مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٤٩
إجحاف بالدافع خصوصا مع تكرار الاتلاف. أجيب بأن الدافع مقصر إذ يمكنه أن يطعمه من غير تسليم. لكن ما أتلفه عليه فيه الضمان إذ أيسر كما قالاه، وينبغي كما قال الأذرعي أن محل الضمان في الرشيد دون غيره لتقصير الدافع، بل سبيله أن يطعمه أو يوكل من يطعمه ولا يسلم إليه شيئا. والنفقة وما ذكر معها إمتاع، ولذلك قال المصنف: (وتسقط بفواتها) بمضي الزمان، وإن تعدى المنفق بالمنع لأنها وجبت بدفع الحاجة الناجزة، وقد زالت، بخلاف نفقة الزوجة فإنها معاوضة. (و) حينئذ (لا تصير دينا) في ذمته (إلا بفرض) بالفاء بخطه، (قاض، أو إذنه في اقتراض) بالقاف، (لغيبة أو منع) فإنها تصير دينا في ذمته لتأكد ذلك بفرض القاضي أو إذنه فيه.
تنبيه: تبع المصنف في هذا الاستثناء كالمحرر والشرحين الغزالي في الوسيط والوجيز، ولا ذكر له في شئ من كتب الطريقين. قال الأذرعي: وهذه المسألة مما تعم به البلوى، وحكام العصر يحكمون بذلك ظانين أنه المذهب فيجب التنبه لها وتحريرها وبسط الكلام في ذلك، ثم قال: وألحق أن فرض القاضي بمجرده لا يؤثر عندنا بلا خلاف، ومحاولة إثبات خلاف مذهبي فيه تكلف محض اه‍. فالمعتمد كما عليه الجمهور أنها لا تصير دينا إلا بافتراض قاض بنفسه أو مأذونه ويمكن حمل كلام الغزالي والشيخين كما قاله بعض المتأخرين على ما إذا فرض القاضي النفقة، أي قدرها، وأذن لانسان أن ينفق على الطفل مثلا ما قدره في غيبة القريب أو منعه ويرجع على قريبه، فإذا أنفق صار في ذمة القريب، قال: وهي غير مسألة الاستقراض. وقول المصنف: أو إذنه في اقتراض يقتضي أنه بمجرد ذلك يصير دينا في الذمة، قال السبكي: والظاهر أنه لو تأخر الاستقراض بعد إذن القاضي ومضي زمن لم يستقرض فيه، أي لم يفت، فيجب حمله على أن المراد إذن في الاستقراض فاستقرض اه‍. وهذا الحمل هو المراد وإلا فيخالف ما عليه الجمهور، ويكون الاستثناء حينئذ من اللفظ لا من المعنى، لأن الواجب على القريب إنما هو وفاء الدين، ولا يسمى هذا الوفاء نفقة.
وظاهر كلام المصنف الحصر فيما ذكره، وليس مرادا فإن الأب لو نفى الولد ثم استحلقه فإن الام ترجع عليه بالنفقة كما مر، ولو لم يكن هناك حاكم واستقرضت الام عنه وأشهدت فعليه قضاء ما استقرضته، أما إذا لم تشهد فلا رجوع لها.
ونفقة الحامل لا تسقط بمضي الزمان وإن جعلنا النفقة له، لأن الزوجة لما كانت هي التي تنتفع بها التحقت بنفقتها.
وللقريب أخذ نفقته من مال قريبه عند امتناعه إن وجد جنسها، وكذا إن لم يجده في الأصح، وله الاستقراض إن لم يجد له مالا وعجز القاضي، ويرجع إن أشهد كجد الطفل المحتاج وأبوه غائب مثلا. وللأب والجد أخذ النفقة من مال فرعهما الصغير أو المجنون بحكم الولاية، ولهما إيجاره لها لما يطيقه من الأعمال، ولا تأخذها الام من ماله إذا وجبت نفقتها عليه ولا الابن من مال أبيه المجنون إذا وجبت نفقته عليه إلا بالحاكم لعدم ولايتهما، فيؤدي القاضي الابن الزمن إجارة أبيه المجنون إذا صلح لنفقته. (وعليها) أي الام، (إرضاع ولدها اللبأ) وهو بهمز وقصر: اللبن النازل أول الولادة، لأن الولد لا يعيش بدونه غالبا، وغيرها لا يغني كما قاله في الكافي، والمراد كما قال الرافعي أنه لا يعيش بدونه غالبا أو أنه لا يقوى وتشتد بنيته إلا به، قال: وإلا فنشاهد من يعيش بلا لبأ. ولها أن تأخذ الأجرة إن كان لمثله أجرة، ولا يلزمها التبرع بإرضاعه كما لا يلزم بدل الطعام للمضطر إلا بالبدل.
تنبيه: لم يتعرضوا لمدة الرضاع به، وقال الرافعي: مدته يسيرة، وقال في البيان: وعليها أن تسقي اللبأ حتى يروى، وظاهره الاكتفاء بمرة واحدة. وينبغي كما قال الأذرعي الرجوع إلى أهل الخبرة فإن قالوا تكفيه مرة بلا ضرر يلحقه كفت وإلا عمل بقولهم. (ثم بعده) أي بعد إرضاع اللبأ، (إن لم يوجد إلا هي) أي الام (أو أجنبية وجب) على الموجود منهما (إرضاعه) إبقاء للولد، ولهما طلب الأجرة من ماله إن كان، وإلا فممن تلزمه نفقته. (وإن وجدتا) أي الام والأجنبية، (لم تجبر الام) وإن كانت في نكاح أبيه على إرضاعه، لقوله تعالى: * (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) *،
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460