تنبيه: لو قتل شخص عبدا من ثلاثة عتق أحدهم مبهما، ثم خرجت قرعة العتق على المقتول بان أنه قتل حرا وكانت ديته لورثته وهل يجب على قاتله قصاص؟. قال القاضي: ظاهر المذهب لا، بخلاف ما لو قال لعبده: أنت حر قبل جرح فلان إياك بيوم مثلا، فإذا جرحه وسرى إلى النفس ومات فالصحيح وجوب القصاص، وحكى الرافعي ذلك في باب العتق عن بعض الأصحاب وجزم به في التتمة. (ومن بعضه حر لو قتل مثله) أي مبعضا سواء ازدادت حرية القاتل على حرية المقتول أم لا حرية بجزء رق وهو ممتنع (وقيل إن لم تزد حرية القاتل وجب) القصاص سواء أتساويا أم كانت حرية المقتول أكثر لتساويهما في الحرية والرق في الصورة الأولى، ولأنه في الثانية مفضول والمفضول يقتل بالفاضل، وأصل الخلاف قولا الحصر والإشاعة. أما إذا كانت حرية القاتل أكثر فلا قصاص قطعا لانتفاء المساواة ولم يرجح في الروضة وأصلها شيئا من الوجهين، بل قالا إن الأول أصح عند المتأخرين، والثاني أشهر عند المتقدمين، وإذا لا يحسن التعبير بقيل، بل التعبير بالأصح لقوة الخلاف، والفضيلة في شخص لا تجبر النقص فيه (و) لهذا قال المصنف (لا قصاص) واقع (بين عبد مسلم وحر ذمي) لأن المسلم لا يقتل بالذمي والحر لا يقتل بالعبد، ولا تجبر فضيلة كل منهما نقيصته، ولو قتل ذمي عبدا ثم نقض العهد واسترق لا يجوز قتله وإن صار كفؤا له، لأن الاعتبار بوقت الجناية ولم يكن مكافئا له (ولا) قصاص (بقتل ولد) للقاتل (وإن سفل) لخبر الحاكم والبيهقي وصححاه لا يقاد للابن من أبيه ولرعاية حرمته، ولأنه كان سببا في وجوده فلا يكون سببا في عدمه.
تنبيه: لو حكم حاكم بقتل الحر بالعبد، أو الأصل بالفرع نقض حكمه في الثاني دون الأول إلا إن أضجع الأصل فرعه وذبحه فلا ينقض حكمه لقول مالك بوجوب القصاص، وشمل كلام المصنف الأب والام والأجداد والجدات وإن علوا من قبل الام والأب جميعا، لأن الحكم يتعلق بالولادة فاستوى فيه من ذكر كالنفقة، وذكره الولد في مسائل الكفاءة يوهم أن الولد لا يكافئ أباه، وصرح به بعضهم. لكن قال في البسيط إنه فاسد، واستدل بأن الولد يكافئ العم وعمه يكافئ أباه ومكافئ المكافئ مكافئ. قال ابن الرفعة: وقوله (ص) المسلمون تتكافأ دماؤهم يدل عليه وهل يقتل بولده المنفي باللعان؟ وجهان، ويجريان في القطع بسرقة ماله وقبول شهادته له. قال الأذرعي:
والأشبه أنه يقتل به ما دام مصرا على النفي اه. والأوجه أنه لا يقتل به مطلقا للشبهة كما قاله غيره. (ولا) قصاص (له) أي الولد على الوالد كأن قتل زوجة نفسه وله منها ولد، أو قتل زوجة ابنه، أو لزمه قود فورث بعضه ولده كأن قتل أبا زوجته ثم ماتت الزوجة وله منها ولد لأنه إذا لم يقتل بجنايته على ولده فلان لا يقتل بجنايته على من له في قتله حق أولى (ويقتل) الولد (بوالديه) بكسر الدال بخطه على لفظ الجمع وإن علوا: أي بكل واحد منهم كغيرهم بل أولى وتقتل المحارم بعضهم ببعض. وقد صرح به في المحرر وأسقطه المصنف لأنه مفهوم مما ذكر.
تنبيه: يستثنى من إطلاق المصنف ما إذا قتل المكاتب أباه وهو يملكه كما مر، وما إذا ورث القاتل القصاص كما سيأتي ويقتل العبد بعبد لوالده ولا يقتل الولد المسلم بالوالد الكافر. (ولو تداعيا) قتيلا (مجهولا) نسبه (فقتله أحدهما) قبل تبين حاله فلا قصاص في الحال لأن أحدهما أبوه، وقد اشتبه الامر فهو كما لو اشتبه طاهر بنجس لا يستعمل أحدهما بغير اجتهاد بل يعرض على القائف (فإن ألحقه القائف بالآخر اختص) الآخر لثبوت أبوته وانقطاع نسبه عن القاتل، فلو اشتركا في قتله وألحقه القائف بأحدهما اقتص من الآخر لأنه شريك الأب (وإلا) بأن لم يلحقه القائف بالآخر (فلا) يقتص لعدم ثبوت الأبوة. وأورد على مفهومه ما لو ألحقه بغيرهما فإنه يجب القصاص مع أنه يصدق أنه لم يلحقه بالآخر. وهو ظاهر إن قرئ أقتص بضم الهمزة، فإن قرئ بكسرها فلا يرد.