مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٣٦
بل لا يجزئه إذا ذبح عنه إذ لا ذبح عليه وواجبه الصوم. وله منعه منه إن كان يضعف به عن الخدمة ولو أذن له في الاحرام لأنه لم يأذن له في موجبه، بخلاف ما إذا وجب عليه صوم لتمتع أو قران فليس له منعه لاذنه في موجبه. ولو ذبح عنه السيد بعد موته جاز لحصول اليأس من تكفيره. ولو عتق قبل صومه وقدر على الدم لزمه اعتبارا بحال الأداء. ثم شرع في المانع الرابع وهو الزوجية فقال: (وللزوج) الحلال أو المحرم (تحليلها) أي زوجته كما له منعها ابتداء، (من حج) أو عمرة، (تطوع لم يأذن فيه) لئلا يتعطل حقه من الاستمتاع، كما له أن يخرجها من صوم النفل، وإن أذن لها لم يجز لرضاه بالضرر. ويسن للرجل أن يحج بزوجته للامر به في الصحيحين. ويسن للحرة أن لا تحرم بنسكها بغير إذنه، ولا يخالف هذا ما يأتي من أن الأمة المزوجة يمتنع عليها الاحرام بغير إذن زوجها وسيدها لأن الحج لازم للحرة، فتعارض في حقها واجبان: الحج وطاعة زوجها، فجاز لها الاحرام وندب لها الاستئذان بخلاف الأمة لا يجب عليها الحج. ويؤيد ذلك ما يأتي في النفقات من أن الزوجة يحرم عليها الشروع في صوم النفل بغير إذن الزوج بخلاف الفرض، ذكر ذلك الزركشي.
وقياسه أن يحرم على الزوجة الحرة إحرامها بالنفل بغير إذنه، فإن كانت أمة توقف إحرامها على إذنه مع إذن السيد لأن لكل منهما حقا، فإن أذن أحدهما فللآخر المنع، فإن أحرمت بغير إذنهما فلهما ولكل منهما تحليلها ذكره في المجموع.
(وكذا) له تحليلها أيضا (من الفرض) أي فرض الاسلام من حج أو عمرة بلا إذن، (في الأظهر) لأن حقه على الفور، والنسك على التراخي، والثاني: لا، قياسا على المفروض من الصلاة والصوم. وفرق الأول بأن مدتهما لا تطول فلا يلحق الزوج كبير ضرر. ويؤخذ من ذلك ما لو قال طبيبان عدلان: إن لم تحجي في هذا العام عضبت، أن يمتنع عليه تحليلها، وهو كذلك كما قاله الأذرعي. فإن قيل: كل من الواجبين على الفور فما وجه تقديم الحج؟
أجيب بأنه حق لله تعالى وهو أحق بالقضاء كما ورد به الخبر، وكذلك يمتنع عليه لو كانت صغيرة وأحرمت بإذن وليها، أو كبيرة وسافرت معه وأحرمت حال إحرامه أخذا مما ذكر لأنها لم تفوت عليه استمتاعا، كما أن السيد لا يمنع عبده من صوم تطوع لم يفوت عليه به أمر الخدمة، قال الزركشي: وهذا قياس المذهب وإن قال الماوردي بخلافه. وحكم حجة النذر حكم حجة الاسلام كما في المجموع، ويستثنى النذر المعين قبل النكاح أو بعده، لكن بإذن الزوج. ويستثنى من كلام المصنف ما لو نكحت بعد تحللها من الفائت فلا منع ولا تحلل منه للتضييق، وكذا لو حجت خلية فأفسدته ثم نكحت، والحابسة نفسها لتقبض المهر فإنها لا تمنع من السفر كما قاله القاضي، وحينئذ فإذا أحرمت لم يكن له تحليلها. والمراد بتحليله إياها أن يأمرها بالتحلل، وتحللها كتحلل المحصر، فإن لم يأمرها لم يجز لها التحلل كما نقله في المجموع عن الأصحاب.
وتفارق الرقيق كما مر، لأن إحرامه بغير إذن مولاه محرم كما مر بخلافها. ويؤخذ من كلام الزركشي المتقدم أن هذا في الفرض دون النفل، فلو لم تتحلل كان له أن يستمتع بها كما في المجموع، والاثم عليها لا عليه، وإن توقف الامام في جوازه.
وليس للزوج تحليل الرجعية بل يحبسها للعدة، وكذا البائن أيضا وإن فات الحج، هذا إن طلقت الزوجة قبل الاحرام لأن لزومها سبق الاحرام. فإن انقضت عدتها أتمت عمرتها أو حجها إن بقي الوقت وإلا تحللت بعمل عمرة ولزمها القضاء ودم الفوات. فإن طلقت بعده ولو كان إحرامها بغير إذنه وجب عليها الخروج معتدة إن خافت الفوات لتقدم الاحرام، وإن لم تخف الفوات جاز الخروج إلى ذلك لما في تعين الصبر من مشقة مصابرة الاحرام، نعم لو راجع الرجعية فله تحليلها إن أحرمت بغير إذنه. وحكى المتولي ك البغوي في القضاء وجهين وبناهما على الفور في القضاء، وقضيته ترجيح عدم منعها، قال في المهمات: وهو متجه إذا وطئها الزوج أو أجنبي قبل النكاح، فإن وطئها الأجنبي بعده في نسك لم يأذن فيه الزوج فله المنع كما في الأداء، وإن أذن ففي المنع نظر. ويؤخذ من إحرام الرقيق بإذن سيده إذا أفسد نسكه أن له منعه أن للزوج هنا منعها، والقضاء إذا كان سببه الفوات يجب على الفور. قال السبكي: ويؤخذ من أن الزوجة إنما تحرم بإذن زوجها، أي استحبابا كما مر، وأن الحصر الخاص لا يمنع وجوب الحج إذ إنه ليس شرطا للوجوب عليها بل الحج وجب. وإذا أحرمت فمنعها الزوج ومات قضي من تركتها مع كونها لا تعصي لكونه منعها، إلا إذا تمكنت قبل النكاح
(٥٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532