مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٢٥
تنبيه: ما جزم به المصنف من عدم صحة شهادته ونفوذ قضائه إذا استحل دماءنا وأموالنا، وما نقلاه في الروضة وأصلها هنا عن المعتبرين من أصحابنا محمول على ما إذا كان بلا تأويل، وما ذكره في زيادة الروضة في كتاب الشهادات من أنه لا فرق في قبول شهادة أهل الأهواء وقضاء قاضيهم بين من يستحل الدم والمال أم لا محمول على ما إذا استحلوه بتأويل فلا منافاة بين الموضعين كما توهمه بعض الشارحين، وينبغي كما قال الزركشي أن يكون سائر الأسباب الموجبة للفسق في معنى استحلال الدم والمال، ولو شككنا في الاستحلال حيث قلنا: لا تصح الشهادة ولا ينفذ القضاء:
فقولان، حكاهما ابن كج، وقال: اختيار الشافعي رحمه الله تعالى عدم قبول الحكم، ويأتي مثله في الشهادة، وخرج بما ينفذ فيه قضاء قاضينا غيره كأن حكم بما يخالف نصا أو إجماعا أو قياسا جليا فلا يقبل (وينفذ) بضم أوله وتشديد الفاء، قاضينا (كتابه) أي قاضي البغاة (بالحكم) فإذا كتب بما حكم به إلى قاضينا جاز له قبوله وتنفيذه، ولكن يسن له عدم تنفيذه استخفافا بهم (ويحكم بكتابه بسماع البينة) أي يجوز له ذلك (في الأصح) كتقييد كتابه بالحكم، ويستحب أنه لا يحكم به لما مر. والثاني لا يحكم به، لأن فيه معونة أهل البغي وإقامة مناصبهم.
تنبيه: تبع المحرر في حكاية الخلاف وجهين، لكنه في الروضة كأصلها جعله قولين، وطردهما الإمام في الكتاب بالحكم (ولو) استولى البغاة على بلد و (أقاموا) أي ولاة أمورهم (حدا) على من وجب عليه (وأخذوا زكاة) من أهلها (وخراجا) من أرض خراجية (وجزية) من أهل ذمة (وفرقوا سهم المرتزقة) من الفئ (على جندهم صح) ما فعلوه في البلد الذي استولوا عليه تأسيا بعلي رضي الله تعالى عنه، ولان في إعادة المطالبة إضرارا بأهل البلد، أما إذا أقام الحد غير ولاتهم فإنه لا يعتد به، ومحل الاعتداد به في الزكاة كما قال البلقيني إذا كانت غير معجلة، أو كانت معجلة لكن استمرت شوكتهم حتى وجبت، فلو زالت شوكتهم قبل الوجوب لم يقع ما عجلوه موقعه لأن وقت الوجوب لم يكونوا أهلا للاخذ. قال: ولم أر من تعر ض لذلك، وقد أشار الشافعي رضي الله تعالى عنه إليه بقوله: بصدقة عامة. (وفي الأخير) وهو تفرقة سهم المرتزقة على جندهم (وجه) أنه لا يقع الموقع لئلا يتقووا به على أهل العدل. وأجاب الأول بأنهم من جند الاسلام، ورغب الكفار قائم بهم، وفي الجزية أيضا وجه حكاه الرافعي، وفي الزكاة أيضا وجه حكاه القاضي. قال الزركشي: وصرح في الاشراف بحكاية الخلاف في الخراج (وما أتلفه باغ) من نفس أو مال (على عادل وعكسه) أي أتلفه عادل على باغ (إن لم يكن في قتال) لضرورته بأن كان في غير القتال أو فيه لا لضرورته (ضمن) قطعا كل منهما متلفه من نفس ومال جريا على الأصل في الاتلاف.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما إذا قصد أهل العدل بإتلاف المال إضعافهم وهزيمتهم فإنه لا ضمان، قال الماوردي قال: بخلاف ما لو قصدوا التشفي والانتقام. (وإلا) بأن كان الاتلاف في قتال لضرورته (فلا) ضمان اقتداء بالسلف لأن الوقائع التي جرت في عصر الصحابة كوقعة الجمل بصفين لم يطلب بعضهم بعضا بضمان نفس ولا مال، وترغيبا في الطاعة لئلا ينفروا عنها ويتمادوا على ما هم فيه، ولهذا سقطت التبعة عن الحربي إذا أسلم، ولأنا مأمورون بالقتال فلا يضمن ما يتولد منه وهم إنما أتلفوا بتأويل (وفي قول يضمن الباغي) ما أتلفه على العادل، لأنهما فرقتان من المسلمين محقة ومبطلة فلا يستويان في سقوط الغرم كقطاع الطريق لشبهة تأويلها.
تنبيه: محل الخلاف كما يؤخذ مما قدرته في كلامه فيما أتلف في القتال بسبب القتال، فإن أتلف فيه ما ليس من ضرورته ضمن قطعا، قاله الإمام وأقراه ثم ما ذكر بالنسبة للضمان، وأما بالنسبة للتحريم فقال الشيخ عز الدين لا يتصف إتلافهم بإباحة ولا بتحريم لأنه خطأ معفو عنه، بخلاف ما يتلفه الكفار حال القتال إنه حرام غير مضمون.
فرع: لو وطئ باغ أمة عادل بلا شبهة حد ورق الولد ولا نسب، لأن الوطئ حينئذ زنا، ومتى كانت مكرهة على
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548