مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠
مصدر قرن بفتحها. (بأول) غسل (الوجه) لتقترن بأول الفرض كالصلاة وغيرها من العبادات ما عدا الصوم لما مر، فلا يكفي اقترانها بما بعد الوجه قطعا لخلو أول المغسول وجوبا عنها. وأما اقترانها بما قبله من السنن ما عدا الاستنجاء ففيه خلاف ذكره بقوله: (وقيل يكفي) قرنها (بسنة قبله) لأنها من جملة الوضوء. والأصح المنع، إذ المقصود من العبادة أركانها والسنن توابع، أما الاستنجاء فلا يكفي اقترانها به جزما. ومحل الخلاف إذا عزبت قبل غسل الوجه فإن بقيت إلى غسله كفى بل هو أفضل ليثاب على السنن السابقة لأنها إذا خلت عن النية لم يحصل له ثوابها. فإن قيل: من نوى صوم التنفل في أثناء اليوم فإن النية تنعطف على الماضي ويحصل له ثواب جميع اليوم، فلم لا كان هذا كذلك؟ أجيب بأنه لا ارتباط لصحة الوضوء بالسنن المذكورة، فإنه يصح بدونها بخلاف بقية النهار، وأيضا الصوم خصلة واحدة فإذا صح بعضها صح كلها، والوضوء أفعال متفاصلة فالانعطاف فيها أبعد. ولو اقترنت النية بالمضمضة أو الاستنشاق وانغسل معه جزء من الوجه أجزأ وإن عزبت النية بعده، سواء أغسله بنية الوجه وهو ظاهر أم لا لوجوب غسل جزء من الوجه مقرونا بالنية، لكن يجب إعادة غسل الجزء مع الوجه على الأصح في الروضة لوجود الصارف. ولا تجزئ المضمضة ولا الاستنشاق في الشق الأول لعدم تقدمها على غسل الوجه، قاله القاضي مجلي، فالنية لم تقترن بمضمضة ولا استنشاق حقيقة. ولو وجدت النية في أثناء غسل الوجه دون أوله كفت ووجب إعادة المغسول منه قبلها، فوجب قرنها بالأول ليعتد به. ويفهم منه أنه لا يجب استصحاب النية إلى آخر الوضوء، لكن محله في الاستصحاب الذكري، وأما الحكمي، وهو أنه لا ينوي قطعها ولا يأتي بمنافيها كالردة، فواجب كما علم مما مر. (وله تفريقها) أي النية (على أعضائه) أي الوضوء، بأن ينوي عند كل عضو رفع الحدث عنه كما ذكره الرافعي، لأنه يجوز تفريق أفعاله كما سيأتي، فكذلك تفريق النية على أفعاله. وجعل في مشكل الوسيط من صور التفريق أن ينوي رفع الحدث مطلقا عند كل عضو، وتوقف في ذلك ابن الصلاح لأن النية الثانية تتضمن قطع الأولى أي كما في نية الصلاة. قال ابن شهبة: وقد يقال هي مؤكدة ونية الوضوء ليست كنية الصلاة حتى تقطع الثانية الأولى اه‍. وهذا حسن، لكنه ليس من التفريق لأن النية الأولى حصل بها المقصود لجميع الأعضاء.
وهل يقطع النية نوم ممكن؟ وجهان أوجههما لا. والحدث الأصغر لا يحل كل البدن بل أعضاء الوضوء خاصة كما صححه في التحقيق والمجموع، وإنما لم يجز مس المصحف بغيرها لأن شرط الماس أن يكون متطهرا ويرتفع حدث كل عضو بمجرد غسله كما مرت الإشارة إليه. (الثاني) من الفروض: (غسل) ظاهر (وجهه) لقوله تعالى: * (فاغسلوا وجوهكم) * وللاجماع. والمراد بالغسل الانغسال سواء أكان بفعل المتوضئ أم بغيره، وكذا الحكم في سائر الأعضاء. (وهو) طولا (ما بين منابت) شعر (رأسه غالبا، و) تحت (منتهى لحييه) وهما بفتح اللام على المشهور: العظمان اللذان تنبت عليهما الأسنان السفلى. (و) عرضا (ما بين أذنيه) لأن الوجه ما تقع به المواجهة وهي تقع بذلك، وخرج بظاهر داخل الفم والأنف والعين فإنه لا يجب غسل ذلك قطعا، بل ولا يستحب غسل داخل العين، بل صرح بعضهم بالكراهة للضرر. ولكن يجب غسل ذلك إن تنجس، والفرق غلظ النجاسة بدليل أنها تزال عن الشهيد إذا كانت من غير دم الشهادة. أما ماق العين فيغسل بلا خلاف، فإن كان عليه ما يمنع وصول الماء إلى المحل الواجب كالرماص وجب إزالته وغسل ما تحته، وبغالبا الأصلع، وهو من انحسر الشعر عن ناصيته، فإنه لا يلزمه غسلها، وقد نبه في المحرر عليه وأسقطه المصنف، ودخل موضع الغمم كما قال.
(فمنه) أي من الوجه، (موضع الغمم) لحصول المواجهة به، وهو ما ينبت عليه الشعر من الجبهة، والغمم أن يسيل الشعر حتى يضيق الجبهة والقفا، يقال رجل أغم وامرأة غماء، والعرب تذم به وتمدح بالنزع، لأن الغمم يدل على البلادة والجبن والبخل والنزع بضد ذلك. كما قيل: فلا تنكحي إن فرق الله بيننا أغم القفا والوجه ليس بأنزعا بل قوله غالبا لا حاجة إليه كما قاله الإمام، لأن الجبهة ليست منبتا وإن نبت الشعر عليها لعارض، والناصية منبت وإن انحسر
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532