شدقه في حكمه للزبير، ولا يجوز تركه إن كان لآدمي عند طلبه كالقصاص كما جرى عليه الحاوي الصغير ومختصره خلافا لما رجحه ابن المقري من أن له ذلك، ويعزر من وافق الكفار في أعيادهم، ومن يمسك الحية ويدخل النار، ومن قال لذمي يا حاج، ومن هنأه بعيده، ومن سمى زائر قبور الصالحين حاجا، والساعي بالنميمة لكثرة إفسادها بين الناس.
قال يحيى بن أبي كثير: يفسد النمام في ساعة ما لا يفسده الساحر في السنة، ولا يجوز للإمام العفو عن الحد، ولا تجوز الشفاعة فيه، لقوله (ص): لعن الله الشافع والمشفع، وفي البيهقي عن ابن عمر أن النبي (ص) قال من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضاد الله في حكمه وتسن الشفاعة الحسنة إلى ولاة الأمور من أصحاب الحقوق ما لم يكن في حد أو أمر لا يجوز تركه كالشفاعة إلى ناظر يتيم أو وقف في ترك بعض الحقوق التي في ولايته، فهذه شفاعة سوء محرمة، واستدل للشفاعة الحسنة بقوله تعالى * (من يشفع شفاعة حسنة) * الآية، وبما في الصحيحين عن أبي موسى أن النبي (ص) كان إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه، وقال: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء.
كتاب الصيال هو والمصاولة: الاستطالة والوثوب، والصائل الظالم (وضمان الولاة) وأدرج المصنف في الباب حكم الختان وإتلاف البهائم، وعقد في الروضة لاتلاف البهائم بابا، وذكر حكم الختان في باب ضمان إتلاف الإمام. والأصل في الباب قوله تعالى: * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) *. وافتتحه في المحرر بخبر البخاري: انصر أخاك ظالما أو مظلوما والصائل ظالم فيمنع من ظلمه لأن ذلك نصره.
(له) أي المصول عليه (دفع كل صائل) مسلما كان أو كافرا عاقلا أو مجنونا بالغا أو صغيرا قريبا أو أجنبيا آدميا أو غيره (على) معصوم من (نفس أو طرف) أو منفعة (أو بضع أو مال) لخبر: من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد رواه أبو داود والترمذي وصححه. ووجه الدلالة أنه لما جعله شهيدا دل على أن له القتل والقتال، كما أن من قتله أهل الحرب لما كان شهيدا كان له القتل والقتال.
تنبيه: في معنى البضع من قصد الاستمتاع بأهله فيما دون الفرج كالقبلة، وألحق الروياني الأخت والبنت بالزوجة. وشمل قوله أو مال الكثير والقليل كدرهم. فإن قيل: كيف يكون المقدر في السرقة أكثر وما فيه سوى قطع الطرف، وقد يؤدي الدفع إلى هلاك النفس وهو أعظم والمال فيه قليل؟ أجيب بأن قطع الطرف محقق، فاعتبر فيه ذلك بخلاف هلاك النفس ومال نفسه ومال غيره، ويستثنى من جواز الدفع عن المال ما لو صال مكرها على إتلاف مال غيره لم يجز دفعه، بل يلزم المالك أن بقي روحه بمال كما يناوله المضطر طعامه كما ذكره الرافعي قبيل الديات ولكل منهما دفع المكره، وتعبيره بالمال قد يخرج ما ليس بمال كالكلب المقتنى والسرجين، وقضية كلام الماوردي وغيره إلحاقه به وهو الظاهر، وله دفع مسلم عن ذمي ووالد عن ولده وسيد عن عبده لأنهم معصومون، ولو صال قوم على النفس والبضع والمال قدم الدفع عن النفس على الدفع عن البضع والمال، والدفع عن البضع على الدفع عن المال، والمال الكثير على الحقير. ولو صال اثنان على متساويين في نفسين أو بضعين أو مالين ولم يتيسر دفعهما معا دفع أيهما شاء، ولو صال أحدهما على صبي باللواط، والآخر على امرأة بالزنا ففيه احتمالان لبعض المتأخرين، أحدهما يبدأ بصاحب الزنا للاجماع على وجوب الحد فيه، والثاني بصاحب اللواط، إذ ليس إلى حله سبيل. وقال بعضهم: يبدأ بأيهما شاء وهو أوجه لعدم الأولوية. (فإن قتله) أي المصول عليه الصائل دفعا (فلا ضمان) بقصاص ولا دية ولا