مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
لأن الزوجة تمهر غالبا بالمهر الحال بخلاف رب الدين. أجيب بأن في الزوجة كلفة أخرى، وهي النفقة والكسوة فإنهما يجبان بمجرد عرضها عليه، والفرض أنه معسر في الحال بخلاف ثمن الماء. (دون) الصورة (الثانية) لقدرته على نكاح حرة. والثاني: لا، لما فيه من المنة. وأجاب الأول بأن المنة فيه قليلة لجريان العادة بالمسامحة في المهور. ولو رضيت حرة بلا مهر حلت له الأمة أيضا في الأصح لوجوب مهرها بالوطئ، ولان لها أن تطالبه بالفرض في الحال فتشتغل ذمته ولا قدرة له، ولو كان له ولد موسر لم تحل له الأمة، لأنه مستغن بمال ولده لوجوب إعفافه عليه. (و) ثالث الشروط:
(أن يخاف زنا) بأن تغلب شهوته وتضعف من تقواه وإن لم يغلب على ظنه وقوع الزنا أو قويت شهوته لا على ندور، فمن ضعفت شهوته وله تقوى أو مروءة أو حياء يستقبح معه الزنا أو قويت شهوته وتقواه لم تحل له الأمة لأنه لا يخاف الزنا فلا يجوز أن يرق ولده لقضاء وطر أو كسر شهوة. وأصل العنت المشقة، سمي به الزنا لأنه سببها بالحد في الدنيا والعقوبة في الأخرى، والأصل فيما ذكر قوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات) * إلى قوله: * (ذلك لمن خشي العنت منكم) * والطول السعة، والمراد بالمحصنات الحرائر، قال الروياني: وبالعنت عمومه لا خصوصه، حتى لو خاف العنت من أمة بعينها لقوة ميله إليها وحبه لها فليس له أن يتزوجها إذا كان واجدا للطول، لأن العشق لا معنى لاعتباره هنا، لأن هذا تهييج من البطالة وإطالة الفكر، وكم من إنسان ابتلي به وسلاه.
تنبيه: لو حذف الروياني واجدا للطول كان أولى، لأنه يقتضي جواز نكاحها عند فقد الطول فيفوت اعتبار عموم العنت مع أن وجود الطول كاف في المنع من نكاحها. وهذا الشرط يقتضي أن المجبوب ذكره لا يحل له نكاح الأمة مطلقا، وهو كذلك إذ لا يتصور منه الزنا وإن قال الروياني: له وللخصي ذلك عند خوف الوقوع في المؤثم، وقال ابن عبد السلام: ينبغي جوازه للممسوح مطلقا، لانتفاء محذور رق الولد. ولو وجدت الأمة زوجها مجبوبا وأرادت الفسخ وادعى الزوج حدوث الجب بعد النكاح وأمكن حكم بصحة نكاحه وإن كذبته، لأن مقتضى قولها بطلان النكاح من أصله وإن لم يكن حدوثه، وإن كان الموضع مندملا وقد عقد النكاح أمس حكم ببطلان النكاح. (فلو أمكنه) أي من خاف زنا (تسر) بأمة صالحة للاستمتاع بأن كانت في ملكه، أو أمكنه شراؤها بثمن مثلها وكان ما معه من المال لا يكفي للتزوج بل للتسري، (فلا خوف) حينئذ من الزنا قطعا، فلا ينكح الأمة (في الأصح) لأمنه العنت مع وجودها فلا ضرورة به إلى إرقاق ولده. والثاني: تحل له لأنها دون الحرة. ولو قال المصنف كالمحرر لم ينكح الأمة كما قدرته في كلامه كان أولى، فإن الخلاف في ذلك لا في الخوف للقطع بانتفائه. (و) رابع الشروط: (إسلامها) أي الأمة التي ينكحها الحر، فلا يحل لمسلم نكاح الأمة الكتابية وإن كانت لمسلم، لقوله تعالى: * (من فتياتكم المؤمنات) *، ولأنه اجتمع فيها نقصان لكل منهما أثر في منع النكاح وهما الكفر والرق، كما أنه لا يجوز له نكاح الحرة المجوسية لاجتماع نقصي الكفر وعدم الكتاب.
تنبيه: سكوته عن اعتبار إسلام سيدها يفهم أنه ليس بشرط وهو الأصح لحصول الاسلام في المنكوحة. والثاني:
المنع، لما فيه من إرقاق الولد المسلم لكافر. (وتحل لحر وعبد كتابيين أمة كتابية على الصحيح) لاستوائهما في الدين. والثاني:
المنع كما مر لا ينكحها الحر المسلم.
تنبيه: لم يصرح الشيخان في الحر الكتابي باشتراط خوف العنت وفقد طول الحرة، والذي فهمه السبكي وغيره اشتراطهما كالمسلم، لأنهم جعلوه مثله إلا في نكاح الأمة الكتابية، وهذا هو الظاهر وإن قال البلقيني: والذي أعتقده أن الشروط إنما تعتبر في حق المؤمنين الأحرار. قال في الروضة: ونكاح الحر المجوسي أو الوثني الأمة المجوسية أو الوثنية كنكاح الكتابي الكتابية، وصورة المسألة إذا طلبوا من قاضينا ذلك وإلا فنكاح الكفار صحيح، قاله شارح التعجيز. (لا) أمة كتابية (لعبد مسلم) فلا تحل له (في المشهور) لأن المانع من نكاحها كفرها فساوى الحر، كالمرتدة
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460