نواها، بأن دليل الدخول هنا موجود وهو مشافهة الحاضرين وعدم علمه بأن زوجته فيهم لا يمنع الايقاع كمن خاطبها يظنها غيرها. وأجيب عن الأول بأن معنى الطلاق شرعا: قطع عصمة النكاح، ولم يقصده الواعظ، بخلاف من خاطب زوجته يظنها غيرها، وعن الثاني بأن ذلك إنما يكون بحسب القصد للتغليب ولا قصد. (ولو لفظ أعجمي) أو غيره (به) أي الطلاق (بالعربية) أو غيرها مما لا يعرفه، (ولم يعرف معناه) سواء ألقنه أم لا، (لم يقع) لانتفاء قصده، وقيده المتولي بمن لم يكن مخالطا لأهل اللسان وإلا لم يقبل ظاهرا، ويصدق في أنه لا يعرف معناه، لأنه الظاهر من حاله، قاله في الاستقصاء. (وقيل: إن نوى) العجمي به (معناها) أي العربية عند أهلها، (وقع) لأنه قصد لفظ الطلاق لمعناه. وأجاب الأول بأنه إذا لم يعرف معناه لا يصح قصده، ولو لم يعرف معناه وقصد به قطع النكاح لم تطلق كما لو أراد الطلاق بكلمة لا معنى لها. (ولا يقع طلاق مكره) بغير حق، خلافا لأبي حنيفة، كما لا يصح إسلامه، لقوله (ص) : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولخبر: لا طلاق في إغلاق أي إكراه، رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده على شرط مسلم، ولأنه قول لو صدر منه باختياره طلقت زوجته وصح إسلامه، فإن أكره عليه بباطل لغا كالردة. نعم تقدم في شروط الصلاة أنه لو تكلم فيها مكرها بطلت صلاته لندرة الاكراه فيها، فإن كان الاكراه بحق وقع الطلاق وصح الاسلام، وصور الطلاق بحق جمع بإكراه القاضي المولى بعد مدة الايلاء على طلقة واحدة، فإن أكره على الثلاث فتلفظ بها لغا الطلاق لأنه يفسق بذلك وينعزل به. فإن قيل: المولى لا يؤمر بالطلاق عينا بل به أو بالفيئة، ومثل هذا ليس بإكراه يمنع الوقوع، كما لو أكره على أن يطلق زوجته أو يعتق عبده فأتى بأحدهما فإنه ينفذ. أجيب بأن الطلاق قد يتعين في بعض صور المولى كما لو آلى وهو غائب فمضت المدة فوكلت بالمطالبة فرفعه وكيلها إلى قاضي البلد الذي فيه الزوج وطالبه فإن القاضي يأمره بالفيئة باللسان في الحال وبالمسير إليها أو بحملها إليه أو الطلاق، فإن لم يفعل ذلك حتى مضى مدة إمكانه ذلك ثم قال أسير إليها الآن لم يمكن بل يجبر على الطلاق عينا، هكذا أجاب به ابن الرفعة. وهو إنما يأتي تفريعا على مرجوح، وهو أن القاضي يكره المولى على الفيئة أو الطلاق، والأصح أن الحاكم هو الذي يطلق على المولى الممتنع كما سيأتي في بابه، وحينئذ فلا إكراه أصلا حتى يحترز عنه بغير حق. ويستثنى من إطلاق المكره ما لو أكره شخصا على طلاق زوجة نفسه فإنه يقع لأنه إذن وزيادة، ولا يستثنى ما إذا أكره على الطلاق فنوى لأن هذا ليس مكرها. ولو أكره غير الزوج الوكيل في الطلاق عليه لغا أو الزوج وقع لأنه أبلغ في الاذن كما مر. وأما الاكراه على الاسلام بحق فإكراه المرتد والحربي عليه بخلاف الذمي فإنه مقر على كفره بالجزية، والمعاهد كالذمي كما بحثه ابن الرفعة. (فإن ظهرت) من مكره، بفتح الراء، (قرينة اختيار) منه للطلاق، (بأن) أي كأن (أكره) بضم الهمزة، (على ثلاث فوحد) أي طلق واحدة، (أو) على طلاق (صريح أو) على (تعليق) له، (فكنى) ونوى، (أو نجز، أو على) أن يقول: (طلقت) زوجتي (فسرح) بتشديد الراء، أي قال سرحتها، (أو) وقع الاكراه (بالعكوس) لهذه الصور، بأن أكره على واحدة فثلث أو كناية فصرح أو تنجيز فعلق، أو على أن يقول: سرحت، فقال: طلقت، (وقع) الطلاق في الجميع لأن مخالفته تشعر باختياره فيما أتى به. (وشرط) حصول (الاكراه قدرة المكره) بكسر الراء، (على تحقيق ما هدد به) المكره بفتحها، تهديدا عاجلا ظلما (بولاية أو تغلب وعجز المكره) بفتح الراء، (عن دفعه) أي المكره بكسرها، (بهرب وغيره) كاستغاثة بغيره، (وظنه أنه إن امتنع) من فعل ما أكره عليه (حققه) أي فعل ما خوفه به لأنه لا يتحقق العجز
(٢٨٩)