القصر والاتمام، وهو تخيير بين الشئ وبعضه. ولو انسل منه شعرة وشك هل سله المشط بعد انتتافه أو نتفه فلا فدية، لأن النتف لم يتحقق والأصل براءة الذمة. ويكره كما في المجموع أن يمتشط وأن يفلي رأسه ولحيته وأن يحك شعره لا جسده بأظفاره لا بأنامله. (وللمعذور) في الحلق لايذاء قمل أو وسخ أو حر أو جراحة أو نحو ذلك، (أن يحلق ويفدي) لقوله تعالى: * (فمن كان منكم مريضا) * الآية. وفي الصحيحين عن كعب بن عجرة قال: في أنزلت هذه الآية، أتيت رسول الله (ص) فقال: ادن فدنوت، فقال: أيؤذيك هوام رأسك؟ قال ابن عوف: وأظنه قال نعم، قال: فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك.
تنبيه: قال الأسنوي: وكذا تلزمه الفدية في كل محرم أبيح للحاجة إلا لبس السراويل والخفين المقطوعين كما مر، لأن ستر العورة وقاية الرجل عن النجاسة مأمور بهما فخفف فيهما. والحصر فيما قاله قال شيخنا ممنوع أو مؤول، فقد استثني صور لا فدية فيها، منها ما إذا أزال ما نبت من الشعر في عينه وتأذى به، ومنها ما إذا أزال قدر ما يغطيها من شعر رأسه وحاجبيه إذا طال بحيث ستر بصره، ومنها ما لو انكسر ظفره فقطع المؤذي منه فقط. ويأثم الحالق بلا عذر لارتكابه محرما. ولو حلق شخص رأس محرم وهو قادر على منعه، أو أحرقت نار شعره وهو قادر على دفعها، لزمته الفدية لتفريطه فيما عليه حفظه. ولو أذن له في الحلق كان الحكم كذلك لإضافة الفعل إليه. فإن قيل: المباشرة مقدمة على الامر، فلم قدم عليها؟ أجيب بأن محل ذلك ما إذا لم يعد نفعه على الآمر، بخلاف ما إذا عاد، كما لو غصب شاة فأمر قصابا بذبحها لم يضمنها إلا الغاصب. فإن حلق بلا إذن منه وليس قادرا على منعه أو كان نائما أو نحو ذلك كانت الفدية على الحالق ولو حلالا لأنه المقصر، وللمحلوق مطالبته بها لأنها وجبت بسببه، ولان نسكه يتم بأدائها، فكان له المطالبة بها.
ولو أخرجها المحلوق بغير إذن من الحالق لم تسقط عنه، بخلاف قضاء الدين، لأن الفدية شبيهة بالكفارة، فإن أذن له في إخراجها سقطت. ويجوز للمحرم حلق شعر الحلال، ولو أمر شخص آخر أن يحلق شعر محرم نائم أو نحوه فحلق فالفدية على الآمر إن جهل الحالق الحال أو كان أعجميا يعتقد طاعة آمره أو أكره على ذلك، وإلا فعلى الحالق. (الرابع) من المحرمات: (الجماع) بالاجماع ولو لبهيمة في قبل أو دبر. ويحرم على المرأة الحلال تمكين زوجها المحرم من الجماع، لأنه إعانة على معصية. ويحرم على الحلال جماع زوجته المحرمة. وقد يفهم كلامه إن غير الجماع لا يحرم، وليس مرادا، بل تحرم المباشرة فيما دون الفرج بشهوة قبل التحللين وعليه دم، وكذا الاستمناء باليد، ويجب عليه الدم إن أنزل. لكن يسقط عنه الدم في الصورتين إن جامع بعد ذلك لدخوله في بدنة الجماع. (وتفسد به العمرة) المفردة قبل الفراغ منها، أما غير المفردة فهي تابعة للحج صحة وفسادا. (وكذا) يفسد (الحج) بالجماع المذكور (قبل التحلل الأول) قبل الوقوف بإجماع وبعده خلافا. لأبي حنيفة لأنه وطئ صادف إحراما صحيحا لم يحصل فيه التحلل الأول، فأشبه ما قبل الوقوف، ولو كان المجامع في العمرة أو الحج رقيقا أو صبيا مميزا للنهي عنه في الحج لقوله تعالى: * (فلا رفث) * أي لا ترفثوا، فلفظه خبر ومعناه النهي، إذ لو بقي على الخبر امتنع وقوعه في الحج لأن أخبار الله تعالى صدق قطعا مع أن ذلك وقع كثيرا، والأصل في النهي اقتضاء الفساد، وقاسوا العمرة على الحج. أما غير المميز من صبي أو مجنون فلا يفسد ذلك بجماعه، وكذا الناسي والجاهل والمكره.
تنبيه: قوله قبل التحلل الأول قيد في الحج خاصة كما تقرر، لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد كما مر. واحترز به عما إذا وقع الجماع بعده، فإن الحج لا يفسد به وكذا العمرة التابعة له كما تقدم، وقيل: تفسد، وكلام المصنف يفهمه.
ولو أحرم مجامعا لم ينعقد إحرامه على الأصح في زوائد الروضة، ولو أحرم حال النزع صح في أحد أوجه يظهر ترجيحه لأن النزع ليس بجماع. (ويجب به) أي الجماع المفسد لحج أو عمرة على الرجل، (بدنة) بصفة الأضحية، لقضاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم بذلك. وخرج بالجماع المفسد مسألتان: إحداهما أن يجامع في الحج بين التحللين، الثانية: أن يجامع