النسب بين الجن والإنس، قاله الزركشي. وب الحية لبن الميتة فإنه لا يحرم، لأنه من لبن جثة منفكة عن الحل والحرمة كالبهيمة. وقيل: يحرم، وبه قال الأئمة الثلاثة، لأن المعنى الذي يقع به التحريم هو اللبن، ولا يقال مات اللبن بموتها لأن اللبن لا يموت، غير أنه في ظرف ميت، فهو كابن آدمية حية جعل في سقاء طاهر أو نجس على القول بنجاسته.
وبحياة مستقرة من انتهت إلى حركة مذبوح لأنها كالميتة. وببلغت إلى آخره ما إذا لم تبلغ ذلك، فإن لبنها لا يحرم لأنه فرع الحمل، والحمل لا يتأتى فيما دون ذلك فكذا فرعه، بخلاف من بلغت ذلك وإن لم يحكم ببلوغها كما مر، فاحتمال البلوغ قائم، والرضاع تلو النسب كما مر فاكتفي فيه بالاحتمال.
تنبيه: أفهم اقتصاره على ما ذكر أنه لا يشترط الثيوبة، وهو الأصح المنصوص، وقيل: يشترط، لأن لبن البكر نادر فأشبه لبن الرجل. (ولو حلبت) لبنها قبل موتها وفيها حياة مستقرة، (فأوجر) بضم أوله طفل (بعد موتها حرم في الأصح) لانفصاله منها وهو حلال محترم، كذا عللوا به، وهو يقتضي أنه بعد الموت ليس بحلال، لكن معناه أنه لا حرمة له وإلا فهو حلال بعد موتها أيضا كما مر في باب النجاسة. وصورة المسألة أن ترضعه أربع رضعات في الحياة ثم تحلب شيئا فيوجر بعد موتها، أو تحلب في خمس آنية ثم يوجر بعد موتها في خمس دفعات فإنه يحرم كما سيأتي. والثاني:
لا يحرم، لبعد إثبات الأمومة بعد الموت.
تنبيه: قوله: حرم بحاء وراء مشددة مفتوحتين هنا وفيما بعد. وقوله: في الأصح مخالف لتعبير الروضة بالصحيح المنصوص. ثم شرع في الركن الثاني وهو اللبن، ولا يشترط بفاء اسمه لبنا، فقال: (ولو جبن) أو جعل منه أقط (أو نزع منه زبد) أو عجن به دقيق وأطعم الطفل من ذلك، (حرم) لحصول التغذي به.
تنبيه: عبارته صادقة بإطعام الزبد نفسه وباللبن الذي نزع زبده، وكل منهما محرم. (ولو خلط) اللبن (بمائع) طاهر كماء أو نجس كخمر، (حرم إن غلب) بفتح الغين المعجمة، على المائع بظهور أحد صفاته من طعم أو لون أو ريح، إذ المغلوب كالمعدوم، وسواء أشرب الكل أم البعض. (فإن غلب) بضم أوله، بأن زالت أوصافه الثلاثة حسا وتقديرا، (وشرب) الرضيع (الكل) حرم. (قيل: أو) شرب (البعض حرم) أيضا (في الأظهر) لوصول اللبن إلى الجوف. وليس كالنجاسة المستهلكة في الماء الكثير حيث لا يؤثر، فإنها تجتنب للاستقذار وهو مندرج بالكثرة، ولا كالخمر المستهلكة في غيرها حيث لا يتعلق بها حد، فإن الحد منوط بالشدة المزيلة للعقل. والثاني: لا يحرم، لأن المغلوب المستهلك كالمعدوم. والأصح أن شرب البعض لا يحرم، لانتفاء تحقق وصول اللبن منه إلى الجوف، فإن تحقق كأن بقي من المخلوط أقل من قدر اللبن حرم جزما.
تنبيه: يشترط كون اللبن قدرا يمكن أن يسقى منه خمس دفعات لو انفرد كما حكياه عن السرخسي وأقراه.
ومحل الخلاف ما إذا شرب من المختلط خمس دفعات، أو كان حلب في خمس آنية كما مر، أو شرب منه دفعة بعد أن سقي اللبن الصرف أربعا، فإن زالت الأوصاف الثلاثة اعتبر قدر اللبن بماء له لون قوي يستولي على الخليط، فإن كان ذلك القدر منه يظهر في الخليط ثبت التحريم وإلا فلا. وقد يفهم تقييده بالمائع أن خلطه بالجامد لا يحرم، وليس مرادا، فقد مر أنه لو عجن به دقيق حرم. وسكت عن استواء الامرين، وحكمه يؤخذ من الثانية بطريق الأولى. ولبن المرأتين المختلط يثبت أمومتهما. وفي المغلوب من اللبنين التفصيل المذكور فيثبت الأمومة الغالبة اللبن، وكذا لمغلوبته بشرطه السابق. ولا يضر في التحريم غلبة الريق لقطرة اللبن الموضوعة في الفم إلحاقا بالرطوبات في المعدة. (ويحرم) براء مشددة مكسورة، (إيجار) وهو صب اللبن في الحلق لحصول التغذية به كالارتضاع.
تنبيه: قضية إطلاقه التحريم بمجاوزة اللبن الحلق وإن لم يصل المعدة كما يفطر بمثله الصائم، وليس مرادا فقد اعتبر في المحرر الوصول إلى المعدة، وجريا عليه في الشرح والروضة، فلو تقايأه قبل وصوله إليها لم يحرم. (وكذا إسعاط)