بترك المأمور، والقول الثاني: بدله الصوم، وهو كصوم التمتع أو الحلق أو التعديل أقوال لم يصحح الشيخان شيئا منها، وصحح الفارقي آخرها بأن يعرف ما يتأتى بقيمته طعاما فيصوم عن كل مد يوما. (وله) إذا انتقل إلى الصوم (التحلل في الحال) عنده (في الأظهر، والله أعلم) لأن التحلل إنما شرع به لدفع المشقة، فلو وقفناه على ذلك لحقه المشقة لتضرره بالمقام على الاحرام. والثاني: يتوقف على الصوم كالاطعام، لأنه قائم مقامه. وفرق الأول بما تقدم. ثم شرع في المانع الثالث وهو الرق فقال: (وإذا أحرم العبد) وفي معناه الأمة ولو مبعضا في غير نوبته، أو مدبرا، أو مكاتبا، أو أم ولد، أو معلقا عتقه بصفة، (بلا إذن) من فيما أحرم به، (فلسيده تحليله) بأن يأمره بالتحلل، لأن إحرامه بغير إذنه حرام كما صرح به البندنيجي وغيره إذ لا نسك عليه، ولان تقريره على إحرامه يعطل عليه منافعه التي يستحقها، فإنه قد يريد منه ما لا يباح للمحرم كالاصطياد وإصلاح الطيب وقربان الأمة، وكذا يجوز لمشتريه تحليله. ولا خيار له عند جهله بإحرامه لكن الأولى لهما أن يأذنا له في إتمام نسكه كما صرح به في الروضة في السيد ومثله المشتري، قاله الأذرعي وغيره.
ولو أحرم بلا إذن ثم أذن له السيد في المضي فيه لم يملك تحليله فيما بعد كما قاله الماوردي وغيره، ويستثنى ما لو أسلم عبد حربي ثم أحرم بغير إذنه ثم غنمناه فالظاهر أنه ليس لنا تحليله، قال الزركشي: ولا يخفى أن الكلام في البالغ فإن الصغير لا يصح إحرامه بغير إذن سيده وإن صححنا إحرام الصغير الحر بغير إذن وليه اه. وتقدم أن المعتمد أنه لا يصح بغير إذن وليه، فإذن لا فرق. وللرقيق أن يتحلل قبل أمر سيده كما صرح به المصنف في مجموعه نقلا عن الأصحاب في الزوجة، لكن قياسه على الزوجة ممنوع لما سيأتي. والأقرب كما اقتضاه كلامهم أن له التحلل وإن لم يأمره به سيده، بل إذا أمره به لزمه كما صرح به ابن الرفعة فعليه التحلل حينئذ فيحلق وينوي التحلل، فعلم إن إحرامه بغير إذنه صحيح وإن حرم عليه فعله. فإن لم يتحلل فله استيفاء منفعته منه والاثم عليه، ولا يرتفع إحرامه بشئ من ذلك. ويؤخذ من بقائه على إحرامه أنه لو ذبح صيدا لم يحل وإن أمره سيده بذلك كما أفتى به شيخي وغيره وإن خالف في ذلك بعض العصريين، وإنما لم يجب بغير أمره وإن كان الخروج من المعصية واجبا لكونه تلبس بعبادة في الجملة مع جواز رضا السيد بدوامه.
وإن أحرم بإذنه فليس له تحليله وليس له أن يتحلل أيضا ولا لمن اشتراه، لكن يتخير إن جهل. وللسيد الرجوع في الاذن قبل الاحرام، فلو أحرم ولم يعلم برجوعه فله تحليله، ولو أنكر السيد الاذن صدق. قال في العباب: وفي تصديق السيد في تقديم رجوعه تردد اه. والذي يظهر تصديقه، أي إذا لم يعين وقت الرجوع، وإلا فيظهر أنه كالاختلاف في الرجعة.
ولو أذن له في العمرة فأحرم بالحج جاز له تحليله، لا إن أذن في الحج فأحرم بالعمرة لأنها دونه. وإن أذن له في التمتع فله الرجوع بينهما كما لو رجع في الاذن قبل الاحرام بالعمرة، وليس له تحليله عن شئ منهما بعد الشروع فيه. ولو قرن بعد إذنه له في التمتع أو في الحج أو في الافراد لم يحله، لأن ما أذن له فيه مساو للقران أو فوقه. فإن قيل: هو مشكل في صورة التمتع كما قاله الأذرعي، قال ابن كج: لأنه يقول كان غرضي من التمتع أني كنت أمنعك من الدخول في الحج. أجيب بأنه متلبس بما أذن له فيه فامتنع عليه تحلله، ولو أذن له أن يحرم في وقت فأحرم قبله فله منعه ما لم يدخل ذلك الوقت. قال في العباب: ولو أذن له في الاحرام مطلقا وأراد السيد صرفه إلى نسك والرقيق صرفه إلى غيره ففيمن يجاب؟ قولان اه.
والذي يظهر أن السيد هو المجاب إن كان ما طلبه أدون.
فرع: يصح نذر الرقيق الحج ويجزئه في رقه، فإن أحرم المبعض في نوبته ووسعت النسك فكالحر كما ذكره الدارمي وحكاه في البحر عن الأصحاب وتوقف فيه، فليس للسيد تحليله، فإطلاقهم أنه كالرقيق جرى على الغالب. وقيد ابن المقري في روضه تحليل السيد لمكاتبه أن يحتاج المكاتب في أداء نسكه إلى سفر، أي ويحل عليه النجم وهو موسر.
ومع هذا هو مشكل، بل ينبغي أن يمنع من السفر لا أنه يحلله، والأولى أن يقال: إن له أن يحلله مطلقا حيث أحرم بغير إذنه فإنه قن ما بقي عليه درهم، فهو منزل منزلة تبرعه. ولو أفسد الرقيق نسكه بالجماع لم يلزم السيد الاذن في القضاء ولو أحرم بإذنه لأنه لم يأذن له في الافساد. وما لزمه من دم بفعل محظور كاللباس أو بالفوات لا يلزم السيد ولو أحرم بإذنه،