مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٦
الدية صح صيانة لروحه، فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن صون الدم في الجزية يحصل بالدينار، وصون الروح لا يحصل في القصاص إلا بالزيادة إذ يجب على الإمام قبول الدينار، ولا يجب على المستحق قبول الدية. ولو اختار السفيه أن يلتحق بالمأمن لم يمنعه وليه، ولان حجره على ماله لا على نفسه. (والمذهب وجوبها على زمن وشيخ هرم وأعمى وراهب وأجير) لأنها كأجرة الدار، فيستوي فيها أرباب الاعذار وغيرهم، والطريق الثاني لا جزية عليهم إن قلنا لا يقتلون كالنساء والصبيان (و) على (فقير عجز عن كسب) ولو من أهل خيبر لعموم الآية، ولأنه كالغني في حقن الدم والسكنى (فإذا تمت سنة وهو معسر ففي ذمته حتى يوسر) وكذا حكم السنة الثانية وما بعدها كما تعامل المعسر، ويطالب إذا أيسر وفي قول غير مشهور أنه لا جزية عليه وإن كان ظاهر عطف المصنف له على الزمن يقتضي أن الخلاف فيه طريقان.
تنبيه: سكتا عن تفسير الفقير هنا، وفيه وجهان حكاهما الدارمي والرازي في تعليقه، أحدهما مستحق الزكاة لو كان مسلما، والثاني وهو الأشبه كما قاله الزركشي: من لا يملك فاضلا عن قوت يومه آخر الحول ما يقدر به على أداء الجزية كما في زكاة الفطر، وقال بعض المتأخرين يرجع فيه إلى العرق. ثم شرع في الركن الرابع وهو المكان القابل للتقرير، فقال: (ويمنع كل كافر من استيطان الحجاز) سواء أكان ذلك بجزية أم لا لشرفة، ولما روى البيهقي عن أبي عبيدة بن الجراح: آخر ما تكلم به النبي (ص): أخرجوا اليهود من الحجاز، ولخبر الصحيحين:
أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وخبر مسلم: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب. والمراد منها الحجاز المشتملة هي عليه ولم يرد جميع الجزيرة، لأن عمر رضي الله تعالى عنه أجلاهم من الحجاز وأقرهم في اليمن مع أنه من جزيرة العرب.
تنبيه: لو عبر بالإقامة الاستيطان كما في الروضة لكان أولى، فإنه يلزم من منعها منع الاستيطان ولا عكس، فلو أراد الكافر أن يتخذ دارا بالحجاز ولم يسكنها ولم يستوطنها لم يجز، لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالأواني وآلات الملاهي، وإليه يشير قول الشافعي في الام: ولا يتخذ الذمي شيئا من الحجاز دارا. (وهو) أي الحجاز (مكة والمدينة واليمامة) وهي مدينة بقرب اليمن على أربع مراحل من مكة، ومرحلتين من الطائف، قيل سميت باسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام، وكانت تسكنها (وقراها) أي الثلاثة كالطائف ووج لمكة وخيبر للمدينة (وقيل له) أي الكافر (الإقامة في طرقه) أي الحجاز (الممتدة) بين هذه البلاد التي لم تجر الإقامة فيها عادة لأنها ليست من مجتمع الناس ولا موضع الإقامة، والمشهور أنهم يمنعون لأن الحرمة للبقعة.
تنبيه: محل الخلاف في غير حرم مكة، فأما البقاع التي من الحرم، فإنهم يمنعون منها قطعا، ولا يمنعون من ركوب بحر الحجاز، لأنه ليس موضع إقامة، ويمنعون من الإقامة في جزائره وسواحله المسكونة بخلاف غير المسكونة، وإن خالف في ذلك الأذرعي وغيره وقالوا بالمنع مطلقا، وسمي ذلك حجازا، قال الأصمعي: لأنه حجز بين نجد وتهامة، وجزيرة العرب من أقصى عدن إلى ريف العراق في الطول، وفي العرض من جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام، وسميت جزيرة العرب لإحاطة بحر الحبشة وبحر فارس ودجلة والفرات بها. (ولو دخله) كافر ب‍ (- غير إذن الإمام أخرجه) منه لعدم إذنه له (وعزره إن علم أنه ممنوع منه) لجراءته ودخول ما ليس له دخوله، فإن جهل ذلك أخرج ولم يعزر (فإن استأذن) كافر الإمام في دخول الحجاز (أذن) له (إن كان) في دخوله
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548