مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٠٣
قال الزركشي: وسكتوا عن التعلق بذمتها ويشبه القطع به لتعذر التعلق برقبتها، وهذا ممنوع بل الأشبه كما قال شيخنا القطع بالتعلق بذمة السيد لأنه منع بيعها، فلو ماتت عقب الجناية لم يسقط الأرش عن السيد في الأصح بخلاف القن كما قاله الرافعي في كلامه على جناية الموقوف.
تتمة: حكم الموقوف حكم المستولدة لمنع الواقف بيعه بوقفه، والظاهر كما قال شيخنا أن المنذور عتقه كذلك، وأما المكاتب فذكر المصنف جنايته في باب الكتابة.
فصل: في دية (الجنين) الحر المسلم (غرة) لخبر الصحيحين أنه (ص) قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة بترك تنوين غرة على الإضافة البيانية وتنوينها على أن ما بعدها بدل منها، وأصل الغرة البياض في وجه الفرس، ولهذا شرط عمرو بن العلاء أن يكون العبد أبيض والأمة بيضاء، وحكاه الفاكهاني في شرح الرسالة عن ابن عبد البر أيضا ولم يشترط الأكثرون ذلك، وقالوا: النسمة من الرقيق غرة لأنها غرة ما يملك: أي أفضله، وغرة كل شئ خياره، وإنما تجب الغرة فيه (إن انفصل ميتا بجناية) على أمه الحية مؤثرة فيه، سواء أكانت الجناية بالقول كالتهديد والتخويف المفضي إلى سقوط الجنين أم بالفعل كأن يضربها أو يوجرها دواء أو غيره فتلقي جنينا، أم بالترك كأن يمنعها الطعام أو الشراب حتى تلقي الجنين وكانت الأجنة تسقط بذلك، ولو دعتها ضرورة إلى شرب دواء، فينبغي كما قال الزركشي أنها لا تضمن بسببه وليس من الضرورة الصوم ولو في رمضان إذا خشيت منه الاجهاض، فإذا فعلته فأجهضت ضمنته كما قاله الماوردي، ولا ترث منه لأنها قاتلة وسواء كان الجنين ذكرا أم غيره لاطلاق الخبر، لأن ديتهما لو اختلفت لكثر الاختلاف في كونه ذكرا أو غيره فسوى الشارع بينهما كأصل الصاع من التمر يكون بدل اللبن في المصراة، سواء أقل اللبن أم كثر، وسواء كان الجنين تام الأعضاء أم ناقصها ثابت النسب أم لا، لكن لا بد أن يكون معصوما مضمونا على الجاني عند الجناية، وإن لم تكن أمه معصومة أو مضمونة عندها، أما الجنين الرقيق والكافر فذكرهما المصنف آخر الفصل ولا أثر لنحو لطمة خفيفة كما لا تؤثر في الدية ولا لضربة قوية أقامت بعدها بلا ألم، ثم ألقت جنينا نقله في البحر عن النص.
تنبيه: سمي الجنين جنينا لاستتاره ومنه الجن. وقوله: (في حياتها أو موتها) متعلق بانفصل: أي انفصل في حياتها بجناية أو انفصل بعد موتها بجناية في حياتها، ويحتمل أن يكون في حياتها أو موتها متعلق بجناية. فيشمل ما لو ضرب ميتة فألفت جنينا ميتا، وبه صرح القاضي أبو الطيب والروياني فأوجبنا الغرة لأن الأصل بقاء الحياة، وقال البغوي: لا شئ عليه، وبه قال الماوردي وادعى فيه الاجماع ورجحه البلقيني ولم يرجح الشيخان شيئا (وكذا إن ظهر) بعض الجنين (بلا انفصال) من أمه كخروج رأسه ميتا تجب فيه الغرة (في الأصح) لتحقق وجوده، والثاني لا بد من تمام انفصاله لأن ما لم ينفصل كالعضو منها (وإلا) بأن لم يكن معصوما عند الجناية كجنين حربية من حربي، وإن أسلم أحدهما بعد الجناية أو لم يكن مضمونا كأن كان الجاني مالكا للجنين ولامه بأن جنى السيد على أمته الحامل وجنينها من غيره وهو ملك له فعتقت، ثم ألقت الجنين أو كانت أمه ميتة أو لم ينفصل ولا ظهر بالجناية على أمه (فلا) شئ فيه لعدم احترامه في الأولى، وعدم ضمان الجاني في الثانية ولظهور موته بموتها في الثالثة، ولعدم تحقق وجوده في الأخيرتين.
تنبيه: تقييد الجنين بالعصمة أولى من تقييد الام بها لايهام أنه لو جنى على حربية جنينها معصوم حين الجناية لا شئ فيه وليس كذلك، ولو ماتت الام ولم ينفصل الولد ولم يظهر فلا غرة، لأنا لم نتيقن وجود الجنين فلا نوجب شيئا بالشك، وكذا لو كانت المرأة منتفخة البطن فضربها ضارب فزال الانتفاخ أو كانت تجد حركة في بطنها فانقطعت بالضربة لجواز أن يكون ريحا فانفشت وسكن. (أو) انفصل (حيا وبقي) بعد انفصاله (زمانا بلا ألم) فيه
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548