وطبخ جاز أكله، بخلاف اللحم لأنه لا مشقة في تنقيته عنه، ولو وقعت نملة واحدة أو ذبابة في قدر طبيخ وتهرت أجزاؤها فيه لم يحرم أكل ذلك الطبيخ لأنه لا يستقذر، ومثل الواحدة الشئ القليل من ذلك فيما يظهر، ولو وقع في القدر جزء من لحم آدمي وإن قل. قال في الاحياء: حرم أكل ما فيها لا لنجاسته، بل لحرمته، وخالفه في الروضة فقال: المختار أنه لا يحرم لاستهلاكه. (ولا يقطع) شخص على جهة الكراهة كما في الروضة (بعض سمكة حية) أو جرادة حية، وإنما لم يحرم كما قيل، لأن عيشه عيش مذبوح، كما يكره قلبه حيا في الزيت المغلي لما ذكر (فإن فعل) أي قطع بعض ما ذكر وبلع ذلك المقطوع (أو بلع) - بكسر اللام - في الأشهر (سمكة) أو جرادة (حية حل) ما ذكر (في الأصح) أما في الأولى فلان المبان كالميتة، وميتة هذا الحيوان حلال، وأما في الثانية فلانه ليس فيه أكثر من قتلها وهو جائز. والثاني لا يحل المقطوع كما في غير السمك والجراد، ولا المبلوع لما في جوفه، وعلى الأول يكره ذلك على الخلاف المذكور.
تنبيهات: أحدها محل الخلاف في الأولى إنما هو في القدر الذي أبين مع بقاء حياة السمكة أو الجرادة، أما لو قطع ولم يبق في الباقي حياة حل قطعا. ومحله في الثانية إذا لم يكن حاجة، فإن مست الحاجة إليه للتداوي جاز قطعا كما دل عليه كلام الرافعي: ثانيها: لو أكل مشوي صغار السمك بروثه حل وعفى عن روثه لعسر تتبعه، وأما كباره فلا يجوز أكل الروث معه لفقد العلة المذكورة. ثالثها: قول المصنف حية قد يفهم أنه يجوز في الميتة بلا خلاف وليس مرادا، بل إن كانت كبيرة امتنع لعدم العفو عن نجاسة روثها بخلاف ما إذا كانت صغيرة كما يؤخذ من المسألة المارة. وصرح به ابن شهبة في الكبيرة، والزركشي في الصغيرة. (وإذا) رمى بسهم (صيدا متوحشا أو) رمى (بعيرا) إنسيا توحش كأن (ند) - بفتح النون أوله - أي ذهب على وجهه شاردا (أو) رمى (شاة) إنسية توحشت كأن (شردت بسهم) فيه نصل أوله حد، أو بسيف أو رمح أو نحوه (أو أرسل عليه) أي الصيد (جارحة) من سباع أو طيور (فأصاب شيئا من بدنه) حلقا أو لبة أو غير ذلك (ومات في الحال حل) في الجميع. أما في المتوحش فبالاجماع كما حكاه ابن الصلاح وغيره، وأما في البعير الناد فلما في الصحيحين عن رافع بن خديج أن بعيرا ند فرماه رجل بسهم فحبسه: أي قتله فقال (ص):
إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا وقيس بما فيه غيره. وخرج بقوله:
ومات في الحال ما لو أدركه وفيه حياة مستقرة وأمكنه ذبحه ولم يذبحه فإنه لا يحل كما سيأتي.