مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٥٨
أهدى إليه وأصبر عليه من الأب ونحوه. (فإن رضي به في بيته) فذاك ظاهر، (وإلا ففي بيتها) يكون التمريض ويعودهما، ويجب الاحتراز في الحالين من الخلوة بها، ولا تمنع الام من حضور تجهيزهما في بيته. أما إذا ماتا فله منعه من زيارة قبرهما إذا دفنا في ملكه، والحكم في العكس كذلك. ولو تنازعا في دفن من مات منهما في تربة أحدهما أجيب الأب كما بحثه بعض المتأخرين. وإن مرضت الام لزم الأب أن يمكن الأنثى من تمريضها إن أحسنت تمريضها، بخلاف الذكر لا يلزمه أن يمكنه من ذلك وإن أحسن التمريض. (وإن اختارها) أي الام (ذكر فعندها ليلا، وعند الأب نهارا) يعلمه الأمور الدينية والدنيوية على ما يليق به، (ويؤدبه) أي يعلمه أدب النفس والبراعة والظرف، فمن أدب ولده صغيرا سر به كبيرا، يقال: الأدب على الآباء والصلاح على الله. (ويسلمه لمكتب) بفتح الميم والتاء، ويجوز كسر التاء، حكاه النحاس: اسم للموضع الذي يتعلم فيه. وعبارة الشافعي رضي الله تعالى عنه: الكتاب وقال ابن داود:
الأفصح المكتب لأن الكتاب جمع كاتب. (و) ذي (حرفة) يتعلم من الأول الكتابة والثاني الحرفة على ما يليق بحال الولد. وطاهر كلام الماوردي أنه ليس للأب الشريف أن يعلم ابنه الصنعة إذا كان ذلك يزري به، وهو ظاهر. وكذا لا ينبغي لمن له صنعة شريفة أن يعلم ابنه صنعة رديئة لأن عليه رعاية المصلحة وما فيه الحظ له، ولا يكله في ذلك إلى أمه لعجز النساء عن القيام بمثل ذلك.
تنبيه: ظاهر كلامه إيجاب ذلك عليه، وبه صرح في زوائد الروضة، فقال: يجب على الولي تأديب الولد وتعليمه أبا كان أو جدا أو وصيا، وأجرة ذلك في مال الصبي، فإن لم يكن فعلي من تلزمه نفقته. وما قاله في الليل والنهار قال الأذرعي: جرى على الغالب، فلو كانت حرفة الأب ليلا كالأتوني فالأقرب أن الليل في حقه كالنهار في حق غيره حتى يكون عند الأب ليلا لأنه وقت التعلم والتعليم، وعند الام نهارا كما قالوا في القسم بين الزوجات. (أو) كان الذي اختار الام (أنثى) أو خنثى كما بحثه شيخنا، (فعندها ليلا ونهارا) لاستواء الزمانين في حقها طلبا لسترها. (و) لا يطلب الأب احضارها، بل (يزورها الأب) لتألف الستر والصيانة (على العادة) مرة في يومين فأكثر لا في كل يوم كما مر.
تنبيه: قوله: على العادة يقتضي منعه من زيارتها ليلا، وبه صرح بعضهم لما فيه من التهمة والريبة. وظاهر أنها لو كانت بمسكن زوج لها لم يجز له دخوله إلا بإذن منه، فإن لم يأذن أخرجتها إليها ليراها ويتفقد حالها ويلاحظها بقيام تأديبها وتعليمها وتحمل مؤنتها، وكذا حكم الصغير غير المميز والمجنون الذي لا تستقل الام بضبطه فيكونان عند الام ليلا ونهارا ويزورهما الأب ويلاحظهما بما مر وعليه ضبط المجنون. (وإن اختارهما) أي اختار الولد المميز أبويه، (أقرع) بينهما قطعا للنزاع، ويكون عند من خرجت قرعته منهما. (فإن لم يختر) واحدا منهما (فالأم أولى) لأن الحضانة لها ولم يختر غيرها، (وقيل: يقرع) بينهما، وبه أجاب البغوي لأن الحضانة لكل منهما. ولو اختار غيرهما فالأم أولى أيضا استصحابا لما كان. ثم ما تقدم في أبوين مقيمين في بلد واحدة، (و) حينئذ (لو أراد أحدهما سفر حاجة) كتجارة وحج طويلا كان السفر أم لا، (كان الولد المميز وغيره مع المقيم) من الأبوين (حتى يعود) المسافر منهما، لما في السفر من الخطر والضرر.
تنبيه: لو كان المقيم الام وكان في مقامه معها مفسدة أو ضياع مصلحة كما لو كان يعلمه القرآن أو الحرفة وهما ببلد لا يقوم غيره مقامه في ذلك فالمتجه كما قاله الزركشي تمكين الأب من السفر به، لا سيما إن اختاره الولد، وسكت المصنف
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460