لكن المنقول خلافه. (و) اعلم أن الفسخ حق الزوجة، وحينئذ (لا فسخ لولي صغيرة ومجنونة) وإن كان فيه مصلحة لهما (بإعسار بمهر ونفقة) كما لا يطلق عليهما، وإن كان فيه مصلحتهما، لأن الخيار يتعلق بالطبع والشهوة فلا يفوض إلى غير مستحقه. وينفق عليهما من مالهما، فإن لم يكن لهما مال أنفق عليهما من عليه نفقتهما كنفقة الخلية وتصير نفقتهما ومهرهما دينا عليه يطالب به إذا أيسر.
تنبيه: أفهم كلامه أن عدم فسخ ولي البالغة من باب أولى، والسفيهة البالغة هنا كالرشيدة. (ولو أعسر زوج أمة) أو من فيها رق كما فهم بالأولى بالنفقة (أو الكسوة فلها الفسخ) بذلك وليس للسيد منعها منه لأنه حقها، فإن ضمن لها النفقة بعد طلوع فجر يومها صح كضمان الأجنبي. فإن قيل: كيف يضمن السيد وهو رب الدين دينه؟
أجيب بأن النفقة في الأصل لها ثم يتلقاها السيد، فصح ضمانه.
تنبيه: استثني من ثبوت الخيار لها ما لو أنفق السيد عليها من ماله فإنه لا خيار لها حينئذ، وما لو كانت زوجة أحد أصول سيدها الموسر الذي يلزمه إعفافه لأن نفقتها على سيدها، وحينئذ فلا فسخ له ولا لها. وألحق بها نظائرها، كما لو زوج أمته بعده واستخدمه، فإن لم يستخدمه وعجز عن الكسب فيظهر أن لها الفسخ إن لم ترض بذمته ولم ينفق عليها السيد أخذا مما مر. (فإن رضيت) وهي مكلفة بإعساره، (فلا فسخ للسيد في الأصح) والثاني: له الفسخ، لأن الملك في النفقة له وضرر فواتها يعود إليه. وأجاب الأول بما مر فيكون الفسخ لها.
تنبيه: احترز بالنفقة عن المهر فلا يثبت الفسخ لها بإعساره قبل الدخول، بل هو للسيد لأنه محض حقه ولا ضرر عليها في فواته. وعلى الأول لا يلزم السيد نفقتها إذا كانت بالغة عاقلة، ولكن (له أن يلجئها إليه) أي الفسخ (بأن لا ينفق عليها ويقول) لها (افسخي أو جوعي) دفعا للضرر عنه، فإذا فسخت أنفق عليها واستمتع بها أو يزوجها من غيره وكفى نفسه مؤنتها، أما الصغيرة والمجنونة فيمتنع عليه إلجاؤهما إذ لا يمكنهما الفسخ.
فروع: للأمة مطالبة زوجها بالنفقة كما كانت تطالب السيد، فإن أعطاها لها برئ منها وملكها السيد دونها لأنها لا تملك، لكن لها قبضها وتناولها لأنها كالمأذونة في القبض بحكم النكاح وفي تناولها بحكم العرف، وتعلقت الأمة بالنفقة المقبوضة فليس له بيعها قبل إبدالها بغيرها، لأن نفقتها وإن كانت له بحق الملك، لكن لها فيها حق التوثق، فإن أبدلها جاز له التصرف فيها ببيع وغيره. ويجوز لها إبراء زوجها من نفقة اليوم لأنها للحاجة الناجزة فكأن الملك للسيد، إلا بعد القبض، أما قبله فيتمحض الحق لها ولا يصح إبراؤها من نفقة أمس كما في المهر، وأما السيد فيصح إبراؤه من نفقة الأمس. ولو ادعى الزوج تسليم النفقة الماضية أو الحاضرة أو المستقبلة فأنكرت الأمة صدقت بيمينها لأن الأصل عدم التسليم، فإن صدقه السيد برئ من النفقة الماضية دون المستقبلة والحاضرة لأن الخصومة للسيد في الماضية كالمهر دون الحاضرة. ومن طولب بنفقة ماضية وادعى الاعسار يوم وجوبها حتى يلزمه نفقة المعسر وادعت هي اليسار فيه صدق بيمينه إن لم يعرف له مال وإلا فلا. ولو عجز العبد عن الكسب الذي كان ينفق منه ولم ترض زوجته بذمته كان لها الفسخ، وإن رضيت صارت نفقتها دينا عليه. ولو عجز السيد عن نفقة أم ولده أجبر على تخليتها لتكتسب وتنفق على نفسها أو على إيجارها ولا يجبر على عتقها أو تزويجها كما لا يرفع ملك اليمين بالعجز عن الاستمتاع، فإن عجزت عن الكسب فنفقتها في بيت المال.
فصل: في نفقة القريب، والموجب لها قرابة البعضية فقط: (يلزمه) أي الشخص ذكرا كان أو غيره (نفقة الوالد) الحر (وإن علا) من ذكر أو أنثى، (والولد) الحر (وإن سفل) من ذكر أو أنثى. والأصل في الأول