إذا كان للمشتري فقط أنه يحل له وطؤها ويلزم من حله الاعتداد بالاستبراء في زمن الخيار. أجيب بأن المراد بالحل هناك ارتفاع التحريم المستند لضعف الملك وانقطاع سلطنة البائع فيما يتعلق بحقه، وإن بقي التحريم المستند لضعف الملك وانقطاع التحريم لمعنى آخر وهو الاستبراء، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في باب الخيار. (لا هبة) جرى الاستبراء بعد عقدها وقبل قبضها، فلا يعتد به لتوقف الملك فيها على القبض كما مر في بابها. فإن قيل: إن عبارة المصنف توهم أن هذه الصورة من صور الاستبراء بعد الملك وقبل القبض وقد تقدم أنها لا تملك إلا بالقبض. أجيب بدفع ذلك، إذ شرط العطف ب لا أن يكون ما بعدها غير صادق على ما قبلها كما قاله السهيلي، وتقدمت الإشارة إلى ذلك في قول المتن في كتاب الطهارة. وقيل طاهر لا طهور.
تنبيه: الأمة الموصى بها إذا مضى زمن الاستبراء بعد موت الموصي وبعد قبول الموصى له يحسب كما في الإرث، وكذا بعد موت الموصي وقبل قبول الموصي له كما قاله الرافعي. فإن قيل: هلا كان ذلك كمغيبها في مدة خيار المشتري وهو لا يحصل كما مر أجيب بأن الملك في الموصى بها بعد الموت أقوى من ملك المشتري لها في زمن الخيار. ثم أشار المصنف رحمه الله تعالى لقاعدة، وهي أن كل استبراء لا يتعلق به استباحة وطئ لا يعتد به بقوله: (ولو اشترى) أمة (محبوسة) أو نحوها كمرتدة. (فحاضت) أو وجد منها ما يحصل به الاستبراء من وضع حمل أو مضي شهر لغير ذوات الأقراء، (ثم أسلمت) بعد انقضاء ذلك أو في أثنائه، (لم يكف) هذا الاستبراء في الأصح، لأنه لا يستعقب حل الاستمتاع الذي هو القصد في الاستبراء. والثاني: يكتفي بذلك لوقوعه في الملك المستقر.
تنبيه: يلتحق بشراء المجوسية ونحوها ما لو اشترى العبد المأذون جارية وكان عليه دين، فإنه لا يجوز للسيد وطؤها ولو مضت مدة الاستبراء، فإذا زال الدين بقضاء أو إبراء لم يكف ما حصل من الاستبراء قبله في الأصح. وهل يعتد باستبراء المرهونة فلا تجب إعادته بعد انفكاك الرهن أو لا؟ جرى ابن المقري على الأول تبعا للروياني، وجرى الأذرعي وغيره على الثاني تبعا لابن الصباغ، وهو أوجه إذا تعلق الغرماء بما في يد العبد إن لم ينقص عن تعلق حق المرتهن لا يزيد عليه. (ويحرم الاستمتاع بالمستبرأة) قبل انقضاء الاستبراء بوطئ لما مر وغيره كقبلة ونظر بشهوة قياسا عليه لأنه يؤدي إلى الوطئ المحرم، وإذا طهرت من الحيض على ما عدا الوطئ على الصحيح، وبقي تحريم الوطئ إلى الاغتسال. (إلا) مستبرأة (مسبية) وقعت في سهمه من الغنيمة، (فيخل) له منها (غير وطئ) من أنواع الاستمتاعات لمفهوم الخبر السابق، ولما روى البيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: وقعت في سهمي جارية من سبي جلولاء فنظرت إليها فإذا عتقها مثل إبريق الفضة فلم أتمالك أن قبلتها والناس ينظرون ولم ينكر علي أحد من الصحابة وجلولاء بفتح الجيم والمد: قرية من نواحي فارس، والنسبة إليها جلولي على غير قياس، فتحت يوم اليرموك سنة سبع عشرة من الهجرة فبلغت غنائمها ثمانية عشر ألف ألف. وفارقت المسبية غيرها بأن غايتها أن تكون مستولدة حربي وذلك لا يمنع الملك، وإنما حرم وطؤها صيانة لمائه لئلا يختلط بماء حربي لا لحرمة ماء الحربي.
(وقيل: لا) يحل الاستمتاع بالمسبية أيضا كغيرها، وهو ما نص عليه في الام، كما حكاه في المهمات. والمشتراة من حربي كالمسبية كما قاله صاحب الاستقصاء، إلا أن يعلم أنها انتقلت إليه من مسلم أو ذمي ونحوه والعهد قريب، وخرج بالاستمتاع الاستخدام فلا يحرم، ولا يفهم من تحريم الاستمتاع تحريم الخلوة بها، ويدل له قولهم: ولا تزال يد السيد عن أمته المستبرأة مدة الاستبراء وإن كانت حسناء بل هو مؤتمن فيه شرعا لأن سبايا أوطاس لم ينتزعن من أيدي أصحابهن.
فإن وطئها السيد قبل الاستبراء أو في أثنائه لم ينقطع الاستبراء وإن أثم به، فإن حبلت منه قبل الحيض بقي التحريم حتى تضع، أو في أثنائه حلت بانقطاعه لتمامه. قال الإمام: هذا إن مضى قبل وطئه أقل الحيض وإلا فلا تحل حتى يضع كما لو أحبلها قبل الحيض اه. وهو حسن. (وإذا قالت) أمة في زمن استبرائها: (حضت، صدقت) بلا يمين، لأنه لا يعلم