مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤١٦
وهو صب اللبن في الانف ليصل الدماغ يحرم أيضا (على المذهب) لحصول التغذي بذلك، لأن الدماغ جوف له كالمعدة.
والطريق الثاني فيه قولان، كالحقنة المذكورة في قوله: (لا حقنة) وهي ما يدخل في الدبر أو القبل من دواء فلا يحرم (في الأظهر) لانتفاء التغذي لأنها لاسهال ما انعقد في المعدة. والثاني: تحرم كما يحصل بها الفطر. ودفع بأن الفطر يتعلق بالوصول إلى جوف وإن لم يكن معدة ولا دماغا بخلافه هنا، ولهذا لم يحرم التقطير في الاذن أو الجراحة إذا لم يصل إلى المعدة، ولا بد أن يكون من منفذ مفتوح فلا يحرم وصوله إلى جوف أو معدة بصبه في العين بواسطة المسام. ثم شرع في الركن الثالث، وهو الرضيع، فقال: (وشرطه) أي ركنه (رضيع) وله شروط شرع في ذكرها بقوله: (حي) حياة مستقرة، فلا أثر لوصول اللبن إلى جوف الميت بالاتفاق لخروجه عن التغذية ونبات اللحم، وكذا إذا انتهى إلى حركة مذبوح، فإن حكمه حكم الميت.
تنبيه: لو قال المصنف: وشرطه حياة رضيع لاستغنى عما قدرته. (لم يبلغ سنتين) بالأهلة، فإن انكسر الشهر الأول ثم عدده ثلاثين من الشهر الخامس والعشرين، فإن بلغهما لم يحرم ارتضاعه لقوله تعالى: * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) *، جعل تمام الرضاعة في الحولين فأفهم بأن الحكم بعد الحولين بخلافه، ولخبر: لا رضاع إلا ما كان في الحولين رواه الدارقطني وغيره، وما في مسلم: أن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله إن سالما يدخل علي وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شئ، فقال رسول الله (ص) : أرضعيه - أي خمس رضعات - حتى يدخل عليك فهو رخصة خاصة بسالم كما قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه. وقال ابن المنذر: ليس يخلو أند يكون منسوخا أو خاصا بسالم كما قالت أم سلمة وسائر أزواج النبي (ص) ، وهن بالخاص والعام والناسخ والمنسوخ أعلم.
تنبيه: ابتداء الحولين من تمام انفصال الرضيع كما في نظائره، فإن ارتضع قبل تمامه لم يؤثر، وقول الزركشي:
والأشبه ترجيح التأثير لوجود الرضاع حقيقة، وهو قياس ما صححه فيمن انفصل بعضه فحز جان رقبته وهو حي من أنه يضمن بالقود أو الدية، وعليه تحسب المدة من حين ارتضع، ممنوع لما فيه من ارتكاب إحداث قول ثالث، إذ المحكي في ابتداء المدة وجهان: ابتداء الخروج وانتهاؤه، وبذلك فارق مسألة الحز مع أنها خارجة عن نظائرها على اضطراب فيها استصحابا للضمان في الجملة، إذ الجنين يضمن بالغرة. وكلام المصنف يقتضي أنه لو تم الحولان في الرضعة الأخيرة لا تحريم وهو ظاهر نص الام وغيره، ولكن المذهب كما في التهذيب وجرى عليه ابن المقري أنه لا يحرم لأن ما يصل إلى الجوف في كل رضعة غير مقدر، كما لو قالوا لم يحصل في جوفه إلا خمس قطرات في كل رضعة قطرة حرم.
(وخمس رضعات) لما روى مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها: كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن أي يتلى حكمهن أو يقرؤهن من لم يبلغه النسخ لقربه. وقيل: يكفي رضعة واحدة، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، لعموم قوله تعالى: * (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) *. وأجاب الأول بأن السنة تثبت كآية السرقة. ولم يأخذ الشافعي رضي الله تعالى عنه في هذا بقاعدته وهي الاخذ بأقل ما قيل: لأن شرط ذلك عنده أن لا يجد دليلا سواه، والسنة ناصة على الخمس لأن عائشة رضي الله عنها لما أخبرت أن التحريم بالعشرة منسوخ بالخمس دل على ثبوت التحريم بالخمس لا بما دونها، ولو وقع التحريم بأقل منها بطل أن يكون الخمس ناسخا وصار منسوخا كالعشر. فإن قيل: القرآن لا يثبت بخبر الواحد فلا يحتج به.
أجيب بأنه وإن لم يثبته قرآنا بخبر الواحد لكن ثبت حكمه والعمل به، فالقراءة الشاذة منزل منزلة الخبر. وقيل:
يكفي ثلاث رضعات لمفهوم خبر مسلم: لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان وإنما قدم مفهوم الخبر الأول على هذا لاعتضاده بالأصل، وهو عدم التحريم. ولا يشترط اتفاق صفات الرضعات بل لو أوجر مرة وسعط مرة وارتضع مرة وأكل مما صنع منه مرتين ثبت التحريم. قيل: الحكمة في كون التحريم بخمس أن الحواس التي هي سبب الادراك خمس.
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460