مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٦٩
تنبيه: قوله: لزوجته قد يوهم أنه لا يكون كناية في الأجنبية، وليس مرادا، فلا فائدة للتقييد بالزوجة وقوله: لم أجدك عذراء، ينبغي كما قال الزركشي تصويره فيمن لم يعلم لها تقدم افتضاض مباح، فإن علم فليس بشئ قطعا.
تنبيه: اختلف في قول الشخص لغيره: يا لوطي، فقيل: هو كناية، قال المصنف في الروضة: وهو المعروف في المذهب، وصوبه في تصحيحه، لاحتمال أنه يريد أنه على دين قوم لوط، لكنه قال في الروضة ما مر: قد غلب استعماله في العرف بإرادة الوطئ في الدبر، بل لا يفهم منه إلا هذا، فينبغي أن يقطع بأنه صريح، وإلا فيخرج على الخلاف فيما إذا شاع لفظ في العرف، كقوله: الحلال علي حرام. وأما احتمال كونه أراد أنه على دين قوم لوط فلا يفهمه العوام، فالصواب الجزم بأنه صريح، وبه جزم صاحب التنبيه اه‍. قال الأذرعي: والصواب أنه كناية كما قاله الأئمة اه‍. وهذا هو المعتمد. وقال ابن الرفعة: إن نسخ التنبيه مختلفة، ففي بعضها: يا لائط، قال: والظاهر أن لائط هي الصحيحة. قال ابن القطان: ولو قال له: يا بغي، أو لها: يا قحبة فهو كناية. قال شيخنا: ومقتضى ما مر أواخر الطلاق أن قوله: يا قحبة صريح اه‍. وهذا أظهر، وبه أفتى ابن عبد السلام، وأفتى أيضا بصراحة: يا مخنث، للعرف، والظاهر أن هذا كناية. (فإن أنكر) شخص في الكناية (إرادة قذف) بها، (صدق بيمينه) لأنه أعرف بمراده فيحلف أنه ما أراد قذفه، قاله الماوردي. ثم عليه التعزير للايذاء، نص عليه الشافعي، وجرى عليه الجمهور، وقيده الماوردي بما إذا خرج لفظه مخرج السب والذم وإلا فلا تعزير، وهو ظاهر. وإذا عرضت عليه اليمين فليس له الحلف كاذبا دفعا للحد وتحرزا من إتمام الايذاء، بل يلزمه الاعتراف بالقذف ليحد أو يعفى عنه كالقاتل لغيره خفية، لأن الخروج من مظالم العباد واجب. قال الأذرعي: لكن لو كان صادقا في قذفه يعلم زناه يقينا فهل يكون عذرا في التورية عند تحليف الحاكم له ليدرأ الحد عن نفسه وتجوز التورية أو لا؟ الأقرب عندي جوازه، ولما فيه من دفع المعرة عن المقول له، بل يقرب إيجاب ذلك إذا علم أنه يحد بذلك، وتبطل عدالته وروايته وما تحمله من الشهادات ونحو ذلك اه‍.
وهذا ظاهر. وصيغة الحلف أن يحلف أنه ما أراد قذفه كما صرح به الماوردي، قال: ولا يحلف أنه ما قذفه. وهل وجب الحد بمجرد اللفظ مع النية أو لا يجب حتى يعترف أنه أراد بالكناية بالقذف؟ تردد فيه الإمام، والظاهر كما قاله بعض المتأخرين الأول. (وقوله) لغيره في خصومة أو غيرها، (يا ابن الحلال، وأما أنا فلست بزان ونحوه) كليست أمي بزانية ولست ابن خباز أو إسكافي، وما أحسن اسمك في الجيران، (تعريض) بغيره، و (ليس بقذف) له صريح ولا كناية، (وإن طواه) في الأصح، لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي، وههنا ليس في اللفظ إشعار به، وإنما يفهم بقرائن الأحوال، فلا تؤثر فيه، كمن حلف لا يشرب ماء من عطش ونوى أن لا يتقلد منه فإنه إن شربه من غير عطش لم يحنث. فاللفظ الذي يقصد به القذف إن لم يحتمل غيره فصريح، وإلا فإن فهم منه القذف بوضعه فكناية وإلا فتعريض. وليس الرمي بإتيان البهائم قذفا والنسبة إلى غير الزنا من الكبائر وغيرها مما فيه إيذاء، كقوله لها:
زنيت بفلانة أو أصابتك فلانة يقتضي التعزير للايذاء لا الحد لعدم ثبوته. (وقوله) لامرأة أجنبية: علوت رجلا حتى دخل ذكره في فرجك صريح. وقوله لغيره: (زنيت بك) بفتح الكاف أو كسرها، (إقرار بزنا) على نفسه (وقذف) للمخاطب أما كونه إقرارا فلقوله: زنيت، وأما كونه قذفا فلقوله: بك رأى الإمام أنه ليس بصريح في القذف لاحتمال كون المخاطب مكرها أو نائما. قال الرافعي: ويؤيده أنه لو قال: زنيت مع فلان كان قذفا لها دونه. قال الزركشي: ولا يظهر بينهما فرق اه‍. وفرق في الوسيط بأن إطلاق هذا اللفظ يحصل به الايذاء التام لتبادر الفهم منه إلى صدوره عن طواعية وإن احتمل غيره، ولهذا يحد بالنسبة إلى الزنا مع احتمال إرادة زنا العين والرجل. (ولو قال لزوجته: يا زانية) بنت الزانية، وجب حدان لها ولامها. فإن طلبتا الحد بدئ
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460