فتعصي إذا ماتت. قال: وفي كلام القاضي أبي الطيب الاتفاق على الوجوب عليها، وإنما الخلاف في أنه هل للزوج منعها أو لا. وأما المانع الخامس فهو الأبوة، فإن أحرم الولد بفرض بلا إذن فليس لأحد من أبويه منعه لا ابتداء ولا دواما كالصوم والصلاة، ويفارق الجهاد بأنه فرض عليه، وليس الخوف كالخوف في الجهاد. وإن أحرم بنفل بلا إذن فلكل منهما منعه وتحليله، وتحليلهما له كتحليل السيد رقيقه. والعمرة كالحج فيما ذكر، كما نقله في المجموع عن اتفاق الأصحاب.
ويسن للولد استئذانهما إذا كانا مسلمين في النسك فرضا وتطوعا. وقضية كلامهم أنه لو أذن الزوج لزوجته كان لأبويها منعها، وهو ظاهر إلا أن يسافر معها الزوج. وأما المانع السادس فهو الدين، فليس لغريم المدين تحليله إذ لا ضرر عليه في إحرامه، وله منعه من الخروج إذا كان موسرا والدين حالا ليوفيه حقه، بخلاف ما إذا كان معسرا أو موسرا والدين مؤجلا، فليس له منعه إذ لا يلزمه أداؤه حينئذ. فإن كان الدين يحل في غيبته استحب له أن يوكل من يقضيه عند حلوله.
(ولا قضاء على المحصر) بفتح الصاد المهملة، (المتطوع) إن تحلل من إحصار عام أو خاص لعدم وروده. وقد أحصر مع النبي (ص) في الحديبية ألف وأربعمائة ولم يعتمر معه في العام القابل إلا نفر يسير أكثر ما قيل إنهم سبعمائة، ولم ينقل أنه أمر من تخلف بالقضاء. واستثنى ابن الرفعة من إطلاق عدم القضاء ما لو أفسد النسك ثم أحصر، ولا حاجة إلى استثنائه لأن القضاء هنا للافساد لا للاحصار الذي الكلام فيه. ولا فرق بين أن يأتي بنسك سوى الاحرام أم لم يأت اقترن بالاحصار فوات أم لم يقترن، نعم إن صابر إحرامه غير متوقع زوال الاحصار ففاته الوقوف عليه فعليه القضاء بخلاف ما إذا صابر مع التوقع. (فإن كان نسكه فرضا مستقرا) عليه كحجة الاسلام فيما بعد السنة الأولى من سني الامكان، أو كانت قضاء أو نذرا، (بقي في ذمته) كما لو شرع في صلاة فرض ولم يتمها فإنها تبقى في ذمته. (أو غير مستقر) كحجة الاسلام في السنة الأولى من سني الامكان، (اعتبرت الاستطاعة بعد) أي بعد زوال الاحصار إن وجدت وجب وإلا فلا. (ومن فاته الوقوف) بعرفة بعذر أو غيره وبفواته يفوت الحج كما مر، (تحلل) وجوبا كما في المجموع ونص عليه في الام، لئلا يصير محرما بالحج في غير أشهره. واستدامة الاحرام كابتدائه وابتداؤه حينئذ لا يجوز. وربما تشعر عبارة الرافعي بجواز ذلك حيث قال: وإذا حصل الفوات فله التحلل كما في الاحصار، وليس مرادا لأن في بقائه على الاحرام حتى يقف في العام القابل حرجا شديدا يعسر احتماله. قال الأذرعي: ولا نعلم أحدا قال به إلا رواية عن مالك. فلو خالف وفعل لا يكفيه ذلك الاحرام ويحصل التحلل (بطواف) هذا لا بد منه اتفاقا، (وسعي) لأنه كالطواف في تحتم الاتيان، لكن شرط إيجابه أن لا يكون سعي بعد طواف قدوم، فإن كان سعي لم يحتج لإعادته كما في المجموع عن الأصحاب خلافا لابن الرفعة في وجوب إعادته. (وحلق) بناء على أنه من أركان الحج فكان كالطواف والسعي، وبذلك يحصل التحلل الثاني. أما في الأول ففي المجموع أنه يحصل بواحد من الحلق والطواف المتبوع بالسعي إن لم يكن سعي، لأنه لما فاته الوقوف سقط عنه حكم الرمي كالمبيت وصار كمن رمى. ويقال أيضا: إنه إذا لم يكن برأسه شعر أنه يسقط عنه الحلق ويصير تحلله بالطواف فقط. (وفيهما) أي السعي والحلق، (قول) أنهما لا يحتاج إليهما في التحلل. أما السعي فلانه ليس من أسباب التحلل، ولهذا يصح تقديمه على الوقوف، ولو كان من أسبابه لما جاز تقديمه عليه. وأما الحلق فمبني على أنه استباحة محظور، ثم ما أتى به لا ينقلب عمرة، وقيل: ينقلب ويجزئ عن عمرة الاسلام. (وعليه دم) واحد في مسألة المتن وكذا في عدم الامكان مع عدم الاحصار، وسبق أنه كدم التمتع. (و) عليه (القضاء) فورا للحج الذي فاته بفوات الوقوف فرضا كان أو نفلا كما في الفساد، لأنه لا يخلو عن تقصير. والأصل في ذلك ما رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح: أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه، فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدد وكنا نظن أن هذا اليوم يوم عرفة، فقال له عمر رضي الله عنه: اذهب إلى مكة فطف بالبيت أنت ومن معك، واسعوا بين الصفا والمروة وانحروا هديا إن كان معكم، ثم احلقوا