مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤١٥
النسب بين الجن والإنس، قاله الزركشي. وب‍ الحية لبن الميتة فإنه لا يحرم، لأنه من لبن جثة منفكة عن الحل والحرمة كالبهيمة. وقيل: يحرم، وبه قال الأئمة الثلاثة، لأن المعنى الذي يقع به التحريم هو اللبن، ولا يقال مات اللبن بموتها لأن اللبن لا يموت، غير أنه في ظرف ميت، فهو كابن آدمية حية جعل في سقاء طاهر أو نجس على القول بنجاسته.
وبحياة مستقرة من انتهت إلى حركة مذبوح لأنها كالميتة. وببلغت إلى آخره ما إذا لم تبلغ ذلك، فإن لبنها لا يحرم لأنه فرع الحمل، والحمل لا يتأتى فيما دون ذلك فكذا فرعه، بخلاف من بلغت ذلك وإن لم يحكم ببلوغها كما مر، فاحتمال البلوغ قائم، والرضاع تلو النسب كما مر فاكتفي فيه بالاحتمال.
تنبيه: أفهم اقتصاره على ما ذكر أنه لا يشترط الثيوبة، وهو الأصح المنصوص، وقيل: يشترط، لأن لبن البكر نادر فأشبه لبن الرجل. (ولو حلبت) لبنها قبل موتها وفيها حياة مستقرة، (فأوجر) بضم أوله طفل (بعد موتها حرم في الأصح) لانفصاله منها وهو حلال محترم، كذا عللوا به، وهو يقتضي أنه بعد الموت ليس بحلال، لكن معناه أنه لا حرمة له وإلا فهو حلال بعد موتها أيضا كما مر في باب النجاسة. وصورة المسألة أن ترضعه أربع رضعات في الحياة ثم تحلب شيئا فيوجر بعد موتها، أو تحلب في خمس آنية ثم يوجر بعد موتها في خمس دفعات فإنه يحرم كما سيأتي. والثاني:
لا يحرم، لبعد إثبات الأمومة بعد الموت.
تنبيه: قوله: حرم بحاء وراء مشددة مفتوحتين هنا وفيما بعد. وقوله: في الأصح مخالف لتعبير الروضة بالصحيح المنصوص. ثم شرع في الركن الثاني وهو اللبن، ولا يشترط بفاء اسمه لبنا، فقال: (ولو جبن) أو جعل منه أقط (أو نزع منه زبد) أو عجن به دقيق وأطعم الطفل من ذلك، (حرم) لحصول التغذي به.
تنبيه: عبارته صادقة بإطعام الزبد نفسه وباللبن الذي نزع زبده، وكل منهما محرم. (ولو خلط) اللبن (بمائع) طاهر كماء أو نجس كخمر، (حرم إن غلب) بفتح الغين المعجمة، على المائع بظهور أحد صفاته من طعم أو لون أو ريح، إذ المغلوب كالمعدوم، وسواء أشرب الكل أم البعض. (فإن غلب) بضم أوله، بأن زالت أوصافه الثلاثة حسا وتقديرا، (وشرب) الرضيع (الكل) حرم. (قيل: أو) شرب (البعض حرم) أيضا (في الأظهر) لوصول اللبن إلى الجوف. وليس كالنجاسة المستهلكة في الماء الكثير حيث لا يؤثر، فإنها تجتنب للاستقذار وهو مندرج بالكثرة، ولا كالخمر المستهلكة في غيرها حيث لا يتعلق بها حد، فإن الحد منوط بالشدة المزيلة للعقل. والثاني: لا يحرم، لأن المغلوب المستهلك كالمعدوم. والأصح أن شرب البعض لا يحرم، لانتفاء تحقق وصول اللبن منه إلى الجوف، فإن تحقق كأن بقي من المخلوط أقل من قدر اللبن حرم جزما.
تنبيه: يشترط كون اللبن قدرا يمكن أن يسقى منه خمس دفعات لو انفرد كما حكياه عن السرخسي وأقراه.
ومحل الخلاف ما إذا شرب من المختلط خمس دفعات، أو كان حلب في خمس آنية كما مر، أو شرب منه دفعة بعد أن سقي اللبن الصرف أربعا، فإن زالت الأوصاف الثلاثة اعتبر قدر اللبن بماء له لون قوي يستولي على الخليط، فإن كان ذلك القدر منه يظهر في الخليط ثبت التحريم وإلا فلا. وقد يفهم تقييده بالمائع أن خلطه بالجامد لا يحرم، وليس مرادا، فقد مر أنه لو عجن به دقيق حرم. وسكت عن استواء الامرين، وحكمه يؤخذ من الثانية بطريق الأولى. ولبن المرأتين المختلط يثبت أمومتهما. وفي المغلوب من اللبنين التفصيل المذكور فيثبت الأمومة الغالبة اللبن، وكذا لمغلوبته بشرطه السابق. ولا يضر في التحريم غلبة الريق لقطرة اللبن الموضوعة في الفم إلحاقا بالرطوبات في المعدة. (ويحرم) براء مشددة مكسورة، (إيجار) وهو صب اللبن في الحلق لحصول التغذية به كالارتضاع.
تنبيه: قضية إطلاقه التحريم بمجاوزة اللبن الحلق وإن لم يصل المعدة كما يفطر بمثله الصائم، وليس مرادا فقد اعتبر في المحرر الوصول إلى المعدة، وجريا عليه في الشرح والروضة، فلو تقايأه قبل وصوله إليها لم يحرم. (وكذا إسعاط)
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460