مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٩٧
منعه ودفعه، فإن هلك في الدفع فلا شئ عليه، وإن اندفع بضرب ونحوه ثم قتله لزمه القصاص إن لم يكن الزاني محصنا.
فإن كان فلا قصاص على الصحيح، وقد سبق في الجنايات اه‍. فهذا دليل على اشتراط الترتيب (فإن أمكن) المصول عليه (هرب) أو التجأ لحصن أو جماعة (فالمذهب وجوبه وتحريم قتال) لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون فالأهون، وما ذكر أسهل من غيره فلا يعدل إلى الأشد، والثاني لا يجب لأن إقامته في ذلك الموضع جائزة فلا يكلف الانصراف والطريق الثاني إن تيقن النجاة بهرب وجب وإلا فلا حملا للنصين المختلفين على هذين الحالين.
تنبيه: قضية المتن أنه لو قاتل مع إمكان الهرب لزمه القصاص، وقضية كلام البغوي المنع، فإنه قال تلزمه الدية اه‍. والأول أوجه لما مر، وقضية إطلاق المتن وجوب الهرب أنه لا فرق بين أن يكون المقصود نفسه أو ماله أو بضعه، وتعليل الرافعي يقتضي تخصيصه بالدفع عن نفسه وهو الظاهر كما قاله الزركشي فلا يلزمه الهرب، ويدع ماله إذا كان الصيال عليه لأجل ما له ولم يمكنه لهرب، وأما إذا كان المقصود البضع فقضية البناء على وجوب الدفع أنه لا يلزمه الهرب، بل يثبت إن أمن على نفسه. (ولو عضت يده) أو غيرها (خلصها بالأسهل من فك لحييه) أي رفع إحداهما عن الأخرى بلا جرح (وضرب) أي أو ضرب (شدقيه) بكسر المعجمة، وهما جانبا الفم (فإن عجز) عن الأسهل (فسلها فندرت) - بنون -: أي سقطت (أسنانه فهدر) لما في الصحيحين: أن رجلا عضن يد رجل فنزع يده من فيه فوقعت ثناياه، فاختصما إلى رسول الله (ص) فقال يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك، ولان النفس لا تضمن بالدفع فالاجزاء أولى، وسواء أكان العاض ظالما أو مظلوما لأن العض لا يباح بحال. قال ابن أبي عصرون: إلا إذا لم يمكن التخلص إلا به فهو حق له، نقله عنه الأذرعي وقال إنه صحيح وهو ظاهر.
تنبيه: اقتضى كلام المصنف أمرين: الأول التخيير بين فك اللحي والضرب، وليس مرادا بل الفك مقدم على الضرب كما علم مما مر، لأنه أسهل. والثاني الحصر فيما ذكر، وليس مرادا أيضا، فالصحيح في أصل الروضة أنه إذا لم يمكنه التخلص إلا ببعج بطنه، أو فق ء عينه، أو عصر خصييه جاز، وقضية كلام الشيخين مراعاة الترتيب فلو عدل عن الأخف مع إمكانه ضمن، وهو قضية كلام الجمهور. قال الأذرعي: وإطلاق كثيرين يفهم أنه لو سل يده ابتداء فندرت أسنانه كانت مهدرة وهو ظاهر الحديث اه‍. ولا يجب قبل ذلك الانذار بالقول كما جزم به الماوردي وغيره، فإن اختلفا في إمكان التخلص بدون ما دفع به صدق الدافع بيمينه، جزم به في البحر. قال الزركشي تبعا للأذرعي:
وليكن الحكم كذلك في الصائل.
فائدة: العض بضاد معجمة إذا كان بجارحة، وبظاء معجمة إذا كان بغيرها: نحو عظت الحرب وعظ الزمان.
قالت عتبة أم حاتم الطائي:
لعمري لقدما عظني الدهر عظة فيا ليت أن لا أمنع الدهر جائعا وقولا لهذا اللائم اليوم اعفني فإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا (ومن نظر) بضم أوله (إلى حرمه) بضم أوله وفتح ثانيه المهملين وبهاء الضمير الراجع لمن، والمراد بهن الزوجات والإماء والمحارم (في داره) المختصة به بملك أو غيره (من كوة) أي طاقة، ومر في الصلح أنها بفتح الكاف، وحكي ضمها (أو ثقب) بفتح المثلثة أوله، أي خرق في الدار، وقوله: (عمدا) قيد في النظر (فرماه) أي رمى صاحب الدار من نظر إلى حرمه حال نظره (بخفيف) نقصد العين بمثله (كحصاة فأعماه، أو) لم يعمه، بل (أصاب قرب عينه فجرحه) فسرى الجرح (فمات فهدر) لخبر الصحيحين: لو اطلع أحد في بيتك ولم تأذن له فحذفته
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548