مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٣٥
بترك المأمور، والقول الثاني: بدله الصوم، وهو كصوم التمتع أو الحلق أو التعديل أقوال لم يصحح الشيخان شيئا منها، وصحح الفارقي آخرها بأن يعرف ما يتأتى بقيمته طعاما فيصوم عن كل مد يوما. (وله) إذا انتقل إلى الصوم (التحلل في الحال) عنده (في الأظهر، والله أعلم) لأن التحلل إنما شرع به لدفع المشقة، فلو وقفناه على ذلك لحقه المشقة لتضرره بالمقام على الاحرام. والثاني: يتوقف على الصوم كالاطعام، لأنه قائم مقامه. وفرق الأول بما تقدم. ثم شرع في المانع الثالث وهو الرق فقال: (وإذا أحرم العبد) وفي معناه الأمة ولو مبعضا في غير نوبته، أو مدبرا، أو مكاتبا، أو أم ولد، أو معلقا عتقه بصفة، (بلا إذن) من فيما أحرم به، (فلسيده تحليله) بأن يأمره بالتحلل، لأن إحرامه بغير إذنه حرام كما صرح به البندنيجي وغيره إذ لا نسك عليه، ولان تقريره على إحرامه يعطل عليه منافعه التي يستحقها، فإنه قد يريد منه ما لا يباح للمحرم كالاصطياد وإصلاح الطيب وقربان الأمة، وكذا يجوز لمشتريه تحليله. ولا خيار له عند جهله بإحرامه لكن الأولى لهما أن يأذنا له في إتمام نسكه كما صرح به في الروضة في السيد ومثله المشتري، قاله الأذرعي وغيره.
ولو أحرم بلا إذن ثم أذن له السيد في المضي فيه لم يملك تحليله فيما بعد كما قاله الماوردي وغيره، ويستثنى ما لو أسلم عبد حربي ثم أحرم بغير إذنه ثم غنمناه فالظاهر أنه ليس لنا تحليله، قال الزركشي: ولا يخفى أن الكلام في البالغ فإن الصغير لا يصح إحرامه بغير إذن سيده وإن صححنا إحرام الصغير الحر بغير إذن وليه اه‍. وتقدم أن المعتمد أنه لا يصح بغير إذن وليه، فإذن لا فرق. وللرقيق أن يتحلل قبل أمر سيده كما صرح به المصنف في مجموعه نقلا عن الأصحاب في الزوجة، لكن قياسه على الزوجة ممنوع لما سيأتي. والأقرب كما اقتضاه كلامهم أن له التحلل وإن لم يأمره به سيده، بل إذا أمره به لزمه كما صرح به ابن الرفعة فعليه التحلل حينئذ فيحلق وينوي التحلل، فعلم إن إحرامه بغير إذنه صحيح وإن حرم عليه فعله. فإن لم يتحلل فله استيفاء منفعته منه والاثم عليه، ولا يرتفع إحرامه بشئ من ذلك. ويؤخذ من بقائه على إحرامه أنه لو ذبح صيدا لم يحل وإن أمره سيده بذلك كما أفتى به شيخي وغيره وإن خالف في ذلك بعض العصريين، وإنما لم يجب بغير أمره وإن كان الخروج من المعصية واجبا لكونه تلبس بعبادة في الجملة مع جواز رضا السيد بدوامه.
وإن أحرم بإذنه فليس له تحليله وليس له أن يتحلل أيضا ولا لمن اشتراه، لكن يتخير إن جهل. وللسيد الرجوع في الاذن قبل الاحرام، فلو أحرم ولم يعلم برجوعه فله تحليله، ولو أنكر السيد الاذن صدق. قال في العباب: وفي تصديق السيد في تقديم رجوعه تردد اه‍. والذي يظهر تصديقه، أي إذا لم يعين وقت الرجوع، وإلا فيظهر أنه كالاختلاف في الرجعة.
ولو أذن له في العمرة فأحرم بالحج جاز له تحليله، لا إن أذن في الحج فأحرم بالعمرة لأنها دونه. وإن أذن له في التمتع فله الرجوع بينهما كما لو رجع في الاذن قبل الاحرام بالعمرة، وليس له تحليله عن شئ منهما بعد الشروع فيه. ولو قرن بعد إذنه له في التمتع أو في الحج أو في الافراد لم يحله، لأن ما أذن له فيه مساو للقران أو فوقه. فإن قيل: هو مشكل في صورة التمتع كما قاله الأذرعي، قال ابن كج: لأنه يقول كان غرضي من التمتع أني كنت أمنعك من الدخول في الحج. أجيب بأنه متلبس بما أذن له فيه فامتنع عليه تحلله، ولو أذن له أن يحرم في وقت فأحرم قبله فله منعه ما لم يدخل ذلك الوقت. قال في العباب: ولو أذن له في الاحرام مطلقا وأراد السيد صرفه إلى نسك والرقيق صرفه إلى غيره ففيمن يجاب؟ قولان اه‍.
والذي يظهر أن السيد هو المجاب إن كان ما طلبه أدون.
فرع: يصح نذر الرقيق الحج ويجزئه في رقه، فإن أحرم المبعض في نوبته ووسعت النسك فكالحر كما ذكره الدارمي وحكاه في البحر عن الأصحاب وتوقف فيه، فليس للسيد تحليله، فإطلاقهم أنه كالرقيق جرى على الغالب. وقيد ابن المقري في روضه تحليل السيد لمكاتبه أن يحتاج المكاتب في أداء نسكه إلى سفر، أي ويحل عليه النجم وهو موسر.
ومع هذا هو مشكل، بل ينبغي أن يمنع من السفر لا أنه يحلله، والأولى أن يقال: إن له أن يحلله مطلقا حيث أحرم بغير إذنه فإنه قن ما بقي عليه درهم، فهو منزل منزلة تبرعه. ولو أفسد الرقيق نسكه بالجماع لم يلزم السيد الاذن في القضاء ولو أحرم بإذنه لأنه لم يأذن له في الافساد. وما لزمه من دم بفعل محظور كاللباس أو بالفوات لا يلزم السيد ولو أحرم بإذنه،
(٥٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532